قال محمد الطوزي الأستاذ الباحث في الاجتماع إن العلاقة بين الزمن السياسي والزمن الإعلامي هي علاقة تفاعل وتقاطب وتجادب، وتبقى محكومة بالتشنج والتعاون كذلك.

وأضاف الطوزي الذي ألقى درسا افتتاحيا اليوم الثلاثاء، بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، بعنوان” الزمن السياسي والزمن الإعلامي: تجاذبات وتفاعلات”، أن عنصر التحكم والضبط يكون أيضا حاضرا في العلاقة ما بين الزمنين الإعلامي والسياسي.

وأشار أنه بالعودة للتاريخ يظهر أن التحول الكبير الذي عرفته الإنسانية هو تسارع الزمن كإنتاج اجتماعي حتى إذا كان يحمل بعدا جيوفزيائيا، لافتا إلا أن الزمن كإنتاج اجتماعي كان محكوما بالمواسم الزراعية والمواسم السياسية أيضا.

وأكد الطوزي أن الزمن في الأنظمة التعددية يظهر في عدة محطات وعلى رأسها الانتخابات، ذلك أن المنظومة القانونية المؤسسة للزمن السياسي تتحدث عن مدة الانتداب والدورات البرلمانية والخطب السياسية.

وأبرز أنه في الأنظمة الشمولية يكون الإعلام في الأصل على شكل دعاية، لكن يبقى الزمن دائما في قلب اللعبة السياسية كيف ما كانت نوعية السلطة.

وأبرز أنه في الأنظمة التعددية يظهر كأجندة سياسية وانتخابية، ومن خلال الفترات الانتدابية، ويظهر كذلك في الأنظمة الشمولية، فمثلا عندما انتهت المدة الانتدابية للرئيس الصيني عمد الحزب الشيوعي إلى التمديد له من جديد، ونفس الأمر بالنسبة لروسيا التي ظل رئيسها فلادمير بوتين يتناوب على السلطة مع ديمتري ديفيد عبر أزمنة انتخابية كثيرة.

وأكد أنه في الديمقراطيات التمثيلية يكون الزمن عنصرا أساسيا في اللعبة السياسية.

وأشار أنه في الحالة المغربية، ينبغي التفريق بين الزمن السياسي بالنسبة للمؤسسة الملكية والذي يبقى طويلا، إذا ما قورن بالزمن السياسي للحكومة، والذي يكون مرتبطا بالانتخابات.

وتطرق الطوزي لدور الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، التي لعبت دورا أساسيا في تقسيم الزمن الإعلامي بين الفاعلين السياسيين خاصة في فترة الانتخابات.

وأوضح أن العلاقة بين الإعلام والسياسة تظهر أيضا في السياسات العمومية، ففي كثير من الأحيان يخلق الإعلام حالة استعجال، وتمثلات أزمة معينة، وفي هذا الباب يؤثر جدا في العمل السياسي وفي السياسات العمومية.

وأكد أنه رغم ذلك تبقى السياسة العمومية محكومة بأزمة أخرى، مثل زمن التصميم، والإنتاج، والتطبيق، وزمن التقييم.

وتحدث الطوزي في محاضرته عن التلفزة كعنصر مستقطب للاهتمام وعن علاقتها الوطيدة بإنتاج رجل السياسة، والمعايير المحددة لرجل السياسة المثالي، فثلا من خلال التلفزيون يمكن أن نفهم لماذا أصبح دونالد ريغان رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، ونفس الأمر بالنسبة لجون كنيدي.

وتابع ” أنه من خلال التلفزة تظهر الصراعات السياسية، ومن خلالها تبرز العديد من القواميس، كقاموس الحرب والصدام، مما يخلق عنصر الفرجة”.

وأشار أنه كم من مرشح سياسي خسر الانتخابات بسبب المناظرات التي تعرض على التلفزيون، ضاربا المثل بآخر انتخابات شهدتها فرنسا بين إيمانويل ماكرون ومارين لوبين، وحتى بين دونالد ترامب وجو بايدن.

وشدد الطوزي على أن الإعلام الرقمي هو إنتاج عصامي متاح للعموم، أدى إلى تسريع الزمن السياسي لأنه يخلق ضغطا كبيرا.

وأكد أن التحولات الرقمية لا تلغي دور السياسي ولا الإعلامي، بل تفرض عليهما إكراهات جديدة.

وأبرز أنه بسبب الإعلام الرقمي أصبح الرد السياسي مستعجلا، لكن المتلقي اليوم يحتاج إلى المعلومة الصحيحة وإلى التحليل وهذا يحيل على المرجعيات الأخلاقية والتقنية للإعلام الرقمي، وعلى ضرورة أن يقوم المهنيون بالضبط الذاتي للمهنة.