يقول الحسن الثاني في توطئة مشهور لخطابه الشهير، يوم الأربعاء 1 ذي القعدة 1395 موافق نوفمبر 1975 بمدينة أكادير، على هامش إطلاق “المسيرة الخضراء”، تلك المسيرة، التي دخلت التاريخ من أبوابه الواسعة، لسلميتها من جهة، وللجماهير الحاشدة، التي شاركت فيها، إذ تجاوزت 350ألف نفر، من مغاربة، ومن مختلف أرجاء العالم، يقول الحسن الثاني” غدا إن شاء الله ستخترق الحدود، غدا إن شاء الله ستنطلق المسيرة، غدا إن شاء الله ستطالون أرضا من أراضيكم، وستلمسون رملا من رمالكم وستقبلون أرضا من وطنكم العزيز.”، هذا الخطاب، الذي تلقته العواصم العالميةْ على وجه السرعة، وسارعت كبريات الصحف والقنوات، على تدبيج افتتاحياتها، بخط عريض، مسيرة الحسن انطلقت، ومنذ يومذاك، مسيرة الشعب المغربي، مستمرة نحو أقاليمه الجنوبيةْ، ورغم ما صاحب النزاع الصحراوي المفتعل، مع إذكاء بعض الخصوم العرب لذلك الصراع، والتغرير بالشباب الصحراوي آنذاك إلى حمل السلاح وإزهاق أرواح المغاربة، تحت ذريعة الوحدة العربية وغيرها، من الشعارات، التي أتثبت فشلها في سنوات لاحقة، وانتهى روادها نهاية مأساوية، يعرفها الجميعْ.

بالموازاة ذلك، وفي قفزة تاريخية طويلة، وفي الوقت الذي كانت تتهيأ فيه المملكة المغربية، لفتح باب النقاش حول أخر انجازاتها السياسية، ودلك عبر تنزيل مخطط الجهوية في إدارة الشأن العام، عبر آليات اللاتمركز واللامركزية، في أفق بناء صرح جهوي موسع، يرقى إلى نظام الفيدرالية، ودلك نفيا لكل مزاعم أعداء الوحدة الترابية، وقطع الطريق أمام كل محاولاتهم لنيل من سمعة وقوة النظام السياسي بالمغرب، جاءتنا أنباء غير سارة من أقسى بقاع الشمال الاسكندينافي، أخلطت أوراق وحسابات الساسة المغاربة، الدين أوقفوا زمن وأحداثه، واتجهوا جماعات نحو العاصمة ستوكهولم، من اجل ثنيها عن قرارها القاضي، بالاعتراف بجمهورية الوهم الصحراوي، واكتشفنا مرة أخرى مدى استهتار الدبلوماسية المغربية بأعراف وتقاليد هدا الحقل المتقلب وعكر المزاج، اد أن المغرب لا يتوفر على سفير بالسويد مند ما يزيد عن ثلاث سنوات، أي أن الملعب ظل شاغرا أمام أنصار الطرح الانفصالي، الدين طبخوا قرار الاعتراف على نار هادئة،

القرار اليوم صار تحصيل حصل، وربما حمل دعاة الانفصال حقائبهم الدبلوماسية صوب عواصم أخرى بتعبير محمد اليازغي، وتركوا الساسة المغاربة، يستنزفون قواهم الخريرة، أمام تعصب وإصرار سكان الشمال، ونعلم جيدا أن المغرب، مهما تقدمت انجازات الوهم المزعوم، فانه في نهاية ينتصر لسيادته، لعلاقاته التقليدية والضاربة في القدم مع ابرز صناع القرار بالعواصم الغربية، لكن هده الدعابة العابرة لأنصار الانفصال، من شانها أن تدفع صانعي القرار بالرباط، إلى إعادة ترتيب اوارقهم وحساباتهم، ودلك لن يتأتى صدقا إلا بفتح مناطق الجنوب على كل العالم، ليكتشفوا كما اكتشفنا نحن المغاربة مدى تقدم وازدهار الحياة هناك، إلى حدود دفع دلك بالعديد من سكان الشمال المغربي الهجرة نحو كثبان الرمل، التي أضحت أنوارها، بارزة على خط مستقيم، من مدريد، ولا تخطئها عيون السياح الأجانب، الدين يتوافدون بأعداد متزايدة على أرخبيل جزيرة الداخلة،للاستمتاع بشمسها وعذوبة مياه بحرها ودفئ رمالها على مدار العام.

