إلى أين ارحل، أنا هنا منذ ربع قرن ابني الاتحاد، أنا الطفل ابن سبع سنوات المواظب على قراءة جريدة “التحرير”، وأنا المتابعة لمحاكمة سنة 1963، وأنا الملتحق بإحدى الخلايا التلاميذية التابعة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وعمري لم يتجاوز بعد 16 سنة، أنا مؤسس جمعية “أعن أخاك”، أنا من أسست الشبيبة ومعي بعض الرفاق، أنا من حافظ على اسم الاتحاد الاشتراكي في عز الصراع مع أعداء الوطن والحزب سنوات الثمانينيات، أنا من حاور المخزن وأنقذ الاتحاد يوم دخل البعض منكم للسجون، وكان البعض الآخر يتجولون في شوارع باريس وينظمون لقاءاتهم في مقهى ومطعم  ليب في شارع سان جيرمان، أنا مناضل القرب أنا لم أغادر الحزب ولا الوطن، أنا من حافظ على الحزب يوم كنتم جميعكم في الحكومة تستمتعون بالتناوب، أنا ضمير الحزب كنت في قلب الصراع منذ سي عبد الرحيم، مع اليازغي ضد اليوسفي، وضد اليازغي نفسه، مع الراضي وضد الراضي، وفي المؤتمر التاسع مع نفسي ضد الجميع. 

 إلى أين ارحل إلى مهنة المحاماة التي مارستها عبر وبواسطة الحزب، إلى من اترك الاتحاد بعد أن غادره الجميع، وبقيت وحدي أذكركم بالتاريخ. 

فأنا الذي لا اعرف العيش إلا داخل الحزب أمثله في الجماعة، وداخل البرلمان، أو حتى داخل الحكومة ما استطعت، أنا من قاد الفريق البرلماني في عز التناوب، أنا عضو مؤتمر الأحزاب العربية والمؤتمر القومي العربي، ومؤخرا أنا نائب رئيس الأممية الاشتراكية،  أنا الكاتب الأول وقائد الحزب والناطق الرسمي باسمه، وأنا الذي يمثله في قضايا الحياة المدنية والقضائية، وأنا الرئيس التسلسلي للإدارة الحزبية، وأنا الآمر بالصرف في تدبير مالية الحزب، ومن يوقع باسم الحزب جميع التصريحات الواجب إيداعها لدى السلطات العمومية المختصة، وأنا من يوقع التزكيات للترشيح للمؤسسات المنتخبة الوطنية، وأنا من يوقع تزكيات إيداع الملف القانوني للكتابات الجهوية للحزب، أنا رئيس الفريق البرلماني، أنا من يحاور الدولة العميقة، أنا من يستطيع أن يفك تشفير الرسائل السرية، أنا أحارب الحكومة أنا المعرضة ومنسقها الوطني، أنا موجود في قلب الصراع، أنا اشتغل طيلة اليوم في مقر الحزب بالعرعار، وفي فروعه ومؤتمراته الإقليمية وأنا المتواجد بالرباط والقادر على التواجد في مناطق أخرى، ولا استطيع اخذ العطل مثلكم، منذ زمان بعيد وأنا لا أميز بين يوم السبت والأحد  وباقي الأيام فكلها أيام عمل وجهد ونضال، أنا من يغادر منزله باكرا ولا يعرف موعدا محددا للعودة، أنا دائما في اجتماع من أجل مصلحة الحزب، ورغم ذلك أجيب عبر الهاتف عن  كل الأرقام وحتى المجهولة منها. 

سأرحل لأنها سنة الحياة، لكن قبل ذلك اتركوني انصب ابني وابنتي بالبرلمان نيابة عني وعن الاتحاد، اتركوني اجمع القليل من الأموال كتقاعد عن نهاية الخدمة، اتركوني أوحد شعب اليسار وأقضي على الرجعيين، اتركوني حتى أصبح رئيس  للحكومة واعين أهلي وعشيرتي وزراء.

