بعد خطاب الملك قبل الأخير في عيد العرش، اعتبر بعض المحللين أنه تضمن استهدافا مباشرا لـرئيس الحكومة ”عبد الإلـه بنكيران”، وذلك على خلفية بعض التصريحات التي تطرق فيها بنكيران إلى أن بالمغرب دوليتن، الأولى رسمية يرأسها الملك والثانية لا يعرف من أين تأتي قرارتها، ولم يلبت بنكيران، في ظل ولايته الحالية، تذكير أعضاء حزبه بأنه مجرد مساعد للملك في الحكم وليس بيده أي صلاحيات، مما جر انتقادات الملك عليه، الشيء الذي جعل المتتبع للشأن السياسي يلاحظ تغيرا ملحوظا في الخطاب السياسي لرئيس الحكومة، منذ “غضبة الملك”.

الدولة العميقة .. حماقات وارتباك غير مسبوق

وفي تعليقه على تغيير لغة خطاب عبد الإلـه بنكيران رئيس الحكومة المغربية بعد الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش، اختار عبد العزيز أفتاتي عضو الأمانة  لحزب العدالة والتنمية أن يقف عند توجيه النصح لأمينه العام في الحزب، مؤكدا في الوقت ذاته أنه يجب “الاحتكام إلى عقل ابن رشد البارد والتحلي بصبر أيوب في ظل مرحلة سياسية صعبة، على حد تعبيره.

وقال “أفتاتي” إن عقل الدولة العميقة يريد مصادرة المطلوب وحتى الحق في الكلام، في ظل صراع سياسي تحاول من خلاله الدولة العميقة تأويل الخطابات الملكية وتوجيهها بما تقتضيه مصلحتها، على اعتبار أن الخطاب الملكي المذكور لم يكن موجها لعبد الإلـه بنكيران وليس له أية علاقة بذلك، على اعتبار أن الإيقاع بالمؤسسة الملكية في الصراع السياسي بين الأحزاب ليس في مصلحة الجميع، الشيء الذي يستوجب تركها بعيدة عن هذا الصراع، حيث يبقى دورها مقتصرا على التوجيه والتحكيم بين الأحزاب السياسية.

وأضاف “ذات المتحدث” أن الرسائل اتضحت ووصلت بشكل غير مسبوق، وكانت آخر هذه الرسائل “سخافة الدار البيضاء” يوم الأحد، وعلى هذا الأساس فإن العقل المدبر للدولة العميقة قد يقدم على  حماقات وبشاعات غير محسوبة، واصفا تدبير الدولة للمرحلة الانتخابية بالارتباك الغير مسبوق.

بن كيران كان غاضبا .. ولا يستطيع إجابة الملك

أمام الانتقادات “اللاذعة” التي كالها أفتاتي ضد خصوم عبد الإلـه بنكيران، والتي اعتبر من خلالها افتاتي محاولة الخصوم تأويل الخطابات الملكية لإشعال فتيل الخلاف بينه وبين الملك، أكد مصطفى السحيمي، أستاذ العلوم السياسية، أن بن كيران فهم جيدا رسائل الخطاب الملكي وما الصوم الإعلامي لقرابة الشهر وتغيير لغة الخطاب إلا تجليا من تجليات ذلك.

وقال السحيمي أن صمت بنكيران بعد عودته إلى الكلام مجددا يعني انه كان غاضبا وغير متفقا مع الملك، لكن في نفس الوقت لا يستطيع إجابته، لذلك التجأ لهذه الطريقة للتعبير عن موقفه بطريقة أخرى.

وفي سياق متصل، اعتبر السحيمي أن عودة بنكيران للكلام مجددا وبطريقة أكثر مرونة راجع إلى ارتفاع درجة حرارة الانتخابات، وذلك انطلاقا من حادث مولاي عمر بنحماد وفاطمة النجار مرورا بمنع “حماد القباج” من الترشح بمراكش وصول إلى السجال الذي وقع بين نبيل بنعبد الله والديوان الملكي على خلفية انتقاد “بنعبد الله” للمستشار الملكي “فؤاد عالي الهمة” بشكل ضمني.

بن عبد الله أصبح ناطقا باسم البيجيدي

وأضاف “ذات المتحدث” في نفس السياق بأنه إذا كان مصطفى الخلفي الناطق الرسمي باسم الحكومة، فإن نبيل بنعبد الله أصبح هو المستشار أو النقيب السياسي لحزب العدالة والتنمية، على اعتبار أن الأخير أصبح يعبر عن ما لا يستطيع التعبير عنه عبد الإله بنكيران وهو رئيسا للحكومة، مما يبين أن تصريح بنعبد الله بخصوص ظروف تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة لبعث بعض الإشارات كان بموافقة عبد الإله بنكيران.

وتابع السحيمي بأنه ليس هناك رئيس دولة يقبل الحديث عن مستشاريه من أي جهة كانت، لأنه عندما تمس مستشاري الملك فإنك تمس الملك نفسه، لاسيما أنهم يشتغلون وفق تعليمات محددة ودقيقة، لذلك إذا أراد بنكيران الحديث في هذا الشأن فليتحدث بشكل بمباشر عن النظام ككل ويقول أين الخلل ثم يقترح الحل للمشاكل التي تواجهه.