قضية الصحراء المغربية، تلخصها مقولة المحامي الايطالي، قضية عادلة بمحام فاشل

قضية الصحراء المغربية، تلخصها مقولة المحامي الايطالي، قضية عادلة بمحام فاشل، اد أن اغلب الدين تعاقبوا على إدارة القضية، لم يكونوا في مستوى، تأكيد وإبراز عدالتها، وبدلك فشلوا في كسبها، لأسباب نجهلها طبعا، ويدركها من هم اقرب إلى الدوائر الضيقة في صناعة القرار السياسي والدبلوماسي المغربي، لكن بالمقابل دلك، سمح هدا الفشل في تمدد حبل الوهم أكثر على عنق دعاة الانفصال، الشيء الذي يوحي بدنو اجل ونهاية الحق الذي أريد به الباطل.

كسب معارك ملف الصحراء على الورق وحده، لا يكفي لضخ إكسير التنمية في شرايين الصحراء، مثل ما قامت به ولازالت مستمرة في ذلك المملكة المغربية، انطلاقا من مشاريع حية، سمحت لمواطني الجنوب، أن يعيشوا حياة عادية وفي أحيان أفضل بكثير من باقي مواطني البلد، نتيجة لدواعي المعركة الأم لكل المغاربة،

الإشكالية التي طبعت إدارة هده القضية بالأساس، يكمن في طابع الموسمية، وهنا أتحدث عن الشق الخارجي الدبلوماسي، وما يدور داخل دواليبه، إما داخليا، فقد تحدث بإسهاب، وادعوا لزيارة ولو عابرة لتلك المناطق الجنوبية الحسانية، قلت طابع الموسمية، الذي ارتبط بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة، الذي يطلع علينا كل الربيع، وغيرها من التقارير، التي يكون فيها دور المغرب تفاعليا لا أكثر، الشيء الذي شتت واستنزف مقوماته الدبلوماسية العريقة، في إدارة أزمات، تخلقها الآلة الوهمية، ودلك عبر تمويلات، تطرح أكثر من علامة استفهام، اد تتهمها بعض المنظمات في الاتجار بالمساعدات الإنسانية، وتتهمها في أحيان أخرى بعلاقاتها، المشبوهة مع مهربي الصحراء، في علاقة متشعبة، تؤدي بنا إلى تنظيمات إرهابية بالصحراء الكبرى، وهنا نطرح استفهاما واسعا، هل الأخوة الأشقاء الجزائريين، كيف تقتطع الآلة العسكرية من أموال الشعب الجزائري، المغلوب على أمره، الذي يعاني ويلات وشظف العيش، من اجل رفاهية رؤوس ودعاة الانفصال في اسبانيا.

في النهاية، أي كانت تجليات النكسة الدبلوماسية العابرة، فالمغاربة واعون، وربما هنا يكمن الخلل، واعون ومدركون، أن لا مغرب بلا صحرائه، ولا صحراء بلا مغربها، كما هو شان لباقي أقطار المغرب الحبيب، كما أن المغرب، كما أسلفت الذكر، ماض في إرساء نظام جهوي موسع، بصلاحيات اكبر في تدبير الشأن الجهوي، الشيء، الذي يؤول في النهاية إلى نظام فدرالي، كل جهة تعمل على تحقيق نموها وازدهارها، في مقابل دلك، سيغرد دعاة الانفصال خارج السرب، السرب، الذي ظلّ سربه الحقيقي الكبير المتجسد في المغرب، واتبع بموازاة دلك سراب إمكانية الانفصال، التي يدرك دعاتها، انه من المستحيل، تحقيقها، ولو قال البعض نعم.