أكد شفيق الشرايبي، رئيس الجمعية المغربية لمناهضة الإجهاض السري، أنه كطبيب نساء يتلقى حالات مأساوية لنساء قمن بإجهاض  في ظروف لا إنسانية، كما أن بعضهن وخوفا من جرائم الشرف أقدمن على الانتحار، حيث سجلت بهذا الخصوص حالتين للانتحار بكل من طنجة ووجدة.

وأوضح الشرايبي، الذي كان يتحدث في ندوة حول “الإجهاض” بجامعة محمد السادس لعلوم الصحة، بالدار البيضاء، في بداية تدخله بأنه لا يحب استعمال كلمة الإجهاض وأنه يفضّل استعمال عبارة  “الإيقاف الآمن للحمل”.

الشرايبي: 800 حالة إجهاض سري يوميا في المغرب

وكشف الشرايبي بأن 800 سيدة  حامل تجري يوميا إجهاضا سريا من قبل أطباء، ومن بينهن من لا تتوفر على إمكانيات فتضطر إلى الإجهاض بطرق تقليدية، موضحا أنه يَستقبل حالات لا يمكنه كطبيب القبول بها، لأن صاحباتها يعانين من مضاعفات الإجهاض غير الآمن،  هذا ناهيك عن تشريدهن بعد طردهم من بيت الأسرة.

وأوضح الشرايبي أن الإجهاض السري يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على صحة المرأة  كالنزيف وتمزق الجهاز التناسلي، التسممات وأحيانا الوفاة.

ووقف الشرايبي عند التداعيات الاجتماعية للإجهاض السري، مؤكدا أن له تداعيات كبيرة بسبب تزايد نسب الأطفال المتخلى عنهم، والذين يشكلون تهديدا حقيقيا للمجتمع  وكذا عدد الأمهات اللواتي يقتلن مواليدهن بعد الولادة أو يرمينهم في الشوارع.

وقال الأستاذ الجامعي في كلية الطب، أن 95 في المائة من الدول المتقدمة التي تسمح  بالإجهاض لديها أقل نسب لأنها بموازاة التقنين يتم التحسيس بضرورة الوقاية، في حين أن  5 في المائة من الدول التي لم تستطع تقنين الإجهاض تسجل نسبا مهولة  في عمليات الإجهاض بشكل يومي.

أبوحفص: خلاف المذاهب

بدوره استحضر أبو حفص رفيقي مفهوم الإجهاض في العلوم الشرعية، موضحا أن هناك فرقا بين القيم الدينية والقيم المجتمعية، وداعيا إلى التفريق بينهما لأن القيم المجتمعية  متحولة، بينما القيم الدينية عبارة عن مقدسات غير قابلة للتغيير وهي واضحة والنقاش فيها محسوم.

وقال المتحدث إن موضوع الحريات الفردية  بشكل عام والإجهاض  بشكل خاص لم تحسم فيها المذاهب، إذ هناك خلاف بين المذاهب حول هذا الموضوع.

وقال أبو حفص إن طائفة من المذهب المالكي الذي يعتبر أكثر المذاهب تشددا تقول إن الحمل خارج مؤسسة الزواج يفرض إسقاطه خوفا من الفضيحة ومن تداعياتها الاجتماعية، موضحا أن الخلاف بين الفقهاء حدث أيضا في توقيته هل يجوز القيام به فبل أربعين يوما أو أربعة أشهر، إذ يؤكد  المذهب الحنبلي مثلا على إمكانية إجرائه قبل مرور أربعين يوما من الحمل.

وأردف أبو حفص أن الفقه الذي نتكلم عنه أٌنتج في ظروف لم نكن نعرف فيها هل الروح تنفخ في أربعين يوم أو أربعة أشهر ، وهل هي روح أو حياة كاملة، لأن الفقهاء لا يحكمون للجنين المتوفى ولا يسمح  له بالوصية أو الارث ولا تتم الصلاة عليه، وبالتالي نقول ازهاق للروح.

وأشار أبو حفص إلى أن تطور الطب مكننا من معرفة حياة الجنين من الشهر الأول، لكن الفقهاء اختلفوا حول إن كانت حياة الجنين تعني الروح  التي تعتبر سر من أسرار  الله وحده يعلم  بوجودها.

وأدان أبو حفص القانون الجنائي الذي يحمل المرأة وحدها تبعات الحمل خارج الزواج لأنه لا يسمح لها بالإجهاض ولا يسمح لها بإثبات أبوة جنينها عن طريق إجراء الحمض النووي أو استخدام البصمة الوراثية.

المهدي بنسعيد: كنت خارجا عن القانون

من جانبه دعا المهدي بنسعيد، البرلماني السابق عن حزب “الأصالة والمعاصرة”، إلى إشراك المغاربة في النقاش حول الإجهاض،  معتبرا أن الحل يكمن في تعزيز الوقاية وتشجيع الثقافة الجنسية، وطرق منع الحمل الفعالة،  وتسريع وتيرة مصادقة البرلمان على مشروع قانون يوسع الحالات التي يسمح فيها بالإهانة القانون، خاصة وأن القانون الحالي لا يسمح بالإجهاض إلا إذا كان الحمل يشكل خطرا على صحة المرأة الحامل.

