اعتبر محمد مدني، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس، أن ما جاء في بلاغ الديوان الملكي مساء الأربعاء والذي وضع نهاية لمهمة تشكيل الحكومة من طرف عبد الإله بنكيران، فيه لبس من جانبين، الأول مرتبط باللغة المعتمدة في البلاغ والتي وصفها المتحدث بأنها “لم تكن واضحة”.

أما الجانب الثاني، حسب ما قاله مدني في تصريح لموقع “لكم”، يتعلق بالحديث عن تعيين شخص آخر من الحزب المتصدر لانتخابات السابع من أكتوبر الماضي (العدالة والتنمية)، دون الإشارة إلى وضعية رئيس الحكومة الآخر (أي رئيس حكومة المنتهية ولايتها).

وشدد مدني على أن البلاغ لم يورد قط كلمة “إعفاء” التي تداولتها وسائل الإعلام، معتبرا أن إعفاء عبد الإله بنكيران كرئيس للحكومة، لا يتم إلا بناء على استقالته، التي يترتب عنها إعفاءه من طرف الملك، مضيفا قوله: “ليس هناك طريقة أخرى في الدستور لإعفاءرئيس الحكومة سوى تقديمه لاستقالته”، وهذا الجانب، يضيف الخبير الدستوري “بقي غامضا في بلاغ الديون الملكي”.

إلى ذلك أشار مدني إلى أنه عندما عين بنكيران في 10 أكتوبر الماضي، عين كرئيس حكومة، وليس “كرئيس مكلف كما يتم تداوله في الصحافة أو كمرشح لرئاسة الحكومة”، بل ” رئيس حكومة” يضيف المتحدث.

وكشف مدني أنه كان ينبغي إصدار ظهير ملكي بخصوص وضعية كل من سعد الدين العثماني كرئيس الحكومة الجديد، وكذلك وضعية عبد الاله بنكيران باعتباره رئيس حكومة تصريف الأعمال،  بحيث يتم ” تدقيق هذه المسألة في الظهيرين”.

واستشهد الخبير في القانون الدستوري بما حدث في سنة 2011، عندما عٌين بنكيران، حيث صدر ظهيران وقعا في ميدلت، الأول يتعلق بتعيين بنكيران رئيسا للحكومة، والثاني بتعيين عباس الفاسي كرئيس حكومة تصريف الأعمال.

وشدد مدني بالقول إن الطريقة التي عولجت بها هذه القضية برمتها لم تكن سليمة وإن تم الاعتماد في ذلك على الفصل 47.

من جانب آخر، أفاد مدني في حوار مع يومية أخبار اليوم، أن “بلاغ الديوان الملكي يحاول أن يؤسس لمرحلة جديدة أخرى، إذ أخذت الملكية زمام المبادرة لإعادة ترتيب المشهد السياسي”

بخصوص تحميل بنكيران مسؤولية فشل تشكيل الحكومة، قال أستاذ العلوم السياسية، في نفس الحوار،  أن “رئيس الحكومة بدون شك ارتكب أخطاء، ولكن هناك عدة معطيات تؤكد أن المسؤولية موجودة وغير محددة”، موضحا: “المعطى الأول يتعلق بطبيعة الأحزاب المعروفة بفقدان الاستقلالية، والمعطى الثاني يهم المفاوضات، التي تكون دائما صعبة بغض النظر عن طبيعة المشهد الحزبي، والمعطى الثالث مرتبط بحركة الطرفين الرئيسيين في المفاوضات وهما بنكيران ونواة السلطة السياسية، كان هامشا محدودا ولم  تكن لهما خيارات كثيرة”.

واعتبر مدني أن “بلاغ الديوان الملكي يندرج ضمن ممارسات روتينية في النظام المغربي ولا تثير الاستغراب، فمتى كانت هناك مراحل تنازلات عن صلاحيات، إلا ومباشرة تتلوها حركية من أجل استعادتها، فقد كانت هناك دائما جدلية التنازل وإعادة تملك هذا التنازل”.

وقال مدني إن “هناك مبالغة في التأثيرات الخارجية” معتبرا أن ما يقع في المغرب يعبر عن أزمة داخلية في ظرفية ومحيط إقليمي وعالمي.

إلى ذلك أوضح، في مدني “أن يعين الملك بنكيران من الحزب المتصدر للانتخابات أمر يعني أنه لم يختره هو، بل اختاره الناخبون، وهذا التنازل لم يكن بالبسيط في حينه لكن كان من المتوقع أن تأتي بعد ذلك مرحلة لتدارك هذا التنازل”.

ويتعقد مدني  أن “عبد الإله بنكيران كان سيعفى من مهامه حتى ولو قبل بالاتحاد بالاشتراكي في الحكومة، لأن مسألة الاتحاد هي مسألة ثانوية، أمام الرهانات الحالية التي تحاول فيها الملكية استعادة عدد من التنازلات التي قدمتها”.