أوردت صحيفة “الباييس” الإسبانية، مقالا مطولا حول كيفية توظيف الساسة المغاربة للدين في السياسية. وقالت الصحيفة إن “الدين هو الذي يحدد مسار الحياة اليومية للمغاربة، كما انه يمتد تأثيره إلى نتائج الانتخابات التشريعية التي ستنطلق يوم غد الجمعة 7 أكتوبر الجاري”.

“حزب العدالة والتنمية”، والذي فاز بالانتخابات الأولى المنظمة بعد “الربيع العربي لسنة 2011″، يقدّم كمرشح أول لتصدر نتائج الانتخابات، رغم قضاءه لخمس سنوات في الحكومة”، تقول الصحيفة”.

وتابعت “الباييس”: “الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية” عبد الإله بنكيران، الشخص الوحيد الذي يحصد 20.000 ألف متعاطف ومتابع خلال حملاته الانتخابية، وأصبح المواطن الأكثر شعبية بعد الملك محمد السادس، رغم أن مهامه كرئيس حكومة أصبحت جد “مقلصة”، حيث يتم توجيه السياسة الخارجية للبلاد من طرف القصر الملكي و وزير الداخلية يستجيب فقط للملك”.

“المنافس الكبير لحزب “العدالة والتنمية” هو  حزب” الأصالة والمعاصرة” (PAM)، الذي تأسس عام 2008 من قبل صديق الملك محمد السادس من أجل كبح قوة الإسلاميين، يقول ان بنكيران يقلد أسلوب التجمعات الحاشدة لرئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، والإخوان المسلمين في مصر.، لكن بنكيران يرد بسخرية على المنتقدين الذين يتهمونه بمحاولة “أسلمة” المغرب بقوله : “هذا المجتمع هو مسلم منذ 14 قرنا، ماذا يريدون هؤلاء الشياطين؟ تغيير هذا الواقع؟، يتساءل بنكيران خلال لقاءاته .

وأضافت “الباييس”: “بنكيران ليس الممثل السياسي الديني الوحيد في بلد الإذاعة الأكثر استماعا فيه هي إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم”، متابعة في ذات الصدد” هناك العديد من المغاربة لا يعتنقون المذهب المالكي، الذي يوصي ب “الإسلام المعتدل” الذي ينادي به النظام الملكي المغربي، على سبيل المثال نجد جماعة “العدل والإحسان” التي لا تعترف بالقيادة الروحية للملك بصفته أمير المؤمنين، هذه الجماعة دعت إلى مقاطعة الانتخابات، كما فعلت سنة 2011، معتبرة ان هذه العملية ما هي ” ما هي إلا مهزلة وأن جل الصلاحيات لا زالت بيد الملك”.

 المحلل السياسي العمراني بوخبزة، صرح للصحيفة الإسبانية، ان “المجتمع المغربي غالبا ما يبدي إعجابه بالشخص الذي يرتاد المسجد كثيرا”، موضحا في ذات السياق: “حين تقترب الانتخابات جميع السياسيين يرتادون للمساجد  وحتى بعض الذين يصفون أنفسهم ب “الشييوعيين” يستعملون “تعبيرات دينية في لقاءاتهم”، مشيرا بوخبزة لدراسة لمعهد “غالوب” الدولي لاستطلاعات الرأي، والذي وضع المغرب من بين الدول الخمس في العالم الأكثر تدينا، بعد التايلاند وأرمينيا وبانغلاديش وجيورجيا.

 الإسلام كان حاضرا منذ الأزل 

من جهته أوضح المتحدث باسم جماعة ” العدل والإحسان”، فتح الله أرسلان، في تصريح لصحيفة “الباييس”، أن أصل هذا الحماس القائم يعود إلى حقبة قدوم الإسلام إلى شمال إفريقيا، “ومنذ ذلك الحين، والإسلام اصبح  حاضرا بشكل كبير داخل حياتنا، وكان المسجد المؤسسة المركزية في حياة قبيلة معينة أو حي معين، وانتقل من المدن إلى القرى النائية، مضيفا انه كان للمسجد خدمات متنوعة فهو: مدرسة ومركز لتربية وتعليم جيمع الناس، ومحكمة، ومسكن”، يقول ارسلان.

 استمرار السلفيين في العقيدة المحافظة سيؤدي للرجوع إلى الإسلام الأصلي

الباحث ديفيد جيوري،اعتبر أن الأغلبية الساحة من المغاربة ” مؤمنين وممارسين للإيمان”، لكن “لا يريدون أن يروا ارتفاعا في الأسلمة في الأماكن العامة.” وعلى الرغم من هذا التمييز، ففي هذه الانتخابات، حصل أمر لم يسبق له مثيل، حيث ان العديد من الدعاة السلفيين، وبعض منهم أدينوا في وقت سابق بتهمة الإرهاب، تمت تزكيتهم من طرف الأحزاب الرئيسية في البلاد بل وترأسوا قائمات اللوائح الانتخابية في بعض المدن، مضيفا: ” من المؤكد أن هؤلاء السلفيين قامو بمراجعات لخطابهم ولم يعودوا يدعون للعنف، لكن استمرارهم في اعتناقهم لعقيدة جد محافظة سيؤدي إلى الرجوع للإسلام الأصلي”.

وذكر جيوجي أن “استخدام السلفيين هو استراتيجية لتعبئة الناخبيين “الأكثر تشبتا بإيديويلوجيات معينة والذين يمثلون أقلية في المغرب”، مضيفا “إلا ان هذه الأقلية قادرة على التحرك يوم الانتخابات، لأن قيمة هؤلاء السلفيين  تزيد إذا اخذنا بعين الاعتبار أنه في المغرب السلوك الانتخابي للأغلبية هو الامتناع عن التصويت.

 “السلفيون يستخدمون الملكية لنشر رسالتهم”

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية نبيل مولين، إن العالم بأكمله يستخدم السلفيين، متابعا “هذا الفعل تقوم به الأحزاب السياسية والملكية، وهكذا تقسم الحركة الدينية”، موضحا كلامه بالقول: “السلفيون كذلك يستخدمون الملكية، لأنه من خلال انخراطهم في السياسة ينشرون بطريقة افضل رسالتهم التي تدعو إلى العودة إلى الإسلام الأصلي، أي أسلمة المجتمع”.

 إسلام جماعة "العدل ;الإحسان" يسعى للسلطة فقط

من جانب آخر، صرح المهندس وعضو المكتب السياسي لحزب “الأصالة والمعاصرة”، جمال الشيشاوي لصحيفة الباييس، قائلا إن “حزب العدالة والتنمية يدعو إلى إسلام ليست له علاقة بالإسلام الذي كان يمارسه آباءهم، مضيفا: “الإسلام الذي مارسه والداي كان إسلام فردي، ولم يسبق لهم أن “تأثروا” بالإيديويلوجيات، التي  بالسعودية” أو “مصر”.

وأضاف الشيشاوي: “الإسلام الذي تدافع عنه جماعة “العدل والإحسان” يسعى للسلطة فقط” رغم انهم يدعون لمقاطعة الانتخابات، لكن في الحقيقية أعضاء هذه الحركة يصوتون لحزب “العدالة والتنمية”، يؤكد الشيشاوي للجريدة الاسبانية.