قال الصحفي أبو بكر الجامعي إن النخب السلطوية في المغرب استنفذت الموارد التي تستخدمها للاستدامة في الحكم.

وأوضح الجامعي في ندوة نظمتها جماعة “العدل والإحسان”، اليوم السبت، بمناسبة الذكرى التاسعة لرحيل عبد السلام ياسين، أن السلطوية في العمق هي استلاء فئة من المجتمع على أدوات الدولة، واستخدامها ليس لخدمة المجتمع بل للاستدامة في الحكم”.

وأكد أنه عندما نتحدث عن إصلاح حقيقي فإنه من الضروري إعادة النظر في العلاقة بين المجتمع والدولة، حتى تكون الأخيرة في خدمة المجتمع وليس العكس، أي أن تستولي فئة على موارد الدولة المادية والرمزية لملاحقة المعارضين.

وأشار الجامعي أنه يعتقد أن هناك استنفاذا للموارد السلطوية لأن حركة 20 فبراير وما وقع في 2011 هي بمثابة هزيمة للسلطوية ولو أنها تمكنت فيما بعد من أخذ زمام المبادرة، وقدمت دستورا ممنوحا وغير ديمقراطي.

وأضاف ” خطاب مارس 2011 هو خطاب هزيمة لأنه قبله لم يكن هناك أي كلام عن الدستور، ولم يكن هناك أي نقاش قبله حول إعادة النظر في الدستور، وعندما تأتي أعلى سلطة في البلد وتقول إنه يجب إعادة النظر في الدستور، في هذا بحد ذاته يشكل هزيمة أيديولوجية بالنسبة للسلطوية”.

وسجل الجامعي أن هناك عدة أسباب مكنت النخب السلطوية من الوقوف مجددا، لكن حراك الريف كان منعطفا مهما تبعه خطاب آخر واعتراف بهزيمة ثانية هي فشل النموذج الاقتصادي، بعدما تم الاعتراف في 2011 بفشل النموذج السياسي.

وأبرز أن الصورة السائدة للنظام بكونه يحل المشاكل المعقدة ويجمع الطاقات الخلاقة والتكنوقراط والنخب الاقتصادية أظهرت تهافتها وبأنها غير صائبة.

وشدد على أن المعضلة التي تعشيها النخب السلطوية في المغرب، هي أنها تعلم أن الإصلاحات الكفيلة بجعل اقتصاد المغرب أكثر إنتاجية وتنافسية مع الخارج، تحد من سلطويتها وامتيازاتها، ولهذا لا تقبل الإصلاح.

وتابع ” السلطوية في مأزق لأنها لا تقبل بالإصلاحات التي من شأنها الدفع باقتصاد البلاد إلى الأمام، ولأن لهذا ثمن سياسي لن تقبل أن تؤديه”.

ولفت الجامعي إلى أن هناك وهما يلعب به النظام منذ مدة هو الدوامة الإصلاحية، فعندما نستمع لخطب نخب النظام نجد دائما الحديث عن الإصلاح، لذلك يجب أن نتساءل عن هذه الدوامة الإصلاحية التي لا تحقق أي شيء مقابل المشاكل التي تتفاقم.

وشدد على أن النظام كان يتمكن في أن يأخذ من خارج الدائرة الضيقة المحيطة به على قوى سياسية ذات مصداقية يغذي بها الدوامة الإصلاحية التي يروج لها، وما ظهر في الانتخابات الأخيرة أنه استنفذ خزان الأيديولوجيات والقوى السياسية التي كان يستخدمها.

وأبرز الجامعي أن النظام لم يعد له الوقود الذي كان يستخدمه سابقا كي يوهم بأنه يقوم بالإصلاحات، وما يفاقم هذا الوضع هو المشاكل الاقتصادية ومعضلة الشباب العاطل خاصة في المدن لأن جل البلدان التي وقعت فيها المظاهرات ومحاولات تغيير النظام كلها بدأت بهذه الفئة من المجتمع.

وزاد ” نعيش منعطفا خطيرا جدا في المغرب لأن التركيبة الديمغرافية في البلاد تتميز بكون الشباب الذين تتراوح أعمراهم بين 15 و 29 هي الأكبر في المجتمع، وهذا أحسن وضع يمكن أن تحلم به أي الدولة، لكن في الأنظمة السلطوية الشبيهة بالمغرب، التي تخفق في إحداث تركيبة مؤسساتية ومناخ يلائم التنافسية الاقتصادية والمقاولاتية، يتحول السلاح الديمغرافي الإيجابي إلى سلاح ضار بالفئات الحاكمة”.

واسترسل بالقول ” شبان اليوم أكثر ذكاء فمعرفيا يملكون الانترنت ويعرفون ما يقع في باقي البلدان، وشهدنا كيف خرجوا في مظاهرات 20 فبراير وفي الحركات الاجتماعية التي تلتها، والدولة فشلت في أن تخلق لهم فرص شغل وعيش كريم، وهم يدركون ذلك جيدا، وأي موجة جديدة من الاحتجاجات تعني أن هذه الفئة ستكون في مقدمتها”.

وخلص الجامعي إلى أنه يجب الاتفاق على الصيغة الجديدة التي يجب أن تجمع بين الدولة والمجتمع، والبحث عن تركيبة جديدة، واتفاقات بين مختلف النخب الأيديولوجية، من أجل تقوية مناخ خلق الثروات وإعادة توزيعها، خاصة أن المغرب مقبل على صدمة كبيرة، على حد تعبيره.