يعتبر زكي بادو من خيرة الحراس الذين أنجبتهم البطولة المغربية، بعدما استطاع في وقت وجيز لفت الأنظار إليه بالمغرب، قبل الاحتراف في مايوركا الإسباني الذي صنع لنفسه اسما خاصا داخله، بالموازاة مع حضوره القوي في عرين أسود الأطلس.

من ملاعب الأحياء التي كانت مجالا خصبا لتفريخ النجوم، ومجاورة عمالقة الكرة ببلاد الإسبان، للتألق بقميص “أسود الأطلس” حارسا ومدربا، كلها مشاهد رافقت مسيرة واحد من نجوم العصر الذهبي للكرة المغربية.

من “الفرشي” إلى جمعية سلا

ولد زكي بادو في 2 أبريل 1959 بمدينة سيدي قاسم، في الوقت الذي سماه خاله على الممثل المصري زكي رستم عملاق الشاشة آنذاك، قبل أن يكبر ويشتد عوده وسط عائلة كروية، قررت ترك مسكنها لترحل لمدينة سلا، حيث ترعرع وتعلق حبه بكرة القدم.

عكس باقي أقرانه الذين كانوا يميلون لمداعبة الكرة بالأقدام، كان زكي وهو طفل يعشق الوقوف في المرمى، ويطلب من باقي أصدقائه التناوب في التسديد صوبه، حيث كان يقضي وقتا كبيرا بين ملاعب الأحياء وهو مراهق، يبرز مؤهلاته ويستعرض إمكانياته التي صقلها من كثرة حرصه على متابعة الدوريات الرمضانية، التي كان يستضيفها ملعب “الفرشي” بسلا ، الذي كان واحدا من المعاقل التي شهدت بزوغ نجم العديد من المواهب الكروية.

ابتعد زاكي عن اللعب في الأحياء، بعدما استقطبه فريق جمعية سلا، الذي قضى رفقته عامين مابين 1976 و1978، ليواصل الحارس حضوره القوي، وتصل شهرته للعديد من المدن المغربية، ما جعل أكثر من فريق يفكر في ضمه قبل أن يحضر مسؤولون من الوداد البيضاوي ويقطعوا الطريق على الجميع والظفر بإسم الحارس الذي استمات في الدفاع عن ألوان الفريق الأحمر، حيث قضى معه 8 سنوات، قبل معانقة الاحتراف الأوروبي.

في رحاب مايوركا

لم يمر تألق زكي بادو مع الوداد البيضاوي، دون أن يحظى بشرف تمثيل المنتخب المغربي الذي خاض معه نهائيات كأس العالم بالمكسيك سنة 1986، مع الجيل الذهبي للكرة المغربية.

حنكة الحارس الذي اشتهر بطوله الفارع، وقوته البدنية وكذلك رد فعله القوي في التصدي للمحاولات الخطيرة، زادت في مونديال مكسيكو، بعدما دخل شباك زكي فقط هدفين من أصل 4 مباريات، ثلاث منها في دور المجموعات وأخرى في الدور الثاني أمام ألمانيا الغربية أنداك والتي قاوم نجومها الكبار في تلك الفترة، ما جعل أسهم الحارس المغربي تكبر، لتنهال عليه العروض من أوروبا، قبل أن يقرر خوض تجربة اللعب في إسبانيا ضمن فريق ريال مايوركا ، الفريق الذي قضى رفقته 6 سنوات.

شهرة زكي في مايوركا تجاوزت الحدود، بعدما ساعد مواطنه حسن فاضل على الانصهار بقوة وسط سكان شبه الجزيرة الإيبرية، التي أصبح الصغار والكبار فيها معجبون بالأسد الأطلسي الذي وقف سدا منيعا لسنوات أمام عمالقة الكرة الإسبانية، كريال مدريد وبرشلونة، ليظل اسمه حاضرا في صفحات الجرائد الإسبانية، كواحد من رموز الفريق الإسباني الذي مازال مسؤولو مايوركا يهتمون به، اعترافا منهم بالسنوات التي قضاها رفقتهم.

اعتزال بالبطولة

بعد سنوات الاحتراف في أوروبا، قرر زاكي بادو العودة إلى البطولة المغربية، لكن هذه المرة من بوابة الفتح الرباطي، الذي لعب رفقته في موسم 1992-1993، قبل أن يقرر الاعتزال. بعدها فكر الحارس الذي قضى سنوات في الملاعب بجدية في مستقبله، وخطط له بهدوء، ليقرر الولوج لميدان التدريب، لشدة ولعه بميدان كرة القدم وعدم قدرته على التخلص من صخب الملاعب.

لم يكن الطريق مفروشا بالورود في وجه زكي، فالرجل الذي يجر خلفه مسيرة حافلة بالعطاء كحارس مميز داخل المنتخب المغربي، كانت الأعين تترصده للحكم على مستواه كقائد للفريق من دكة الاحتياط.

بدأت الحكاية بتدريب الفتح الرباطي، لتستمر بإشرافه على الوداد، ثم شباب المحمدية وجميعة سلا والكوكب المراكشي، وكذلك المغرب الفاسي ، وأولمبيك آسفي، بالإضافة إلى إتحاد طنجة والدفاع الحسني الجديدي، غير أن النتائج التي حققها الرجل كمدرب للأندية المغربية، لم ترق وبإجماع العديد من متابعي شأن الكروي المحلي، للمسار الناجح لزكي حارس المرمى الكبير.

إنجاز “الكان”

رغم عدم ترك زكي بادو، لبصمة كبيرة مع الأندية المغربية التي دربها، إلا أنه شرف المغرب في الجارة الشرقية الجزائر، عندما قاد شباب بلوزداد للتتويج بلقب الكأس، ما جعل أسهمه تكبر خارج المغرب، وهو الذي يدين له المنتخب المغربي بالشيء الكثير، عندما قاده للعب نهائي كأس أمم أفريقيا 2004 بتونس، قبل أن يخسره في النهائي أمام نسور قرطاج.

إنجاز زكي بادو لم يستطع أي من المدربين الذين تعاقبوا على تدريب المنتخب المغربي بلوغه، وبإستثناء الجيل الذي حاز على كأس 1976 بأديس أبابا، فإن كل من أسندت له مهمة الإشراف على “أسود الأطلس” من المغاربة ومن الأجانب لم يستطيعوا تحقيق ما بلغه زكي بادو ،الذي عاد لتدريب المنتخب المغربي في تجربة جديدة، لكن خلافاته مع مسؤولي جامعة الكرة، جعلته يبتعد عن عرين “أسود الأطلس”، قبل أن يعود مؤخرا الرئيس فوزي لقجع، ويمكنه من منصب جديد كمنسق بين المنتخبات الوطنية المغربية، في إطار إستراتيجية هيكلة الإدارة التقنية الجديدة، التي يشرف عليها الويلزي روبيرت أوشن.