قال النقيب السابق للمحامين بالقنيطرة، عبد الرحيم الجامعي، أن الراحل الحقوقي والنقيب عبد الرحيم برادة، أسسَ مفهوم الاعتقال السياسي في المغرب، وكشفَ كيف تُطبخ الملفات السياسية التي يجري فيها اعتقال الصحافيين والمناضلين والكتاب وأحيانا حتى الفنانون وهو من كشفَ “لعبة محاضر الشرطة” خلال فترات عصيبة بالمغرب، خصوصا أثناء المحاكمات الشهيرة بـ”محاكمة مراكش” سنة 1971.

وجاءَ حديث النقيب عبد الرحيم الجامعي، خلال الندوة التي نُظمت مساء يوم الثلاثاء، بالمقر المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط، إحياءا للذكرى الثانية لرحيل النقيب والحقوقي عبد الرحيم برادة، والتي شارك فيها نجله، ياسين برادة، وعدد من معارفه.

وذكر الجامعي، أنه منذ القرن 19، برزت أسماء عدد كبير من المحامين الذين واكبوا قضايا الاعتقال السياسي، كالمحامي الفرنسي ماكسميليان روبسبيار، بينما في المغرب برز عندنا عبد الرحيم برادة، الذي عاشَ أدق الفترات السياسية والمحاكمات السياسية في المغرب، كان على سبيل المثال منها محاكمة مراكش سنة 1971.

وقال الجامعي إنه من خلال عبد الرحيم برادة، عرفنا معنى الاعتقال السياسي، إذ كان برادة يطرحه أمام من صنعوا المحكمات السياسية بوجه مكشوف، معتبرا أن المحاكمة السياسية هي اللحظة التي يتم فيها اكتشاف الخصم الحقيقي للوطن وللعدالة وللقضاء ولروح القانون.

ومضى الجامعي قائلا: إن المحاكمات السياسية، كالتي تعرض لها الصحفي توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني، ومحاكمات كل المعتقلين السياسيين عبر التاريخ تؤكد أن الدولة بمؤسساتها وأجهزتها وهم من خرجوا عن طاعة القانون، وأن هذه المحاكمات تفضح باقي المتدخلين كالإعلام العمومي وغيرها من المؤسسات الرسمية وأنها أيضًا تكشف مفارقات القضاء والنيابة العامة وكل قضاة الحكم.

وخلصَ النقيب الجامعي، أن من بين أبرز ما كشفه الراحل عبد الرحيم برادة، شهادته التي كشفت كيف تم تهريب المتهمون الحقيقيون في ملف عمر بنجلون، وساهم برادة في كشف خبايا المحاضر، التي كانت عبارة عن جملة من التناقضات يسقط فيها النظام أنداك وتسقط فيها العدالة.

وفي قضية المهدي بن بركة، يقول النقيب الجامعي، إن المحاضر التي اطلع عليها الراحل عبد الرحيم برادة، نجد أنه من خلالها أننا أمام جريمة مركبة، وفي نهاية المطاف، يُضيف الجامعي أن توصيات الإنصاف والمصالحة أعطت مصداقية لمواقف برادة في قضايا الاعتقال السياسي.

وذكر الجامعي في هذا الصدد أن مرافعات عبد الرحيم برادة رفعت اللبس حول أولئك الذين يقولون إن من يقول بوجود الاعتقال السياسي، لهم أجندات خارجية ضد المغرب وهم من أعداءه فقط، إذ أن برادة اسقط هذا الطرح، وأطلق مسار التأمل في الاعتقال السياسي ببلادنا، وأطلق معنى للمحاكمة العادلة.

ودعا النقيب عبد الرحيم الجامعي، إلى ضرورة إخراج مؤسسة عبد الرحيم برادة، رفقة كبار الحقوقيين ومعارفه وعائلته، وأن يتقلد مهامها من يرى نفسه على عهد عبد الرحيم برادة.

أما نجل المحتفى به، ياسين برادة، فقد ختم مداخلة النقيب الجامعي، بقوله إن والده كان يهتم كثيرا بتفاصيل ملفات المعتقلين السياسيين، وكان أيضًا، مهتم بأسلوب الدفاع بشكل مفصل وتقني.

ورحل برادة عن دنيا الناس في 20 فبراير من عام 2022، عن عمر ناهز 84 سنة، عقب مسار ترافع فيه في قضايا سياسية بالدرجة الأولى، تتقدمها محاكمة “مراكش” الشهيرة، ومحاكمات معتقلي الحركات الماركسية بالمغرب.

وإلى جانب المعتقلين السياسيين، قاد الرجل دفاع الأمير هشام ضد القيادي الاتحادي عبد الهادي خيرات، كما تحرك كثيرا ضمن أنشطة الجمعيات الحقوقية، وعرف بدفاعه الشرس عن قيم العلمانية وإصداره كتاب “من أجل مغرب علماني”.