الموضوع مركب يتداخل فيه الاقتصادي بالديني بالتشريعي بالواقع المتحول. ذاك أن حق المرأة ونصيبها في الإرث يجب مقاربته شموليا بما يحقق القيم الكبرى التي تتفق فيها المبادئ الوضعية مع التعاليم الدينية.

كيف يمكن للمرأة أن تأخذ سهمين في التركة ؟.  سؤال يطرحه الرجال وليس النساء. والبعض يطرح الأمر ليس من باب أن الدين نص على سهم واحد للأنثى مقابل سهمين للذكر، لان أكثرهم لا يحترم كل تعاليم الدين، ولكن لان الأمر يتعلق بتقاسم الثروة أو أكثر تحديدا يتعلق بالمناصفة.

لكي نستطيع أن نخرج من الموضوع دون أضرار ودون ضغائن، أظن أنه يجب التدارس في موضوعين رئيسين أولهما اقتصادي محض وثانيهما سياسي/ اجتماعي محض. أما الاقتصادي فهو المتعلق بمدى توافق فسمة الإرث ( سهم للأنثى وسهمين للذكر) مع شكل الإنتاج في شبه الجزيرة العربية ونمطه في خلق الثروة وتحقيق تراكمها وتوزيعها بما يساهم في تحقيق العدالة الكلية والكرامة الفردية دون أن يضر بتطوير المجتمع اقتصاديا خصوصا مع بداية نشأة الدولة (الدولة التي كانت غائبة قبل النبوة). بمعنى إذا كانت قسمة النص القرآني تتلاءم مع شكل المجتمع البسيط ساعتها، فما هي يا ترى قسمة الإرث التي يمكن أن توائم شكل المجتمع الحديث بما يخدم رسالية الدين وكلياته؟

يجب أن ننسى أن المرأة قبل النبوة كانت تعتبر بضاعة يتم توارثها فالابن الأكبر يرث نساء أبيه كما يرث غنمه وإبله 

طيب إذا أخذنا هذه الزاوية للنظر في الموضوع، ألا يمكن أن نقول إن الإسلام باعتباره حركة سياسية تغييرية لم تستطيع أن تصل في صراعها مع القديم من الأحكام إلا إلى تحقيق نصف الأمر وانه في ظروف أخرى مغايرة كان لتكون المناصفة الكاملة بين الأولاد في القسمة؟ ألم يكن الإسلام في عهد النبوة ثورة غير مكتملة للعبيد؟ وانتهى به الأمر إلى توافق بين مصالح طبقات المجتمع، تشكلت خلالها الكتلة التاريخية. لينجح الإسلام بعدها في مكة كما في المدينة دون تحارب داخلي يفني الطرفين؟ فلم لا يمكن أن نقول أن تشريعاته متناسبة مع السياق الذي وجد فيه ؟ الأمر يزكيه شيئان غاية في الأهمية أولهما أن النص وخاصة منه القرآني ينزل بعد الحدث وليس قبله، بمعنى أن النص يكون للفصل أو التوضيح أو التشريع آخذا بعين الاعتبار معطيات الحدث ، والثاني أن التجربة أكدت الحالة العكسية التي هي وجود النص دون وجود الواقع المطابق له، فما العمل هل نغير الواقع ليطابق النص أم نغير النص ليطابق الواقع؟ دونما عناء تفكير الإجابة العملية هي التي يطلعنا بها التاريخ من سيرة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، فهو بعبقريته الفذة حافظ للنص، وعارف بأسباب نزوله، ودارس لواقعه، وفاهم للنهج النبوي وللمقصد الربوبي، غير في النص ليتلاءم مع موضوع النص وهو واقع الناس.

أظن أنه نحتاج إلى باحثين متمرسين ومسلحين علميا للبحث في الموضوعين أعلاه حتى تكون الحجة دامغة، 

وفي الانتظار ها لْعارْ يلا عطيوها غير حقوقها اللي كايْنة على الورق.