كشفت دراسة حديثة، أنجزها مرْكز “برشلونة للأبحاث الدولية” (مستقل)، عن معطيات تهم إستمرار وضع الفساد في المغرب، مؤكدا أن الوضع “ما يزال مشلولا بمعوقات إجْتماعية واقتصادية تعطّل مَسيرته نحو التقدّم، منذُ إعتلاء العاهل المغربي عرش المملكة في 1999″، مشددا على أن “أن نظام العدالة في المغرب، يحتاج إلى إصلاح جذري”.

وانتقدت دراسة المركز عبر “تقرير معاينة“، حديث، ما وصفته “المعيقات التي يعاني منها المغرب”، مؤكّدًا على ضرُورة معالجَتها من أجْل المُضي بالمغرب إلى “قوة سياسية واقتصادية تنافس دول المنطقة”.

وحدّد المركزُ ما وصفه بـ “الأعطاب”  في النظام البيروقراطي وفساد المحاكم أوّلا،  ثم النّظام التعليمي ثَانيّا، فمجال الإستثمارات الذي قدمه التقرير بأنه “لا يسمح بنمو المقاولات الصغيرة والمتوسطة” بسبب “الإحتكار”. 

ويعتقد التقرير الأخير لمركز برشلونة للأبحاث CIDOB  أنّ المغرب بلد مستقر وليبرالي نسبيا،  وقد نجا من تداعيات الثورات، أفضل من العديد من الدول العربية، بسبب “التضييق على وسائل الإعلام والمدونين المستقلين”، كما أشار المركز إلى “أنه من الصعوبة بمكان فتح نقاش حرّ بالبلد حول القضايا الاقتصادية”.

الملكية  “نافذة ومرتاحة”

واعْتبر مُختبر “تينك تانك” الإسباني الدّولي في تقريره، “أن النظام الملكي يحتكر النفوذ السّياسي والاقتصادي”، غير أنه أكثر راحةً بالمُقارنة مع عدد من الأنظمة في المنطقة، بالإضافة إلى “أنّ النظام الملكي يملك شعبية وقدرة كبيرة للتأثير عميقًا على وظيفة الحكومة والبرلمان”. 

وصف مركز CIDOB “الفساد الذي ينخر البلاد” بالخطير في بعض الإدارات والمحاكم في المملكة، معتبرا أن  الدولة تعاني من “نظام مزدوج من صياغة القوانين”.

وأوضح CIDOB  أنه من الصعب القضاء على  الفساد في المغرب، لأن “المقاومة المُضادّة”، حسبه، تأتي من بعض المسؤولين وبعض رجال الأعمال الذين يجدون في ذلك مُناخًا مُناسبًا. وفي نفس الصدد أوضح خبير بالمركز يدعى فرانسيس غيليس “أن المصالح الخاصة والعامة الأوروبية  تجد أنه من الممكن عن طريق الفساد المنتشر، أن تتلاعب بالنظام المغربي لصالحها”. 

نظام تعليمي “هش ومتآكل” 

مركز برشلونة الدولي الذي نشر التقرير معززا بأرقام وبيانات أكّد “أن النظام التعليمي المغربي يعدّ من أكبر المعوقات التي تهدد مستقبل البلد على المستوى الإقتصادي والأمني”. 

ومن جِهته قال فرانسيس غيليس أحد الخبراء  المشرفين على الدراسة  حسب ما أورده  موقع Lemag بالفرنسية “إنّ مستوى تعليم المغاربة منخفض جدًا” مضيفا “أن مُواجهة هذا التحدي بدأ منذ فجر الإستقلال، لكنه كان مترددا دائما، لأن الحكومات المتعاقبة تعتبره مجالا مُكلّفا للغاية”.

وعاد الخبير بمركز برشلونة للأبحاث والدراسات ليشير أيضًا إلى “أن ضُعف التعليم يشكل عائقا كبيرا بالنسبة  للمغرب، دعيًا إلى “تنفيذ خطة مارشال للرقي بالتعليم وإنتاج كفاءات قادرة على مواجهة التحديات الإقتصادية”. 

نظام العدالة يحتاج إلى إصلاح جذري.

ولاحظَ المرْكز الدولي الإسْبّاني أثناء إعداده للتقرير أن الدولة المغربية دولة تقليدية، وأن الحكومات المتعاقبة فشلت في تحديثها، مظيفًا أن “المغرب يعاني من البيروقراطية وعدم الكفاءة في بعض القطاعات الإدارية والقضائية، وذلك لأن العديد من الموظفين غير مؤهلين بما فيه  الكفاية، وهذا يشكل، حسب المركز، ”وصفة مثالية لانتشار الفساد”. وفي نفس السياق اعتبر مركز الأبحاث في التقرير ذاته، “أن نظام العدالة  يحتاج إلى إصلاح جذري”.

”ويل للذين ليس لديهم مال ولا علاقات جيدة بالمغرب”. 

وأكّد المركز الإسباني ضمن تقريره أن متوسط الأجور منخفضة جدّا لأن الدولة تبدو عاجزة عن تقديم رواتب جيدة للأكفاء، مردفًا أنّ “هناك نقص نسبي للثقة في قدرة الجيل الجديد من رجال الأعمال المغاربة لإنشاء شركات جديدة”، مما يترتب عنه، حسب التقرير، إبعاد الدعم المالي لهذه الكفاءات.

هذا وأعلن CIDOB أن مُحركات النمو الحقيقية، هي الشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية والصناعات الصغيرة والمتوسطة،  التي تتعرض للتخويف. وقال غيليس: ”إن المستثمر المغربي يجب أن يكون كبيرًا بما يكفي للاستفادة من الدعم الرسمي، مضيفا ”ويل للذين ليس لديهم مال ولا علاقات جيدة”.

ويعتقد الـ “تينك تانك” الإسباني، أن المغرب لا يوفر الدعم الحقيقي لتلك الشركات الصغيرة والمتوسطة، لأن  “النمو لا يزال غير كاف لضمان ظهورها”.