لم يكن المشهد عاديا ولا متداولاً من قبل بأن يخرج مستشار للملك في قناة عمومية رسمية، للرّد على تصريحات أمين عام حزب “الاستقلال”، حميد شباط، كان اعتبر “موريتانيا” أراضي تابعة للمغرب. خرجة “الطيب الفاسي الفهري” دفعت عدد من المراقبين إلى التساؤل عن أسباب هذا “الهجوم المُباغت” من مستشار للملك في خضمِّ سياقٍ خاصٍ “محمومٍ” يتّسم بالصراع والندية السياسية داخل الأحزاب السياسية.  

وكان الفاسي الفهري، هاجم زعيم “الاستقلاليين”، حيث قال إن “تصريحاته بخصوص موريتانيا أثرت بشكل كبير على الدبلوماسية المغربية مضيفا أن “كمشة” من الدول واصلت استغلالها لهذه التصريحات إلى حدود الإعلان عن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي”.

واعتبر عدد من المتابعين أنه كان بإمكان الفاسي الفهري إصدار بلاغ يردّ فيه على تصريح شباط دون أن يخرج بـ”ثقله” في قناة رسمية وفي توقيت جد حسّاس، بعيد عودة المغرب للاتحاد الافريقي.

عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بقلعة السراغنة، قال إنه ” لا يخوّلُ لمستشار الملك أي صفة قانونية بالخروج ومواجهة الرأي العام في قضايا سياسية معينة، مبرزا أن “هؤلاء المستشار مهمته تقديم المشورة أو أداء المهام التي كُلّف بتنفيذها، التي لا تدخل في نطاق الفعل السياسي المباشر، قبل أن يوضح فكرته قائلا: “الأعراف القانونية واضحة ولا يمكن لمستشاري الملك أن يتحولوا لفاعلين سياسيين”.

ويرى العلام أن “بروز الفاسي الفهري إلى العلن، من خلال إبداء تصريحاته تجاه فاعل سياسي معين وتحميله المسؤوليات، سيُدخل المؤسسة الملكية في الدواليب السياسية والحزبية ويجعلها بمثابة فاعل حزبي، لأن اليوم إذا خرج المستشار الطيب الفاسي الفهري إلى الإعلام من أجل نقد مؤسسة سياسية، فإن هذه الأخيرة لها حق الرد بما يقتضيه قانون السمعي البصري، متسائلا في السياق ذاته: “على من سترد؟ هل على الفهري بصفته إنسان عادي، أم بصفته مستشارا للملك، وهذا ليس في صالح لا المؤسسة الملكية ولا الأحزاب السياسية”.

وكشف العلام في معرض حديثه أن “الفاسي الفهري معروف بقربه من حزب “الاستقلال”، وأن هناك اليوم صراع حزبي داخل هذه الهيئة السياسية، وعندما يتدخل مستشار الملك بهذا الكلام فهو يناصر طرفا على طرف آخر، هذا إذا أخدنا بعين الاعتبار بأن الطرف المناصَر لديه قرابات عائلية مع مستشار الملك، مبرزا أن “مثل هذه الخرجات هدفها إضعاف حزب “الاستقلال” وتدميره من الداخل، بحيث يأتي هذا ونحن أمام المؤتمر 17 لحزب “الاستقلال”.

وأعاز العلام في حديثه لموقع “لكم” أن “الأمر يتعلق بتدمير حزب “الاستقلال”، لأن اليوم إذا أصبح “القصر” يوجّه تيارا معينا في الحزب بتيار آخر فإن هذا سيكون بهدف تحويل حزب “الاستقلال” إلى دكان كباقي الدكاكين السياسية، وتحويله لحزب إداري”.