وجهت فتيحة شتاتو، رئيسة شبكة ” انجاد ضد عنف النوع”، انتقادات لاذعة للقانون الجنائي المغربي، لأنه قانون تمييزي ضد النساء، وطالبت بمراجعته بشكل شامل لمعالجة العديد من الإشكاليات المجتمعية.

وقالت عضوة  رابطة حقوق النساء أن مشروع قانون 16/10 نص على السماح بالإجهاض في حالات زنى المحارم أو الاغتصاب أو إذا كانت المراة الحامل مختلة عقليا أو في حالة تبوث تشوهات خلقية لدى الجنين.

وأوضحت شتاتو في تصريح لـ”لكم” على هامش ندوة “الحريات الفردية والاجهاض الآمن والعلاقات الجنسية الرضائية بين الراشدين في القانون الجنائي”، أن القانون الجنائي لا يعاقب المرأة المجهضة فقط وإنما حتى مرافقتها، وهذا في حد ذاته أكبر عنف نفسي للمرأة التي تشعر أنها غير مستعدة للأمومة.

وأضافت المتحدثة  أن القانون الجنائي يمنع النساء من حقهن في التصرف في أجسادهن في الوقت الذي لا يوفر لهن الحماية القانونية لأبنائهن بعد ولادتهم وهو ما يتسبب في تزايد ظواهر تشرد وتسول الأطفال المتخلى عنهم.

وأردفت شتاتو أن الزجر القانوني لم ينجح في القضاء أو الحد من الإجهاض، مذكرة بالإحصائيات التي قدمتها الجمعيات الحقوقية في هذا الصدد ومنها “الجمعية المغربية  لمناهضة الإجهاض السري”، التي قالت إن ما يقارب 800 حالة إجهاض سري تجرى يوميا في المغرب، ناهيك عن الحالات التي تلجأ للإجهاض السري الغير الآمن باستعمال مواد سامة وأعشاب وغيرها.

وخلصت الفاعلة الحقوقية إلى أن من حق المغربيات التصرف الكامل في أجسادهن دون وصاية من أحد، وأن المغرب اليوم مجبر على تعديل قوانينه لتتناسب مع المعاهدات الدولية التي صادق عليها، وذلك بسن قوانين تحمي صحة النساء على المستويات النفسية والاجتماعية والاقتصادية.

لجنة الرميد

وفي سياق متصل قالت عضو فيدرالية رابطة حقوق النساء، نبيلة جلال أن قضية الصحفية هاجر الريسوني أعادت النقاش في مواضيع الحريات الفردية والعلاقات الرضائية بين الراشدين والإجهاض، بعدما توقف النقاش بخصوصها إثر تشكيل وزير العدل والحريات في حكومة عبد الإله بنكيران مصطفى الرميد لجنة تضم كبار العلماء التابعين للمجلس العلمي، الى جانب أطباء من وزارة الصحة من أجل إيجاد صيغة لوضع حد للجدل الدائر بشأن تقنين الإجهاض.

من جهته قال عبد المنعم الحريري، محامي بهيئة الدار البيضاء، وعضو “فيدرالية رابطة حقوق الإنسان”، إن القانون الجنائي في المغرب، متجاوز ويعود تاريخ وضعه لحقبة تاريخية تحكمت فيها العقلية الأمنية بسبب الأحداث التي عاشها المغرب سنة 1962 تاريخ وضعه.

وكشف الحريري أن بعض قوانين القانون الجنائي المغربي هلامية، لأنه يخصص فصولا كثيرة لحماية الدولة ومؤسساتها عوض أن يخص الأفراد بنصوص واضحة تسمح بحماية الأفراد وحقوقهم ويضمن سلامتهم وأمنهم، وطالب بتغييره وليس تعديله فقط.

وأضاف أن القانون الجنائي متخلف بالنظر للتطورات التي عرفها المجتمع المغربي منذ 1962 إلى الآن، بحيث أصبحت مسألة الإجهاض شبه متفق عليها بين التيار التقدمي والمحافظ، وحتى بالنسبة للدولة التي تروج لخطاب أنها متوجهة نحو الحداثة والديمقراطية.

ودعا المتحدث في الندوة الوطنية التي نظمتها بعد ظهر يوم الخميس “فدرالية رابطة حقوق النساء”، إلى ملائمة القانون الجنائي مع التشريعات الدولية وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الملحقين به، طما طالب بدسترة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في القانون المنتظر، بمراعاة مبدأ المساواة والكرامة والشرعية، لأنها كفيلة ببلورة قانون شامل لمعالجة كافة أشكال العنف ضد النساء ومن ضمنها العنف التشريعي المجرم للإجهاض الطبي.

وطالب الحريري برفع جميع أشكال القيود عن الإجهاض الطبي عبر إلغاء جميع أصناف الوصاية على القرار والخيار الحر والخاص للمرأة كمعنية أولى، وكذا عبر تقليص إجراءات الوصاية الإدارية، وحصر شروط الإجهاض الطبي في إرادة الحامل وفي إجرائه تحت إشراف طبيب مختص.

قوانين في خدمة الرجل

بدورها نزهة الصقلي الوزيرة السابقة للمرأة والتضامن، أكدت في تصريح لـ”لكم”، أن الدولة مجبرة ، بقوة الدستور ، في حالة الاغتصاب أو العنف الذي تتعرض له النساء، أن تحافظ على حميمية الحياة الخاصة للمغاربة.

وقالت الصقلي إن الدولة غير مسؤولة عن ما يجري داخل الغرف المغلقة أو عن العلاقات الرضائية بين الراشدين، مشيرة إلى أن فصول القانون الجنائي مجحفة في حق النساء لأنها مناهضة لحقوقهن ومعمولة لخدمة الرجل.