قال حسن أوريد، الكاتب ومؤرخ المملكة والناطق باسم القصر الملكي السابق، إنَّ الظرفية الراهنة تتطلب مصالحة سياسية، ولا يمكن تدبير هذه الوضعية فقط من خلال مقاربة حقوقية أو تكنوقراطية أو أمنية، مشيرًا إلى أنه لابد من معالجة سياسية لكل الملفات، بما فيها  قضية معتقلي الرأي ومعتقلي “حراك الريف”.

وذكر أوريد خلال حديثه ضمن الندوة التفاعلية الثالثة التي نظمها موقع “لكم” الخميس، أن بعض الأصوات تُريدنا أن نعتقد أن متابعة سليمان الريسوني وعمر الراضي بتهم بعيدة عن الصحافة هي محاكمة عادية، إلا أن تصديقنا ذلك سيجعلنا من السدج من خلال أن نصدق رواية تقول إن متابعتهم عادية بتهم لا علاقة لها بالرأي والصحافة.

وقال أوريد في هذا الصدد “إنَّ الصحافي والناشط هما جزء من المجتمع ويتفاعلان مع المجتمع، لذلك عوض أن ننظر إلى الأعراض ينبغي ان ننظر إلى الأسباب التي تدفع المحتجين للخروج للاحتجاج والتي تدفع الصحافي إلى الانتقاد”.

وتابع قوله: “الصحافي في نهاية المطاف لا يزيد إلا أن ينقل ما يوجد في الواقع أو يعبر كلسان حال عما يعتمل في المجتمع، لذلك، ينبغي النظر إلى الأسباب العميقة التي تجعل هذا الصحافي أو ذاك، يطرح قضايا قد تبدو مزعجة، وأضاف ” يمكن طبعا، اسكات شخص أو عدة أشخاص، ولكن لا يمكن اسكات كل الاشخاص مادام أن هناك معطيات موضوعية”.

الصحافي متهم إلى أن يتبث العكس

وأوضحَ أوريد أن “الدولة الحديثة تقوم على مؤسسات وعلى قضاء مستقل، وهذا شيء مهم جدًا، حيث لا أحد ينادي بقضاء مجحف، ومن مميزات الدولة الحديثة أن يكون القضاء مستقل، وأن تكون لها كذلك صحافة حرة باعتبارها جزء أساسي من المجتمع الحديث، مهما كانت عيوبها، ولكن مزاياها أسمى من عيوبها وهي اداة اقتراحية، وسلطة رابعة كما يقال”.

وزاد أوريد موضحًا: “يبدو لي للأسف الشديد، أنه لم تعد لدينا صحافة، أو على الأقل تبدو الصحافة الجادة والهادفة في محنة وأزمة، حيث اغلقت جرائد وتمت متابعة صحافيين، وهذا للأسف هوَ واقع الحال”.

وبخصوص “المتابعات التي طالت العديد من الصحافيين، قال أوريد إن الصحافي ليسَ أسمى من القانون، وهو مواطن يجري عليه ما يجري على كافة المواطنين، وليس له أيَّ وضع اعتباري، ولكن لا يجوز أن يكون أدنى من القانون، وأن تجري عليه القواعد التي تجري على كافة المواطنين، وأول قاعدة، هي احترام قرينة البراءة، باعتبار أن كل شخص بريء إلى أن تثبت ادانته، والحال أنه يجري التعامل مع حاملي الأقلام وأصحاب الرأي على أساس أنهم متهمون إلى أن يثبت العكس وهذا وضع غير صحيح”.

وذكر أوريد أن “الحالة التي نعيشها، هي أن هناك مجموعة من الصحافيين إما صدرت في حقهم أحكام أو تنتظرهم أحكام، وما يسعنا إلى أن نقول أن القانون ينبغي أن يُطبق في إطار قضاء عادل، أو محاكمة عادلة لا تٌجحف حقوق المدعين ولا حقوق المدعى عليهم، فهذا هو المبدأ”.

وفي حالة سليمان الريسوني وعمر الراضي، قال أوريد: “كانَ من المفترض تغليب قرينة البراءة وأن يُتابعا في حالة سراح مع ضمان محاكمة عادلة لهما، باعتبار أن هناك شكاية، لكن الذي يطرح الأن، ليس القضية في حد ذاتها، فقد وصلنا الأن أمام وضع أخر، هناك شخص يخوض اضراب عن الطعام تجاوز 30 يوما مع ما قد يترتب عن ذلك حول حياته ومخلفات على وضعه الجسدي، أو بالنسبة لزميله الذي أوقفَ الاضراب بالنظر لوضعه الصحي”.

لا نطلب مستحيل من أحد

وتساءل أوريد “هل نستطيع، كمجتمع وكدولة كانت واعدة فيما يخص حرية التعبير، وحرية الصحافة، وحقوق الإنسان أن نتحمل عبء الكارثة إذا ما قدر الله بخصوص الإضراب عن الطعام بالنسبة لسليمان الريسوني، ينبغي أن نستحضر ذلك، والعريضة التي وقعها مثقفون وسياسيون وازنون من مختلف الأطياف، ليس لهم أيَّ ضغينة ضد مؤسسات الدولة، بل بالعكس هاجسهم هو وحدة هذه البلاد والتفافها، وكان مطلبهم محاكمة عادلة وغير مجحفة، ليس من أجل اعتبارات معينة او صداقات بل من أجل البلد فهل نطلب مستحيلا من أحد؟”.

وختم أوريد، أنه في جميع الحالات لابد من حل سياسي وانفراج فيما يخص معتقلي الرأي ومعتقلي الريف، وفيما يخص معتقلي الريف، اعتبر أوريد هذا الملف معقد وعميق، ويرخي بظله على كل الأجواء وله عدة مضاعفات، وكما ينطلق الصحافيون من قضايا موضوعية، فذلك نفس الشيء بالنسبة لمعتقلي الريف، حيث لم يخرجوا من تلقاء أنفسهم فقط للتظاهر، بل هناك معطيات منذ 2009 ونوع من التنميط من خلال اشخاص معينين، وتهميش مؤسسات الدولة، فهذا الذي أدى إلى حراك الريف، وفي النهاية الحل والعلاج ممكن أن يكون، ولكن البداية يجب أن تكون من خلال انفراج سياسي ومقاربة سياسية”.