قالت آمنة ماء العينين البرلمانية عن حزب “العدالة والتنمية” إن فيروس كورونا خلق ارتباكا في العالم كله، لأنه شكل أزمة غير مسبوقة.

وأشارت لأنها غير مسبوقة كان من الصعب أن نتعامل معها منذ البداية بطريقة محكمة، محضر لها، سواء على المستوى القانوني، أو على صعيد التدابير والاحترازات التي كان يجب اتخاذها.

وانتقدت آمنة ماء العنين في الندوة التي نظمها المعهد المغربي لتحليل السياسات، وجميعة “سمسم للمشاركة المواطنة”، ليلة أمس الأربعاء، الخطابات الداعية إلى الضرب من حديد وردع المخالفين للحجر الصحي، مشيرة أنها خطابات غير ديمقراطية، تستبطن نوعا من العنف، يجد له مبررات في أي لحظة.

وأوضحت أن هذا يذكرنا بأحداث الحادي عشر من شتنبر وما أعقبها من نقاش في العالم كاملا حول حماية حياة من الناس من التهديدات الإرهابية، وبدأت قوانين مكافحة الإرهاب في العالم كاملا، وخلفت جيلا من خرق الحقوق والحريات الأساسية، وقع فيه نوع من التساهل في البداية، وبعد ذلك قضينا فترة طويلة وظهر خطاب حقوقي ينبه إلى أن مواجهة الحركات الإرهابية لا يجب أن تنسينا ضرورة التشبث بالحقوق والحريات، وانتبه العالم للخروقات التي وقعت.

واعتبرت أن أحكام الطوارئ الصحية في العالم كله لم تخرج عن هذا السياق، ففي البداية وقع ارتباك، ثم تساهل مع بعض الخروقات، وبعدها ظهر الخطاب الحقوقي الذي ينبه للاختلالات.

وأكدت أنه في العموم كان هناك حرص من طرف الدولة للالتزام بالقانون، ورأينا بلاغات لمديرية الأمن الوطني تحدثت عن متابعات بحق بعض المسؤولين المرتكبين لتجاوزات، وبلاغات في حق أعوان ومسؤولي السلطة، لكن هذا لم يمنع من تسجيل اختلالات وخروقات نبهتنا إلى أننا أمام أننا أحكام حالة الطوارئ الصحية، وليست حالة طوارئ بمعناها السياسي.

وأشارت ماء العينين أنه من السابق لأوانه من نتحدث عن احترام الحقوق والحريات في حالة الطوارئ، فقد كانت هناك محاولة لاحترام القانون، لكن حدثت ثغرات وانزلاقات عبر عدة متابعات واعتقالات، وكانت أكثر من 35 ألف متابعة، ونحن نعرف جميعا وضعية السجون، التي بذأت تظهر فيها عدة بؤر.

وذكرت ماء العينين حالة القاصر الذي توفي بالجديدة وهو محتفظ به فيما يشبه الحراسة النظرية، واعتقالات في صفوف مدونين كتبوا عن حالة الطوارئ الصحية، مشيرة أن هذا لا يخرج عن التنبيه الذي أطلقته المفوضة السامية لحقوق الإنسان “ميشيل باشليت” التي نبهت إلى أنه في العالم كاملا يقع استغلال حالة الطوارئ الصحية المعلنة للمس بالحقوق والحريات، وحذرت من هذا.

وشددت ماء العينين على ضرورة الحذر من وقوع أي انفلاتات مع الحرص على حماية الحقوق والحريات.

وأكدت أنه في ظل حالة الطوارئ الصحية يجب أن يبقى بناؤنا المؤسساتي قوي ويمارس كل أدواره.

وقالت ماء العينين إنها ليست راضية، وأعلنت عليها منذ البداية، على الطريقة التي دبر واشتغل بها البرلمان في هذه الفترة، فالارتباك في البداية كان مفهوم لكن الان أخذنا مساحة للتقييم وخرجنا من حالة الارتباك والدهشة الأولية، ويجب معالجة كل الإشكاليات.

وأوضحت أنه تم الاتفاق على تأجيل الخلافات بين الأغلبية والمعارضة والتوافق وإظهار الروح الوطنية، ومن ثم حدث التقليص في عدد النواب، لكن ليس لنا معطى دستوري يوضح كيف يشتغل البرلمان في هذه الحالة، فهناك حالة الاستثناء ولسنا فيها، والنظامين الداخلين للبرلمان لا يتضمنان كيفية التعاطي مع هذه الحالة أو حتى مع حالة الكوارث الطبيعية، وهذه الإشكالية يجب أن تعالج بحسبها.

