قال محمد الأشعري وزير الثقافة والاتصال في حكومة التناوب إن المغرب يعيش تراجعات خطيرة في مجال الحريات والتعبير والفنون.

وأوضح الأشعري في لقاء استضافته فيه وكالة المغرب العربي للأنباء، اليوم الثلاثاء، أن هذه المجالات التي تشكل روح التقدم كلها تتعرض لتراجعات خطيرة وربما هي نقطة سوداء نعيشها منذ فترة.

وأضاف “أنا مع كل التشريعات المتقدمة التي يمكن أن تخلص القوانين المغربية من مقتضيات متخلفة لا تمت بصلة إلى الآفاق الدولية ولقانون التطور، القضايا المتعلقة بالحريات الفردية، وبحق المرأة في امتلاك جسدها وفي التصرف فيه وكل الأشياء المرتبطة بحرية المعتقد، يجب أن يكون فيها المغرب حاسما وأن لا يتحجج بمحافظة المجتمع وبرجعيته”.

وأكد الروائي والشاعر والوزير السابق أن “هذه الحجج تضع حرياتنا جميعا بين يدي الظلاميين عوض أن تضعها بين يدي الدولة والنخب المتنورة”.

وأبرز الأشعري أن الإصلاحات التي تمت على مستوى الاعلام من أجل رفع الاحتكار كانت ضرورية، مشيرا أنه وفي الوقت الذي كان فيه وزيرا كانت تحرير قطاع الاعلام السمعي البصري يعتبر مجازفة غير محمودة العواقب، وكانت هناك تخوفات لا في المجال التمويلي ولا في المرفق العام.

وأشار صاحب رواية “القوس والفراشة “أنه من بعد 18 سنة من التحرير كان هناك شق فيه بعض التقدم هو الإذاعات الخاصة، وهو تقدم يخضع للنقد، ولكن يجب أن نسجل إيجابيات التعدد في القطاع الإذاعي.

ومن السلبيات التي يمكن مآخذتها على الإذاعات الخاصة، يضيف الأشعري أنها تقوم بتخريب يومي للغة ، وللأسف الشديد الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري لا تعير أي اهتمام لهذا الموضوع، وكأن المس باللغة شيء عادي.

وشدد الأشعري أنه في المقابل لم يحدث هناك أي تطور في المشهد البصري وهذه من الفراغات الكبيرة التي عرفها الإصلاح، موضحا أن الإصلاح فشل إلى الآن في أن يقترح على المجتمع صيغة تنافسية ومتحررة في المجال السمعي البصري.

وقدم الأشعري انتقادات واسعة للإعلام العمومي، مشيرا أنه عندما يكون هناك نزاع عام داخل المجتمع فإن الاعلام العمومي يقف في صف، والصحافة الحرة تقف في صف آخر، وهذه الوضعية لا يمكن استيعابها فكيف يمكن للإعلام العمومي بأن يقوم بدور ضابط شرطة، هذا يعود إلى عهد بائد، على حد تعبيره.

وأكد الأشعري أن الإعلام العمومي يجب أن يقدم خدمة عمومية كما هو الحال في العديد من الدول وعلى رأسها بريطانيا، وأن يحتضن جميع الأصوات والتعبيرات.

وتابع الأشعري كلامه قائلا “اليوم هناك انقسام خطير في الجسم الصحفي، بين جزء من الصحافة تمارس نوعا من النقد والمتابعة، أي الصحافة غير الموالية، وما بين صحافة مضادة لها، وهذا الانقسام مقلق جدا لأنه في بعض الأحيان يتحول الأمر إلى صحفيين يقتلون صحفيين، وهذا من الأشياء المؤلمة في الحقل الصحافي المغربي، وللأسف الشديد هذا الوضع تشجع عليه آليات قائمة وهذا ليس سرا، فهناك صحافة معروف من يقف وراءها وممولوها وهي من تقوم بهذه المهام الخطيرة”.

وأضاف ” نحتاج إلى جرأة سياسية من أجل إصلاح القطاع الإعلامي وأنا مؤمن بأن إشاعة مناخ إيجابي في الوضع الصحفي المغربي هو بداية الحل، واليوم أنا أشعر أن هناك جو محبط في الوسط الصحفي بمعنى “مكاين ما يدار”، وهذا هو السائد في الصحافة اليوم، فليس هناك مناخ إيجابي لبناء مقاولات إعلامية قوية ومقنعة، و في ذهن كل صحفي اليوم هناك إحساس بأن الوضع غير مشجع في هذا المجال”.

وشدد الأشعري على أن هذا المناخ السائد يجب أن يتغير لأنه مناخ سلبي ولا يفيد الإصلاح، لأن البلد الذي يصبح فيه الصحافييون خائفون فيه ما يقلق.