بات مشهد تعطل حافلة وسط الطريق، أو فقدان السائق السيطرة عليها، أو انبعاث الدخان الأسود بشكل كثيف، أو توقيف المواطنين الحافلات وسط الطريق، من المشاهد اليومية والمألوفة لساكنة مدينة فاس، التي تعاني منذ سنوات من تردي النقل الحضري بالمدينة.

ورغم الشكاوى والحوادث المتكررة، لا تزال شركة “سيتي باص” المدبرة للنقل الحضري بالمدينة تقدم نفس الخدمات التي لا ترقى لمستوى تطلعات الساكنة، في ظل عجز المسؤولين المتعاقبين على تسيير شؤون المدينة عن إيجاد الحلول الكفيلة بوقف هذه المشاهد المؤسفة.

ويعيش أسطول حافلات النقل الحضري بفاس تهالكا كبيرا، ينضاف إلى سوء الخدمة، والتأخر الكبير في وصول الحافلات، ما يدفع المواطنين للانتظار لمدة طويلة، وقد تأتي الحافلة مملوءة، ما يضطر سائقها لعدم التوقف.

هذه المشاهد الروتينية وغير المشرفة لصورة العاصمة العلمية، دفعت نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بالمدينة إلى إطلاق حملة إلكترونية تحت وسم “بغينا طوبيسات فاس” للاستنكار والاحتجاج على الأزمة التي طالت دون أن تظهر بوادر انقشاعها.

وتداول النشطاء صورا ومقاطع مصورة للحافلات بالمدينة، مرفوقة بتعاليق تبرز المعاناة اليومية للتلاميذ والطلبة وعموم الساكنة مع حافلات لا تحفظ الكرامة ولا تحترم آدمية الركاب، كونها مجرد قطع خردة تهدد حياة الساكنة، وبات العديد من الأشخاص يطلقون عليها “صناديق الموت”.

وعلى مدى الأيام الماضية، بل ومنذ سنوات، خاض ويخوض الطلبة سواء بالمركب الجامعي ظهر المهراز أو سايس وقفات ومسيرات احتجاجية صوب الشركة تنديدا بسوء الخدمة، وقلة الخطوط، ما يحول دون وصولهم لمحاضراتهم في الوقت، فضلا عن احتجاجات ساكنة أحياء متفرقة من المدينة.

أسامة أوفريد ناشط مدني وسياسي بالمدينة، قال في تصريح لموقع “لكم” إن هذه الحملة هي نتيجة لواقع كارثي ومزر أصبح الفاسيون يعانون منه، خاصة وأنهم معرضون لحوادث في أي لحظة بسبب الحالة الميكانيكية المهترئة للحافلات، فضلا عن الأعطال المتكررة وسط الطرقات ما يعطل حركة السير.

وأشار أوفريد إلى أن العديد من أحياء مدينة فاس دون حافلات فالأسطول غير قادر على تلبية حاجيات الساكنة، التي تضطر في كثير من الأحيان للانتظار لأزيد من ساعة ما يسبب في تعطيل مصالحها.

وإضافة إلى المشاكل الميكانيكية وقلة الحافلات، أبرز الناشط أن هذه الحافلات تغيب فيها الولوجيات للأشخاص في وضعية إعاقة، ولا تراعي للمسنين والنساء الحوامل، ولم تعد الشركة توفر الخطوط المباشرة للطلبة.

هذه المشاكل المتعددة، يضيف المتحدث، هي التي جعلت “الهاشتاغ” ينتشر كالنار في الهشيم، وتتناقله صفحات ونشطاء المدينة، بل تجاوز التفاعل معه الفضاء الرقمي، لينتقل إلى الواقع، بالعديد من الاحتجاجات في عدة خطوط وأحياء.

وفي ظل هذا السخط العام، أكد أوفريد أن الساكنة لا تطالب اليوم سوى بأسطول حقيقي يليق بمدينة فاس وتاريخها في أسرع وقت، وتغطية كل الأحياء، ومعالجة الأزمة، مؤكدا الاستمرار في النضال والترافع بكل الطرق القانونية والاحتجاجات السلمية إلى حين تحقيق المطلب.