وأضافت “فلنتصور مثلا أن يضرب زلزال لا قدر الله الرباط، فكيف يمكن أن يتعامل البرلمان مع هذا المعطى، فالمشرع دائما يتوقع ونحن لدينا بياض على هذا الصعيد”.

وأكدت ماء العينين أنه في الرقابة على الحكومة ممكن أن نقلص عدد النواب لكن في التشريع هذا مشكل حقيقي، لأننا خرقنا مبدأ التمثيل النسبي الذي يقوم عليه بناء البرلمان، فغير المنتسبين يحضرون بشكل دائم في جلسات البرلمان بمعدل 50 في المائة، بينما الفريق الأول الذي تنتمي يحضر بنسبة 2 في المائة، وهناك فرق تحضر ب  20 أو 30  في المائة، وهذا غير منطقي بحسبها، لأنه عندنا قاعتين كبيرتين في البرلمان يمكن أن تحترم فيها مسافة الأمان، مع احترام حقوق النواب في الحضور ويكون هناك نوع من التوازن.

وأعطت ماء العينين المثل بالبرلمان التونسي الذي فعل التصويت الإلكتروني، مشيرة أن هذا يحدث في تونس القريبة منا، التي لم تسبقنا كثيرا في البناء المؤسساتي والسياسي.

ودعت ماء العينين إلى تأجيل كل القوانين غير المرتبطة بهذا الوضع تؤجل، مؤكدة في نفس الوقت أنه كان بإمكان البرلمان أن يشتغل في إطار تدابير صحية صارمة ويسمح للبرلمانيين بالحضور والقيام بأدوارهم، فالإمكانيات موجودة والقاعات متوفرة.

وتابعت “البرلمانييون ليسوا أقل من أطر الصحة ورجال السلطة الذين يشتغلون كل يوم، أو أقل من العمال في المصانع والفلاحيين، فلا يمكن ان نخاف على حياة البرلمانينن أكثر من هؤلاء”.

وانتقدت نفس المتحدثة “التمسك الأرثدوسكي” بهذه الوضعية التي لا يراد تطويرها، مؤكدة أنه لم تعطى للبرلمان الفرصة كي يقوم بالأدوار المناطة به في هذه المرحلة، علما أن مؤسسة البرلمان من المفروض أنها مستقلة ولا تنتظر أي جهة كي تعطيها، لأنها تمثل سلطة فيها نواب لديهم اختصاصات كثيرة، ولا يمكن أن يمكثوا مثلهم مثل بقية المواطنين في بيوتهم في حالة الطوارئ ويبحثوا عن تصريح من أجل التحرك.

واستغربت ماء العينين من التأخير الحاصل في عدة قوانين، مشيرة على سبيل المثال لقانون الحق في الحصول على المعلومة الذي تأخر لسنوات وعندما خرج لم يكن في المستوى المطلوب.

وشددت على أن مشاريع القوانين يجب أن تخرج بشكل استباقي، موضحة أنه بمشروع قانون 22.20 خرقنا القانون، فهل كان علينا أن ننتظر كبرلمانيين وسياسيين حتى تخرج تسريبات القانون عبر مدون على الفايسبوك؟.

وأكدت ماء العينين أن الاختلالات تنتعش عندما تغيب الشفافية، والمشكل أن المشروع تبرمج عشية المجلس الحكومي، وهذا جعلنا أمام إشكالية دستورية لا نعرف معها حتى أن تمت المصادقة عليه أم لا، والقانون التنظيمي لسير أشغال الحكومة لا يجيب على هذا الإشكال، فكيف تمت المصادقة وتشكيل لجنة وزارية وتقنية لإعادة البت فيه؟ فهل معنى هذا أنه سيعود للمجلس الحكومة من أجل المصادقة عليه؟.

وأبرزت أن النقاش الذي كان حول المشروع إيجابي، لذلك الجميع التقاط الرسالة حكومة وبرلمان ومنتخبين وأحزاب سياسية، ويفهموا أن هناك تحولات إيجابية جذرية تخترق المجتمع.

وأشارت أنه يجب أن نعرف كيف ندبر هذه الإشكالية قانونيا فهل تكون عندنا مدونة نشر جامعة للصحفيين والمواطنين العاديين دون الإحالة على القانون الجنائي، وكيف نحمي حرية التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي نفس الوقت نحمي الناس من التشهير والابتزاز والقذف، موضحة أن هذا النقاش موجود في عدة بلدان من بينها فرنسا.

وأكدت ماء العينين أن تدبير هذا المشروع كان كارثي والمواد التي تتضمن تجريم المقاطعة تعود إلى زمن ولى وليس زمننا اليوم.