أثار غياب وزارة حقوق الإنسان في حكومة عزيز أخنوش كثيرا من الانتقادات والتساؤلات في صفوف نشطاء وحقوقيين، إلى درجة اعتبار حذف الوزارة مقدمة لمزيد من التراجعات الحقوقية بالمغرب.

واعتبر عدد من الحقوقيين أن حذف وزارة حقوق الإنسان ومعها الحريات، مؤشر سلبي، ويحتاج لتوضيحات عاجلة من طرف الحكومة، خاصة وأن الوزارة أطلقت مشاريع صرفت عليها أموال طائلة ولا تزال لم تنه بعد، وعلى رأسها الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان.

إطفاء نقط الضوء

واعتبر عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن التركيبة الحكومية الجديدة عرفت إطفاء نقط الضوء التي جاءت بعد حراك 20 فبراير، وعلى رأسها وزارة حقوق الإنسان.

وأوضح غالي في تصريح لموقع “لكم” أن التركيبة الحكومية الجديدة، إضافة إلى حذفها لوزارة حقوق الإنسان، ألغت كلمة الحريات التي كانت مجاورة لوزارة العدل، كما أقصت المجتمع المدني الذي كان مندرجا ضمن الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان.

واعتبر أن اختفاء هذه النقط الثلاثة من حكومة عزيز أخنوش يعد تراجعا عما تحقق بعد حراك ودستور 2011، فهذه النقط كانت تشكل إضاءات للعمل الحكومي، لكن تم التراجع عنها.

وإضافة إلى حذف الحقوق والحريات والمجتمع المدني، نبه رئيس أكبر جمعية حقوقية في المغرب إلى الترتيب الذي تم استقبال الحكومة الجديدة به، والذي بوأ وزير الداخلية المكانة الثانية ضمن الهرم الحكومي.

وأوضح أن الترتيب الحكومي الذي استقبل به الملك الحكومة الجديدة يظهر أن الرجل الثاني هو وزير الداخلية، ما يعني عودة قوية للداخلية، خاصة أمام الهجمة على الحقوق والحريات في السنوات الأخيرة.

وربط غالي بين حذف وزارة حقوق الإنسان والخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان، والتي صرفت عليها أموال طائلة، متسائلا عن مآلاتها اليوم في ظل حذف الوزارة المسؤولة عليها.

ولفت غالي إلى أن غياب هذه الوزارة يعني إحالة ملف حقوق الإنسان على المندوبية، وهذه الأخيرة الجميع يعرف من فيها، ويعرف مضامين تقريرها حول حراك الريف وكلامها حول الاعتقال السياسي، معتبرا أن السنوات القادمة ستعرف مزيدا من التراجعات الحقوقية.

كما سلط غالي الضوء على نقطة أخرى مرتبطة بالتشكيلة الحكومية، وهي تحويل وزارة التشغيل لمديرية، في الوقت الذي كانت تتعالى فيه الأصوات لأن تكون وزارة مستقلة، ما يعني وجود تراجعات في الحقوق الشغلية مع “حكومة الباطرونا”، ويطرح التساؤلات حول وعد رئيس الحكومة الجديد بالزيادة في الأجور، ويطرح التساؤل حول الحوار الاجتماعي.

مؤشر سلبي

ومن جانبه قال عادل تشيكيطو رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان إن حذف الوزارة يقتضي توضيحات من طرف رئيس الحكومة الجديد، مؤكدا أن الإشارات التي يبعث عليها هذا الحذف غير إيجابية.

وأكد تشيكيطو في تصريح لموقع “لكم” على أهمية وزارة حقوق الإنسان رغم الملاحظات والانتقادات التي كانت حولها، ورغم أنها لم تكن تقوم بوظائفها الرئيسية في حماية حقوق المواطن، وفي أن تشكل صمام أمان للحقوق داخل الحكومة.

وتساءل رئيس أقدم جمعية حقوقية في المغرب حول مآلات المشاريع التي أطلقتها وزارة حقوق الإنسان ومن بينها الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان، وما إذا كانت هذه المشاريع مجرد عناوين وشعارات و”ماكياج”، وانتهى.

ولفت تشيكيطو إلى أن الحكومة مطالبة اليوم وبشكل عاجل بتوضيح أسباب هذا الحذف، ففي الوقت الذي تم فيه تبديل بعض القطاعات وإعادة توزيعها أو تسميتها، لا يوجد قطاع حقوق الإنسان في أي وزارة.

وأشار إلى أن هذا الحذف يطرح عدة تساؤلات حول مستقبل حقوق الإنسان بالمغرب، فمع من سيتخاطب الحقوقيون، هل مع رئيس الحكومة أم مع الناطق الرسمي باسمها أم مع وزير الداخلية…؟ وإلى من ستؤول الوظائف التي كانت مناطة بهذه الوزارة؟ مؤكدا على أن الحكومة مطالبة بالتوضيح عاجلا.