واعترف بنسعيد بأنه كان خارج القانون لأنه كان على علاقة بزوجته لأزيد من ثلاث سنوات بدون زواج شرعي، مشيرا أن الأحزاب والمجتمع المدني والدولة مدعوة لتغيير القوانين لتستجيب للحياة المعاصرة للمغاربة.

نبيلة منيب: كفى من الجهل المقدس

وعلى خطى بنسعيد قالت نبيلة منيب الأمينة العامة لحزب “الاشتراكي الموحد”، أنها من المدافعات عن الأسرة لكنها تؤمن باحترام الحريات الفردية ، معتبرة أنه حق أي سيدة أن تقول لا أريد هذا الحمل.

لكنها أدرفت، إننا نعيش في مجتمع يقدس ما أسمته “الجهل المقدس في الدين والجهل المؤدب في المدارس والمجتمع”، وأيضا لأننا نعيش في مجتمع ذكوري متخلف على جميع المستويات.

وقالت منيب إنها تنتظر تفعيل المغرب للمعاهدات الدولية المدافعة عن المساواة، لأنها تتذكر معركة المغربيات من أجل جمع مليون توقيع لتغيير مدونة الأسرة، حيث قررنا تنظيم مسيرة بالرباط فجاء الرد من قبل التيار المحافظ الذي نظم مسيرة أخرى بالدار البيضاء، موضحة أن مطالب كلتا المسيرتين أبرزت القضية الخلافية داخل المجتمع وعنوانها الأكبر صراع من يدافع عن الحريات والكرامة الاجتماعية والمساواة، ومن ينادي بـ “أخونة” الدولة والمجتمع من خلال رفع شعارات من قبيل: “النساء شقائق الرجال”.. وغيرها.

رشيد عشاشي: الإجهاض قضية مفتعلة

وعلى خلاف الآراء السالفة كان رشيد عشاشي، الباحث الاقتصادي، الصوت النشاز في الندوة إذ اعتبر مشاكل المغرب الاقتصادية وانتشار ما أسماه الحكرة الاقتصادية والريع، أولى بالنقاش من طرح قضية الإجهاض في الوقت الراهن، الأمر الذي جر عليه غضب الحاضرين من مناصري الإجهاض.

ورفض عشاشي وصفه بـ “الداعشي” من قبل بعض المتدخلين داعيا إياهم إلى عدم الشعور بالغرور لأنهم عبارة عن أقلية مجتمعية؛ لأن المغاربة مسلمين يؤمنون بحرمة قتل أولادهم خشية الفقر لأن الله هو الرازق.

وقال المتحدث في تصريح لـموقع “لكم “، على هامش مشاركته في ندوة جامعة محمد السادس لعلوم الصحة بالدار البيضاء، حول موضوع الإجهاض،إن مشكلة المغرب هي معاناته من صراع الحداثيين والسلفيين في حين يجب التفكير في نموذج مغربي بإسلام وفكر وهوية مغربية.

وأضاف أن قضية الإجهاض هي خادعة لإخفاء مشاكل حقيقية من قبل دعاة المشروع الحداثي الذي لا يكشف عن حقيقته بطريقة شفافة وواضحة، معتبرا أن الأمر يتعلق  بحرب معلنة على المقاربة الدينية للمجتمع، تحت قناع الحقوق والمساواة والمرأة.

وأردف أن معركة الفكر المغربي واستعادة سيادته من دعاة الفكر الاستعماري الجديد الذين يخوض حربا غير معلنة على ثقافتنا وديننا وقيمنا المجتمعية.

نبيل بنعبد الله: القطع مع الإزدواجية

من جهته قال نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب “التقدم والاشتراكية”، الذي كان أحد منشطي البدورة،  في تصريح لموقع “لكم”، إن المجتمع المغربي مدعو للقطع مع الازدواجية التي يعيشها، لأن هناك واقع لا يرتفع عن ممارسات موجودة فيه ومنها الإجهاض دون السقوط في انحرافات.

وأضاف أن الشرط الأول الذي وضعه حزبه للدخول مع حزب “العدالة والتنمية” في الحكومة هو عدم المس بالحريات الفردية والجماعية، وليس هناك دليل على أن هناك تراجع على الحريات الفردية، كما أنه ليس هناك تقدم باستثناء بعض القضايا كقانون الخادمات الذي قدمه حزبنا وقوانين الصحة التي تقدم خدمات اجتماعية.

وكشف بنعبد الله أن القانون الجنائي بقي معلقا بسبب قوى سياسية أخرى وهي غير مرتبطة بـ “العدالة والتنمية”، فقط وإنما أحزاب أخرى تدعي الحداثة والديمقراطية؛ تقاوم كل ما له علاقة بالحريات الفردية والجماعية.