يرى مصطفى اليحياوي، أستاذ السوسيولوجيا السياسية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، التابعة لجامعة الحسن الثاني- الدار البيضاء، أنه من الصعب أن يحدث انفراجاً حقيقياً في قادم الأيام؛ فيما يخص “خروج المولود الحكومي الجديد للحياة”، لأن تمثل بنكيران للمفاوضات يختلف تماماً عن تمثل باقي الأطراف السياسية، قبل أن يبرز أن “ملتمسا للملك قد ينهي البلوكاج بصفة قطعية”.

اليحياوي قال في تصريح لموقع، “لكم” إن “بنكيران يجري المشاورات اعتمادا على نتائج الانتخابات، والحال أنه لم يسجل إلا على مستوى فيدرالية اليسار اعتماد ما يسمى بالتحالف الانتخابي، فهو يتواصل على قاعدة أن تلك الأحزاب (الاتحاد الاشتراكي، والأحرار، والاتحاد الدستوري) لا تمثل تحالفاً انتخابياً، وأن المنطق الذي يراهن عليه بنكيران قانوني، فيما يعتبر أخنوش (منسق التحالف) ورفاقه بأن المفاوضات اليوم يحكمها تحالف سياسي وليس انتخابي”.

تحالف 4+1

أستاذ التعليم العالي ذاته، سجل أن “هذه الأحزاب لم تدخل للانتخابات على شاكلة “تحالف”، مذكرا أنه “قبيل الانتخابات كان هناك تعديلان أساسيان صادق عليهما البرلمان، يتعلقّا بتخفيض العتبة إلى 3 في المائة في الدوائر الانتخابية، مع إمكانية دخول مجموعة من الأحزاب بمرشح “التحالف”، وهذا من الناحية القانونية، يقول اليحياوي، يدفع بنكيران لعدم قبول هذا الشكل من التحالفات في الحكومة لأن أخنوش ورفاقه دخلوا للانتخابات بشكل فرادي”.

وانطلاقا من سؤال حول “مقدرة هذا التحالف الذي يقوده أخنوش في تأزيم إخراج المولود الحكومي الجديد، قال اليحياوي، إنه ”من حيث المرونة السياسية لا يمكنها أن تكون إلا بناء على اتفاق من ناحية البرنامج، متسائلا في السياق ذاته، عن الذي يجمع هذه الأحزاب حتى تقرر أن تدخل في تحالف واحد، في ظل غياب أرضية سياسية مشتركة وبرنامج موحّد، بحيث أن هذا التحالف تكتيكي مؤقت لا ينسجم مع خطاب الملك بدكار، لأن ممثلي هذا التحالف يتفاوضون بمنطق اقتسام الكعكة الحكومية وتوزيع الحقائب وليس بمنطق البرنامج والأرضية الإيديولوجية”.

قرب من الملك

وفي قراءته لحالة “البلوكاج” التي وصلت إليها مشاورات تشكيل الحكومة، قال الباحث ذاته في السوسيولوجيا السياسية ”من الناحية الموضوعية، بنكيران لم يفشل في تسيير المفاوضات وهو مقتنع بذلك، أما من الناحية السياسية، بنكيران يجد حرجاً كبيراً في تقديم استقالته للملك، والحال أن تقاليد الحكم في المغرب تقتضي أن لا يستقيل من عيّنه الملك بظهير، بل يُقال أو يعفى، وهذا عرف سياسي بحيث أن التجربة السياسية في المغرب أظهرت أننا محافظين في علاقتنا مع المؤسسة الملكية، وأنه يجب أن نكون حذرين بالالتزام بالأعراف أكثر من الالتزام بالدستور، قبل أن يعرّج قائلا: “العرف السياسي استأنس بأن يميل بعض السياسيين إلى استغلال القرب من الملك كآلية للضغط”.

قراءة جديدة للدستور

من جهة ثانية سجل المتحدث نفسه، أن “إخلاص بنكيران للعلاقة العرفية التي تأصلت في تاريخ المشهد الحزبي القائلة بأن هناك حذرا كبيرا لدى القادة في تعاملهم مع التعيينات الملكية، فهم يرون أنه من غير اللائق سياسيا أن يقدموا استقالتهم على تعيين أو تكليفٍ ملكي”.

ولفت المتحدث ذاته، إلى أننا أمام قراءة جديدة للفصل 42، فالفقرة الأولى للفصل تبرز أن الملك له مسؤولية وصلاحية لحماية الخيار الديمقراطي، من خلال الحفاظ على الشرعية الانتخابية التي يملكها بنكيران، والتي يتهددها موقف متشنج وغير واضح لتحالف 4+1، وخيارها في المشاورات يهدد هذه الشرعية، وتدفع بنكيران لتقديم استقالته”.

ورطة حقيقية

“على بنكيران أن يتجاوز أنفته السياسية ويعترف أنه في ورطة، ويلتمس من الملك التدخل للحفاظ على الخيار الديمقراطي من خلال تليين المواقف. يقول اليحياوي الذي يذهب إلى القول بأن “الملك سيحرص على الحفاظ على (الاتحاد لاشتراكي) كقيمة تاريخية في النسق السياسي، بحيث إذا ما دخل حزب “لشكر” إلى المعارضة سينتهي أمره كحزب، والحال أنه ذاكرة جماعية ينبغي الحافظ عليها، وبمناسبة هذا يوضّح اليحياوي :”أنه يوجد له محل في الأغلبية ليس بالطريقة ديال لشكر، بل بالطريقة التي يحكم فيها الملك، باختيارات الأشخاص الذين سيكونون في الحكومة ويتوفرون على كفاءات وأن لا يخلقو «bloc» مع أخنوش ضد بنكيران في لحظة ممارسة العمل الحكومي”.

ملتمس للملك لرفع الحرج

وضمن الخلاصات التي خرج بها اليحياوي في حديثه للموقع، أن إهانة مؤسسة “رئاسة الحكومة” في هذا التوقيت هي إهانة للمسار الانتخابي الذي يراهن عليه الملك ليكون مدخلا للانتقال الديمقراطي وإهانة أيضا للأصوات الناخبة”، قبل أن يعرّج على أن “التحالف الذي يقوده أخنوش يسيئ للملك، لأنه يبخّس العملية السياسية”. 

وختم اليحياوي تصريحه قائلا: “إن تقديم ملتمس من بنكيران للملك، ليس بمبرر الضعف، وإنما لحماية المسار الديمقراطي لأن بنكيران لا يمثل نفسه وحزبه وإنما يمثل الشرعية الانتخابية”.