لا حكومة في الأفق بعد مرور أزيد من شهرٍ على تعيين عبد الإله بنكيران، رئيسا للحكومة، من لدن الملك محمد السادس، فبعد انقضاء الجولة الأولى من المشاورات الحكومية، التي لم تأتي بجديد يذكر، خرج بنكيران، يؤكد أن “البلاد تعيش أزمة سياسية، وأنه ليس المسؤول عنها، لأنه قدم تنازلات وتضحيات طيلة الأشهر الأخيرة، وصبر حزبنا كثيرا ولكن وصلنا للطريق المسدود”. ولم يفوت بنكيران الفرصة ليخاطب من يقف خلف الأزمة: “من يقوم بهذه الأفعال، هذا يلعب، ولا يفهم في السياسة شيئا”.

بنكيران، أكد أن “الجميع من الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية قالوا بصوت واحد إن لم يكن حزب الأحرار في الحكومة فلن نشارك فيها”، موضحا “لقد التقيت رئيس حزب التجمع وكان بيننا ما كان، إذن لم يعد هناك من مبرر كي ألتقي بهم مجددا لأنهم ربطوا مصيرهم بمصير هاد الحزب”. وشدد ابن كيران على أنه عاجز عن التفاعل مع وسط سياسي مثل هذا، حزب يربط مصيره بحزب آخر. نحتاج المعقول (الجدية) حتى نحل مشاكل بلادنا”.

“كيف تم تغيير الموقف من حزب الاستقلال، فلقد استعدوا يوم 8 أكتوبر للانقلاب، في تلك اللحظة كان حزبا جيدا، واليوم لم يعد كذلك؟”. وأفاد: “في النهاية لا بد أن أصدق نظرية مؤامرة السبت ثامن أكتوبر التي خرج منها شباط (أمين عام حزب الاستقلال).. فما يحدث اليوم يزكيها”، يقول بنكيران.

المحلل السياسي، عمر الشرقاوي، استبعد بأن تكون هناك أزمة سياسية، مشيرا إلى أن ”هناك اختناق وبلوكاج لكن فرص تشكيل الأغلبية ما زالت مطروحة وقد يترجمها بنكيران في الجولة الثانية من المشاورات، وإذا ما فشل في ذلك، فعليه مقابلة الملك ووضعه في الصورة، قبل أن يبرز أن الملك له إمكانيات دستورية ليجد مخرجاً لهذا البلوكاج، ليس هناك خيارات كثيرة أمام بنكيران في حالة فشله في تشكيل الأغلبية المطلوبة”.

وعن سر اشتراط عزيز أخنوش، رئيس “التجمع الوطني للأحرار”، استبعاد حزب “الاستقلال” من الأغلبية، أشار الشرقاوي، في تصريح لموقع ”لكم2”، إلى أنه لا يوجد خلاف سياسي أو إيديولوجي بين الحزبين، لأن الاستقلال يبقى الأقرب إلى الأحرار من باقي الأحزاب الأخرى، اليوم هناك ضغط لكسب الكثير من المكاسب السياسية، فبنكيران يدافع عن (الاستقلال) ليس حبا في عيون شباط، لأنه لا يريد أن يكون حلقة ضعيفة في الحكومة المقبلة، إذن هو نوع من التوازن المطلوب في النسق الحكومي”.

”في حالة ما بقي حزب “الاستقلال” في الحكومة فسيكون أخنوش هو الحلقة الأضعف في الحكومة، هو نوع من الصراع حول تقوية مراكز النفوذ في الحكومة المقبلة، وهذا هو جوهر الإشكال” يقول الشرقاوي، مسجلاٌ أن “الأحرار والاستقلال يتنافسان على نفس المواصفات والبروفايلات السياسية، فـ (الأحرار) يحاول اقتناص أكبر عدد ممكن من الحقائب ذات القطب المالي والاقتصادي، وكذا حزب “الاستقلال” الذي كان دائما يسير وزارات ذات بعد اقتصادي”.

من جهته، اعتبر المؤرخ والمحلل السياسي، المعطي منجب، أنه لم تعد الآن للمشاورات الحكومية أية معنى في ظل ضبابية المواقف عند بعض الأحزاب، والخطوة التالية إرجاع المفاتيح لصاحبها، لأنه لم ينجح في تكوين الحكومة، والدستور لا يقول شيئا، قبل أن يؤكد ”لم يعد لبنكيران ما يخسره، حان الوقت ليبلغ الملك رسميا بأنه وصل إلى الباب المسدود”.

بنكيران لا يريد أن يتنازل على سلطاته التي كان يتمتع بها في ولايته السابقة، ويحاول قدر الإمكان الاحتفاظ بها ولو نسبيا، إلا أن القصر يرفض هذه الحرية وهذه الاستقلالية على مستوى تدبير الأمور، ودفع الأحزاب التابعة له للضغط على بنكيران لكي يتخلى على استقلالية قراره”، يوضح منجب في تصريح لموقع “لكم”، قبل أن يكشف أن ”هذا سيزيد من قوة ومصداقية بنكيران، وسيبرز حقيقة ارتيابه من التحكم، الذي ناهضه في الولاية السابقة، ودعا إلى مواجهته ها هو يعود ليعطل عمل المؤسسات والدستور، ويريد العودة إلى مغرب ما قبل الربيع العربي”.

وأبرز منجب أن ”الاستقلال والعدالة والتنمية يشكلان قوة سياسية تتمتع باستقلالية القرار ولها مسافة عن القصر، ولن يتنازلا عن موقفهما الرافض للابتزاز، قبل أن يؤكد أن هناك غضب “دفين” من مواقف بنكيران، ومن الطريق التي يدبر بها المشاورات، لأنهم لا يريدون أن تكون هناك حكومة كما يراه بنكيران نفسه، بل أن تكون حكومة كما يراه القصر”.