بعدما أكد “الحزب الليبرالي المغربي”، وضعه شكاية ضد أربعة وزراء من الحكومة الحالية أمام القضاء بخصوص ملف استيراد “النفايات الإيطالية”، وطالب النائب البرلماني عبد الله بوانو بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في حيثيات ذات الملف، الذي أثار جدلاً واسعا وسط الرأي العام المغربي، بات من المفروض التساؤل حول احتمال قطع هذه الشكاية، التي تقدم بها حزب المحامي زيان، الطريق أمام تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في ملف “نفايات إيطاليا” المستوردة من طرف شركات الإسمنت بالمغرب، خصوصا وأن الفقرة الثالثة من الفصل 67 من دستور 2011، تشير إلى أنه “لا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية، ما دامت هذه المتابعات جارية، وتنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق، سبق تكوينها، فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها”.

دعوة لتشكيل لجنة تقصي حقائق

وكان عبد الله بوانو قد طالب، يوم الثلاثاء الماضي تحت قبة البرلمان، بضرورة إحداث لجنة مغربية لتقصي الحقائق بخصوص ملف “النفايات الإيطالية”، مؤكدا أن “المغرب دولة ذات سيادة وليست في حاجة إلى لجنة من الاتحاد الأوربي لتتقصى حقائق النفايات المستوردة”، موضحاً أن القانون 00-28 الذي يسمح باستيراد النفايات غير الخطيرة بهدف تدويرها أو تثمينها، قد مرّ بالمجلس الحكومي لكنه لم ينشر بالجريدة الرسمية.

وأشار بوانو تحت قبة البرلمان إلى أن “المغرب ليس في حاجة إلى هذه الشحنة من النفايات، ويجب إرجاعها، وعلينا أن نتحد هذا القرار الآن، حتى ننهي المشكلة”.

وأعاد بوانو التذكير بما موقع موازاةً مع قضية “فيضانات الجنوب” سنة 2014، في تصريح لموقع “لكم”، قائلاً: “بعيدا عن الأسماء .. أنا أعتبر ما قام به البعض سنة 2014 أثناء اتخاذ القرار من طرف مجلس النواب القاضي بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق بخصوص ملف “فيضانات الجنوب”، بوضعهم شكاية في نفس الملف، تشويش على عمل البرلمان”، مضيفاً أنه “إذا كانت تدخل هذه الشكاية في نفس الإطار السابق، فسيكون تشويشا آخر على عمل البرلمان”

وأوضح بوانو، أن “هاته الشكاية من الناحية القانونية لن توقف عمل البرلمان، لأنه طبقا للقانون التنظيمي للجان تقصي الحقائق، فمثل هذه الشكايات لا توقف عمل لجان تقصي الحقائق، لسيتطرد قائلاً إن : “الإحالة على القضاء لا تعني بأي حال من الأحوال إيقاف عمل هذه اللجان، والشي الذي يوقفها هو قرارات الحكومة ومرحلة معينة من القضية التي تعرض على المحكمة”، مشيراً إلى أنه “قبل أن تصل القضية إلى فتح التحقيق القضائي فيمكن قانونيا تشكيل هذه اللجنة، وآمل ألا نكون في حالة تشويش على عمل البرلمان”.

في نفس السياق، أكد بوانو أنه “لا يمكنني أن أتهم أشخاصا أو هيئات، بهكذا بساطة، بالتشويش على عمل البرلمان، لأننا الآن أمام ملف يتعلق بحقوق المواطنين”، لكنه لم يخفي في نفس الوقت قوله إن ‘هناك قراءات في بعض الأحيان لمثل هذه الأمور تؤكد التشوش على المساطر الحقيقية للجان البرلمان”، مسجلاً أنه “إذا تشكلت لجنة لتقصي الحقائق في ملف نفايات إيطاليا، فيمكن لهذه الأخيرة أن تنجز عملها خلال 15 يوما”. 

زيان: شكياتنا لا تشكل عرقلة لتشكيل اللجنة

وقال محمد زيان، المنسق الوطني للحزب الليبرالي المغربي، في حديث لموقع “لكم”، إنه “لا شيء يمنع البرلمان من تشكيل لجنة لتقصى الحقائق بخصوص ملف النفايات الإيطالية”، مضيفاً أن “هؤلاء يريدون النجاح في الانتخابات القادمة على ظهر تسميم المغاربة بهذه الأزبال”، في إشارة إلى نواب الأغلبية وأعضاء الحكومة الحالية.

وتساءل زيان قائلاً : “لما تصلح هذه الحكومة؟”، موضحاً أن ما دفع حزبه إلى تقديم شكاية أمام القضاء ضد أربعة وزراء بسبب استيراد النفايات، يعود إلى “التزام حكومة بنكيران الصمت”، مشيراً إلى أن الدستور يمنح الأحزاب الحق في الدفاع عن حقوق الشعب، ليستطرد قائلاً : “نحن كحزب إذا لم ندافع عن حقوق المواطنين فكيف لهم أن يصوتوا علينا”.

أما بخصوص الفصل 67 من الدستور، الذي تذكر ففقرته الثالثة، أنه “لا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية، ما دامت هذه المتابعات جارية، وتنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق، سبق تكوينها، فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها”، أوضح أن من يعتبرون شكاية حزبه أمام القضاء ضد الوزراء الأربعة، جاءت من أجل عرقلة تشكيل البرلمان للجنة لتقصي الحقائق، هو “كلام فارغ”.

وشدد ذات المتحدث على أن القضاء هو من سيقطع الشك باليقين في ملف “الأزبال المستوردة”، وأن “الحكومة اختارت الصمت حتى ينسى المواطنون هذه القضية، ويعودوا ليفوزوا في الانتخابات على ظهر السلامة الصحية للمغاربة”.

يمكن تشكيل اللجنة ما دام الملف القضائي لم يفتح

في نفس السياق، يرى المحلل السياسي، عمر الشرقاوي، أنه من الصعب على مجلس النواب أن يشكل لجنة لتقصي الحقائق بخصوص ملف “نفايات إيطاليا”، علما بأن الأمر يحتاج إلى وقت طويل، خصوصا وأنه لم يتبقى في حياة مجلس النواب الحالي عمر طويل (3 أسابيع)، مضيفاً أنه “سيكون من الأحسن أن يبادر مجلس المستشارين بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، بحكم أنه لن يواجه مشكلة في الاستمرارية حتى يتمكن من إعداد تقرير حول هذا الموضوع، قبل أن يفتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها”.

وأوضح الشرقاوي، أنه ما دام الملف القضائي الذي سبقه وضع شكوى لدى المحكمة من طرف “الحزب الليبرالي المغربي”، لم يفتح بعد، فإنه يمكن – وفقا للدستور – تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في هذا الخصوص، لكن في حال قبول شكوى هذا الحزب من طرف القضاء، سيتم توقيف عمل لجنة تقصي الحقائق.