“قناديل في البر و قناديل في البحر.. بزاف !” هكذا رد شاب من حزب “الأصالة والمعاصر”، ساخرا، على صديقه الذي كان يقنعه بجدوى التصويت لأحد الأطر الشابة التي ترأست لائحة حزب العدالة والتنمية بمدينة الحسيمة.

صيف المدينة المتوسطية حار هذه السنة وزاده التنافس الانتخابي حرارة فقد قررت عدد من الوجوه ترك أرائكها المريحة في العاصمة الرباط والانتقال لتسلق صخور الريف في انتخابات جهوية تحولت الى موضوع رئيس في الشارع الى جانب قنديل البحر الذي أضحى نجما مع لسعاته المتكررة للمصطافين.

غزوة القناديل

أمام صخرة النكور، حيث يرفرف العلم الاسباني وسط مياه إقليمية مغربية، يطرح بعض المصطافين، القادمين من مدن داخلية، السؤال عن إمكانية السباحة في هذا الشاطئ الجميل دون خوف من لسعات قنديل البحر التي أرسلت عددا ممن سبقوهم الى قسم المستعجلات بمدينة الحسيمة.

قنديل البحر من صنف Pelagia هجم على شواطئ الحسيمة بطريقة تذكر بهجوم الفايكينغ النورمانديين على إمارة نكور في عهد حاكمها سعيد بن إدريس سنة 865 ميلادية. فاطمة، الصحافية القادمة من الرباط قصد تغطية المهرجان المتوسطي في نسخته العاشرة، تقاوم خوفها وتربط الجأش لدخول مياه المتوسط الدافئة غير أنها تخرج هاربة نحو الشاطئ بعد دقائق. “كلما دخلت البحر إلا وتذكرت تلك البقع الحمراء الطافحة على جلد المصطافين وتلك الحروق الجلدية الناتجة عن لسعات قنديل البحر والتي رأيتها في عدد من المواقع الإخبارية المحلية” تقول الصحافية في تصريح لـ”لكم”.

 وفرة قنديل البحر بتلك الأعداد، غير المسبوقة، في شواطئ الحسيمة  يرجع، حسب عدد من المختصين،إلى ارتفاع درجة الحرارة و كثرة العوالق البحرية التي تعد غذاء مفضلا للقناديل. غير أن مشكلة ضحايا اللسعات هو ضعف بنيات الاستقبال الصحية القادرة على إسعاف الأعداد الكبيرة من الوافدين الذين اختاروا “جوهرة الريف” وجهة للاستحمام في صيف المغرب القائظ.

أحصنة انتخابية

بنيات الاستقبال الصحية نقطة من ضمن نقاط عديدة في برامج المرشحين للانتخابات الجماعية والجهوية الذين اختاروا الحسيمة حلبة للتنافس. غير أن أرصفة المقاهي المقابلة لساحة محمد السادس لا نقاش فيها حول البرامج بل ينصب الحديث عن طبول الحرب التي تقرع منذ أسابيع والتي تنذر بحملة إنتخابية استثنائية ستشهدها الحسيمة خاصة مع البيانات والبيانات المضادة التي كال فيها المتنافسون كل التهم لبعضهم البعض والتي استبقت وضع ملفات الترشيحات لدى السلطات المختصة.

إلياس العماري الذي اختار جماعة النكور للترشح ظهر في ندوة حول الإرهاب داخل قاعة البلدية حيث ألقى كلمة في حق أحمد الخمليشي، مدير دار الحديث الحسنية ثم تبخر الريفي المثير للجدل بعد ذلك في الهواء. بودرا، رئيس الجهة الذي رمى كتاب التقدم والاشتراكية، منذ سنوات، قبل أن يركب جرار الأصالة والمعاصرة ظهر هو الأخر أمام منصة المهرجان المتوسطي قبل أن يغيب عن الأنظار في اليوم الثالث غير أن حزب الأصالة والمعاصرة حاضر بقوة في الحسيمة التي يقول عدد من سكانها أن هذا الحزب سيحرث سفح جبل الريف في الانتخابات القادمة أمام ارتباط عدد من الريفيين برموزه وخوف جزء من المنتخبين من سطوته التي ظهرت من جديد بعد طرد صلاح الدين مزوار، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عبد العزيز لوكان، المسؤول التجمعي بالمنطقة والذي تجرأ على توقيع بيان مشترك يصف فيه حزب العماري بـ”المافيوزي”.

منصة التناقضات

نور الدين مضيان، القيادي في صفوف حزب الاستقلال، لم يتواني في اتهام حزب الاصالة والمعاصرة باستعمال آليات الترهيب والإغراء كما قرر التنافس على مقعد رئاسة الجهة. أما نجيب الوزاني، الأمين العام لحزب العهد، الذي جرب الانصهار سابقا في تجربة “البام” فقد اختار المنافسة على رئاسة البلدية بدل الجهة التي تحتاج الى زاد أكبر مستعينا بمقاول يدعى بدر الدين أوخيار الذي ركب في المقعد الثاني في لائحة حزب “الحافلة”.

طيف سعيد شعو حام في سماء المدينة من خلال لائحة الترشيح التي تقدم بها أخوه المحامي بهيئة الرباط غير أن السلطات رفضت الترشيح بعد تأخره على موعد وضع الملفات بسبع دقائق. العدالة والتنمية اختارت المنافسة عبر وجه شاب يسمى نبيل الأندلسي الذي قال في تصريحات صحافية إن عين حزبه متجهة صوب كرسي رئاسة الجهة.

كثيرة هي الرهانات في الحسيمة وكثيرة هي المشاهد التي تصل حد التناقض. تناقض لا يختزله سوى منصة المهرجان المتوسطي التي اعتلتها المغنية كوثر البراني لتغني “صوت الحسن ينادي بلسانك يا صحراء..” قبل أن يتبعها مغني الراب مسلم الذي بدأ سهرته بأغنية “الرسالة” التي تتنبأ بقيام ثورة لن تقف إلا عند شواهد القبور.