دعا فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، إلى معالجة شاملة لكل الجوانب التدبيرية والقانونية المتعلقة بمنازعات الدولة، معتبراً أن ذلك يتطلب جرأة ومسؤولية وتصوراً واضحاً. جاء ذلك خلال مشاركته في أشغال المناظرة الوطنية الأولى حول “تدبير منازعات الدولة والوقاية منها، مدخل لصون المشروعية واستقرار الاستثمار وترشيد النفقات العمومية” التي تعقد اليوم الثلاثاء.

وشدد لقجع على ضرورة وضع خارطة طريق محددة المعالم للتدبير الأمثل لمنازعات الدولة، تحقق التوازن بين توفير الظروف الملائمة لتنفيذ المشاريع التنموية من جهة، وحماية مصالح الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية من جهة أخرى. وأوضح أن الدولة والجماعات الترابية تظلان المستثمر الرئيسي في مجال التشغيل والإنتاج، وبالتالي تتحملان مسؤولية تحفيز الاستثمار الخاص.

وأبرز الوزير أن حماية التوازن المالي للدولة يمثل مبدأ دستوريا تتقاسم مسؤوليته السلطتان التنفيذية والتشريعية، مع تأكيده على دور القضاء الدستوري في صون هذا المبدأ. كما استعرض الخبرات والتجارب التي راكمتها مختلف الأطراف المعنية في مجال تدبير المنازعات، والتي كشفت عن جملة من الإشكاليات أبرزها: ضعف التنسيق بين الإدارات والوكالة القضائية للمملكة، محدودية الإجراءات الوقائية، نقص الكفاءات المتخصصة، عدم ملاءمة بعض النصوص القانونية، وغياب معايير مرجعية لأعمال الخبرة.

وكشف لقجع عن الآثار السلبية لهذه الإشكاليات، حيث بلغت التكاليف المالية للمنازعات التي تخص مصالح الدولة خلال سنة 2023 حوالي 5.4 مليار درهم، توزعت بشكل رئيسي على قضايا نزع الملكية والمسؤولية الإدارية والصفقات العمومية وملفات الاستثمار.

وأعلن الوزير عن عزم الحكومة المضي قدما في إصلاح منظومة المنازعات القضائية وفق مقاربة متكاملة ومسؤولة، مع الحفاظ على المصلحة العليا للبلاد ومراعاة حقوقها. كما دعا إلى اعتماد مقاربة وقائية تعزز الرقابة الداخلية وتضع خارطة طريق للمخاطر المحتملة، مع العمل على تحديثها بانتظام.

وتضمنت توصيات لقجع سن مساطر موحدة لتدبير المنازعات، وإعداد نماذج معيارية للعقود ودفاتر التحملات، وتكثيف الاستعانة بمستشارين قانونيين متخصصين، وتعزيز المصالح المكلفة بالشؤون القانونية، واللجوء إلى آليات بديلة كالوساطة والتحكيم لحل النزاعات الإدارية.