قال عبد الرحمان بلمامون، المتخصص في الصحة العامة وعلم الأوبئة، إن الحق في الصحة واسع يشمل عددا من الحقوق، فإضافة إلى توفير خدمات صحية، ينبغي ضمان ظروف عمل آمنة، وضمان الحق في سكن ملائم، وتغذية جيدة، وتوفير المعلومات الصحية، وضمان الوصول للمرفق الصحي، إذ لا معنى لوجود خدمات صحية إذا كان المواطن عاجزا عن الوصول إليها جغرافيا وماديا.

وأكد المدير السابق لمديرية الأوبئة خلال لقاء نظمه منتدى المواطنة أن ضمان الحق في الصحة يبدأ بالتنصيص الدستوري والقانوني لكن الأهم هو تنزيل هذه النصوص وتفعيلها، وهنا تكمن مسؤولية الدولة، والهيئات المنتخبة، ومن بينها الجماعات المحلية، والعمال والولاة، فالوالي هو الذي يترأس إعداد العرض الصحي في جهته، والعمال هم الذين يترأسون لجان اليقظة الصحية.

وأشار إلى أن مسؤولية الحق في الصحة تتقاسمها عدد من الجهات وليس فقط وزارة الصحة، فوزارة الفلاحة لها أيضا دور كبير، لأنها هي المكلفة بصحة الحيوانات، وهناك تفاعل كبير بين صحة الإنسان والحيوانات، إذ إن أعظم الأزمات الصحية التي يعيشها العالم منذ سنوات أصلها حيواني بما في ذلك كورونا.

وبذلك، فمسؤولية وزارة الفلاحة كبيرة جدا، لأنها تشرف على صحة الحيوان، وعلى سلامة المواد الفلاحية، التي يستهلكها المواطنون، والتي ينبغي ألا تكون مضرة بالصحة، فضلا عن قطاعات أخرى كقطاع الماء والبيئة وغيرها، فالصحة تتفاعل مع العديد من المحددات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وأبرز الأخصائي في الصحة العامة، أن الحق في الصحة يقتضي أربع عناصر مهمة، أولها توفر الخدمات الصحية التي لا معنى لها إذا تعطل الوصول إليها، إذ نلاحظ في عدد من القرى وأطراف البلاد أن الخدمة الصحية بعيدة عن المواطنين بأكثر من 10 كيلومترات، فضلا عن صعوبة الولوج المادية، والجانب المالي يدفع للحديث عن التغطية الصحية الشاملة، وقد أبان نظام “رميد” عن ضعف كبير، وينبغي إعادة النظر فيه ليمكن للفئات الفقيرة من الوصول للصحة.

وثاني العناصر هو المقبولية التي ترتبط بأخلاقيات المهنة واحترام المتطلبات الجنسين، ثم الجودة، التي تظل أساسية، وينبغي للحق في الصحة أن يرتبط بالمساواة ومساءلة كل وظائف المنظومة الصحية.

كما أكد المتحدث على الإدارة الصحية والحكامة التي ترتكز على التخطيط والشفافية، وضرورة التوفر على سياسة صحية، فضلا عن تمويل المنظومة الصحية، وهي وظيفة مهمة جدا، تتطلب النظر في التغطية الصحية الشاملة، خصوصا لذوي الدخل المحدود أو المنعدم.

وأبرز بلمامون الدور الكبير الذي يلعبه صنع شغيلة صحية ذات كفاءة، وتجيب عن الأسئلة الكبرى، مبرزا الخصاص الكبير الذي يعانيه المغرب من ضعف الأطباء والممرضين.

وأشار إلى ضرورة العمل تطوير صناعة الأدوية والمستلزمات الطبية واللقاحات بالمغرب، خاصة مع توفر الظروف المواتية لذلك، والعمل على وضع نظام معلوماتي، لتجاوز الأساليب التقليدية التي نشتغل بها، وتطويرها وعصرنة المنظومة، إذ إن المغرب لا يزال عليه أن يكثف الجهود للرقي بالصحة إلى طموح المواطنين.