بدأ سكان الجماعة القروية “سيدي محمد التيجي” ضواحي آسفي يحصون خسائرهم سريعًا بعدمَا اكتسح الجفاف المنطقة وضرب العطش أرجاء القرية التي تبعد عن مدينة آسفي بحوالي 40 كيلومترًا.

تنام هذه القرية الفقيرة التي تضم 18 ألف نسمة، وفقًا لإحصاء المندوبية السامية للتخطيط في 2004 ، في هدوء تام وبين ثنايا جبالها على أكبر مخزون من احتياطي الجبس في إفريقيا بلغَ 6,5 مليار طن يتمركز في عدة مقالع ضخمة بدأت تنهش جبال القرية تدريجيًا منذ أعوام مضت.

وتعود ملكية استغلال هذه المقالع لشركات ضخمة وأخرى متعددة الجنسيات تابعة لهودينغات معروفة ولشخصيات مشهورة ممتدة على طول الطريق حتى آسفي.

وفي دوار “الكرارمة” الذي زاره موقع “لكم” لم يجد سكان منطقته ما يسدون به رمقهم، ويقطعون أزيد من 6 كيلومترات مشيًا على الأقدام أو فوق دوابهم لجلب بضع لترات من الماء، حيث يوجد أحد الآبار الخاصة ويبلغ سعر بيع اللتر من الماء درهمين، وعشرة دراهم مقابل قارورة ماء سعتها 5 ليترات.

وقال سكان المنطقة في تصريحات متطابقة لموقع “لكم” إنَّ مواشيهم بدأت في النفوق، وتزامن العطش الضارب مع موجة حر غير مسبوقة تشهدها البلاد ونفاذ مخزون المياه المخبئة في الصهاريج و”نطافي”.

وأمام هذا الوضع، كشفت معطيات ذات صلة، أنَّ رئيس الجماعة عن حزب “الاصالة والمعاصرة”، قادَ مساع لتوفير المياه في مختلف الدواوير بقريته، لكن سكان مجموعة من الدواوير في تصريحات لموقع “لكم” يتهمونه بعدم الإنصات للسكان ويشتكون غيابه الدائم عن مقر الجماعة.

ونقل مصدر من جماعة “سيدي تيجي” أنَّ مشروع إيصال الماء الصالح للشرب لبعض الدواوير برمجت له ميزانية وجرى تنفيذه في بعض المناطق التي تخضع لسيطرة ونفوذ بعض المنتخبين فيما جرى إقصاء الدواوير المعارضة لرئيس الجماعة، وذكر أيضًا أنّ هناك مشروع متوقف إلى حدود اليوم كلف ملايين الدراهم يتعلق بـ “سقايات” وآبار دشنت سنة 2014، واختفت عن الوجود.

وكان رئيس الجماعة “منير المسقي” قد انتخب في الانتخابات الجماعية عام 2009، واعتبر أنداك أصغر رئيس جماعة في المغرب، ويقول منتخبين من الجماعة ذاتها، إنَّ تواجد مقالع الجبس والشركات الضخمة في تراب الجماعة سببوا كساد غير مسبوق في البنيات التحتية والطرق، وفي مقابل ذلك، لم يعبدوا هذه الطرقات والمسالك الرئيسية، كما أنهم لا يساهمون في التنمية المحلية رغمَ اداء هذه المصانع الضرائب لصالح الجماعة والتي تبقى غير كافية، فيما تُعتبر “قرية سيدي التيجي” من ضمن أفقر الجماعات في المغرب وتعيش على هامش التنمية.

وبفعل تدهور الطرقات وغياب الماء الصالح للشرب والكساد المعلن في الجماعة، تظاهر المئات من سكان القرية قبل شهور ضد رئيس الجماعة المذكور، غير أن أهالي المنطقة وجدوا أنفسهم أنداك في اشتباكات بين المتظاهرين وأشخاص مجهولين.

وقال مجموعة من السكان في تصريحات متباينة لموقع “لكم” إنهم باتوا يتخوفون اليوم من الاحتجاج ضد الرئيس، ويشعرون بنوع من الخوف والريبة، ووفقًا لمراسلة بعثها فاعلون مدنيون للديوان الملكي تشكي الأوضاع بجماعة “سيدي تيجي” فإنّ المسالك الطرقية كشفت حجم الإهمال الذي تُعانيه المنطقة، ومازال السكان القرويون يضطرون للتنقل على الدواب والعربات المجرورة، كما أنّ دواوير أصبحت قاحلة بسبب تناثر غبار مقالع “الجبس” وتضرر الحقول الزراعية.