إذا كان الأمين العام الجديد لجبهة “البوليساريو” يبدو مصمما على اعتماد الخطة العسكرية لسلفه الراحل محمد عبد العزيز، فإن لا شيء يدل على أنه سيغلق المفاوضات. ومع ذلك، فإن المغرب يرى في انتخابه أسوأ السيناريوهات المحتملة.

بعد انقضاء الأربعين يوما من الحداد على وفاة محمد عبد العزيز، الأمين العام لجبهة البوليساريو، تم انتخاب المرشح الوحيد إبراهيم غالي بأغلبية ساحقة يوم 9 يوليو الجاري.

مرشح طبيعي 

تتويج إبراهيم غالي على رأس الجبهة الانفصالية لم يكن يحمل شيئا من المفاجأة. “كان يوصف بأنه القيادي الأول في البوليساريو قبل وفاة محمد عبد العزيز، حسب السفير الجزائري السابق.  “إلا أنه وضع جانبا حتى يحين دوره. “

ولد غالي عام 1949 بمدينة السمارة، من عائلة عسكرية. وكان واحدا من الأعضاء المؤسسين للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، المعروفة اختصارا بـ “البوليساريو”، حيث قاد حرب العصابات ضد المغرب وموريتانيا.

شغل منصب وزير الدفاع لدى الجبهة الانفصالية  بين عامي 1976 و 1989، وقاد معارك ضد الجيش المغربي قبل المشاركة في المحادثاث الأولية مع الحسن الثاني، التي أدت إلى وقف إطلاق النار عام 1991. وتم استقباله مع الوفد الصحراوي في القصر الملكي بمراكش، في نونبر 1989، حيث أخد مكانا غير بعيد عن محمد السادس، الذي كان وليا للعهد أنذاك.

أصبح ممثلا للبوليساريو في مدريد عام 1999، وبقي هناك لمدة تقرب 9 سنوات، “كان غالي وقتها قادرا على إنشاء شبكة واسعة من العلاقات في أوربا والعالم.”  يقول أحد اصدقائه الجزائريين

في عام 2008، انتقل غالي إلى الجزائر سفيرا لـ “البوليساريو”. هناك، التقى بالسياسيين والاعلاميين من مختلف دول العالم. ونسج علاقات وثيقة مع العديد من الجنرالات، بما في ذلك  الرئيس الجزائري السابق اليمين زروال، الذي قاد في منتصف الثمانينات المنطقة العسكرية “بشار” الواقعة على الحدود الجزائرية المغربية. ونسج علاقته كذلك مع أحمد قايد صالح، وزير الدفاع الحالي ورئيس أركان الجيش.

زيارة رسمية إلى الجزائر

كانت الجزائر هي الوجهة الأولى لرئيس جبهة “البوليساريو” الجديد. وبدا ذلك واضحا جدا، حيث أن الجزائر لم تسهم إطلاقا في دعم قضية الصحراء، وهو ما يزعج جاره المغربي، وجعل العلاقات بين البلدين متوترة. 

وتلقى إبراهيم غالي، أربعة أيام منذ تنصيبه رئيسا، رسالة من السلطات الجزائرية تقول: “إن الجزائر تعمل أكثر من أي وقت مضى من أجل تنظيم استفتاء تقرير المصير تحت إشراف الأمم المتحدة.”

المغرب غير مكترث 

الرباط لا تعترف بالجمهورية الصحرواية، ولم تبد أي رد فعل رسمي حول وصول إبراهيم غالي إلى رئاسة جبهة “البوليساريو”. وبشكل غير رسمي يعتبره المغرب أسوأ السيناريوهات المحتملة، فيما تعتبر الجزائر وصوله للرئاسة  قيمة مضافة لراديكالية الحركة الانفصالية.

وزير الدفاع السابق، يقال انه يجسد الجناح الثابت للقادة الصحراويين. ويحمل ضغينة ضد المغرب منذ أن كان موضوعا لشكوى بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، المسجلة ضده في مدريد عام 2007 من قبل رابطة الضحايا والمفقودين من طرف البوليساريو.

لعل المغرب كان يفضل البشير مصطفى السيد، شقيق الوالي مصطفى السيد، أحد مؤسسي “البوليساريو” المتوفى عام 1976؟ حيث يرى معارفه القدماء المغاربة أنه سيكون أكثر ميلا للحوار والحلول الوسط. 

الطريق نحو السلام .. صعبة 

الكلمات الأولى لزعيم “البوليساريو” الجديد حول المستقبل السياسي للمنطقة، تعطي انطباعا بأنه سيسير على خطى سلفه محمد عبد العزيز. غير أنه فتح الباب في محاولة لإيجاد حل للنزاع، قائلا: “نحن دعاة سلام، ونحن على استعداد للتعاون مع المملكة المغربية لاستغلال إمكانيات الحل الذي لا يزال موجودا، والذي يشترط توافق الآراء، على أساس احترام حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال. “

لكن هذا الكلام سرعان ما يتبعه تهديد، “الباب مفتوحة أمام سلام حقيقي، وستتحمل المملكة المغربية كل العواقب إذا ما أقدمت على إغلاقه. لأن الشعب الصحراوي سيدافع عن حقوقه بلا كلل، وبكل ما أتيحت له من وسائل” يضيف غالي:”نحن بحاجة إلى مواصلة تعزيز الجيش والاستعداد لكافة الاحتمالات.”  

ترجم عن “جون أفريك” بتصرف