كيف لي أن ارحل، ومن أنتم أنا الرئيس المنتخب ديمقراطيا، انتم الرعاع الغير منتخبين، أنتم المتآمرين على الحزب، أنتم أبناء الباشوات والعائلات، أنا ابن الشعب أنا من حرر الحزب منكم وربط أواصله بالقوات الشعبية، فلتنظروا جيدا إلى لوائح الوردة في انتخابات 2015 دققوا النظر في الأسماء العائلية للمرشحين إنهم أبناء هذا الشعب، طبعا ليسوا مثقفين عضويين لكنهم أغنياء يملكون ثروات يسعون لتطويرها، وليسوا مناضلين لكنهم يعرفون بعض المناضلين ويتكلفون بمصاريفهم طيلة النهار وأثناء الليل، لهم أحلام بسيطة لا تتجاوز التصديق على بعض الوثائق بدون طابور انتظار، أوفي أبعد الحدود الحصول على بقعة أرضية أو رخصة إدارية لمشروع، ولا يطالبون بالملكية البرلماني أو ما شابه، أنا الذي أعمل على توحيد الأسرة الاتحادية واليسار، أنا حقا أريد الرحيل لكن لا أعرف إلى أين، وأخاف على الحزب والتنظيم منكم، أريد الرحيل فقط الاستمتاع بما جمعت من ثروات رغم أنها تذكرني بالاتحاد فلا أستطيع أن ارحل.

حقا تريدون أن ارحل فمن يستطيع أن يواصل هذه الأدوار، إلى أين اذهب ومن يملأ هذا الفراغ الكبير.

تريدونني أن ارحل لأن الوضع ما عاد كيف ما كان، ولأن بعض الجماهير الشعبية وبعض المناضلين فقط غاضبين قليلا، أقول لكم ولهم لم نخسر الانتخابات المهنية ولا الجماعية والجهوية، إننا ننتصر وأنتم لا تعرفون التحليل ولا تفهمون فن السياسة، ولا تعرفون قراءة الأرقام والمؤشرات، إنها فقط خطة كبيرة اشرف على تنفيذ تفاصيلها يوما بيوم، فمناضلو الاتحاد يشترون الجريدة خلسة من أعين الناس، ومنهم من يطبعونها ويوزعون المنشورات خاصة صفحة الشبكة، منازل المناضلين حلقات للنقاش حول المغرب الممكن وحول المشروع المجتمعي، شبيبتنا تشتغل في جنح الظلام، ونسائنا يستغلون كل الفضاءات المشروعة وغير المشروعة لنشر الفكرة الاتحادية، إننا في قلب المجتمع لنا مناضلون في الجمعيات وفي تنظيمات الحي، مناضلونا تخلو طواعية عن ريادة وتسيير الإطارات الثقافية والمهنية وهم أغلبية في القواعد، ورغم أننا بدون تنظيم نقابي قوي لكن مناضلينا موزعين في جميع النقابات العمالية، وكل هذه الجماهير تنتظر الإشارة مني أنا الزعيم للتصويت على الاتحاد وللعودة. 

سأرحل لأنها سنة الحياة، لكن قبل ذلك اتركوني انصب ابني وابنتي بالبرلمان نيابة عني وعن الاتحاد، اتركوني اجمع القليل من الأموال كتقاعد عن نهاية الخدمة، اتركوني أوحد شعب اليسار وأقضي على الرجعيين، اتركوني حتى أصبح رئيس  للحكومة واعين أهلي وعشيرتي وزراء.

سأرحل لأنها سنة الحياة، لكن قبل ذلك اتركوني أكمل رسالة جيل لجيل، سأرحل لكن قبل ذلك أراجعكم جميعا أيها الرعاع هل حقا تريدون أن يرحل الزعيم الرمز الكاتب الأول إدريس لشكر.

أريد الرحيل لكن لا أستطيع فأنا الاتحاد والاتحاد أنا.

جواب نيابة عن الأستاذ إدريس لشكر