كتب فؤاد العروي، الكاتب المغربي المعروف، مقالا قبل أسبوع، نشره في زاويته بموقع 360 ، يشتكي فيه كيف أنه كمغربي بالخارج، أصبح يستحيي من تصرفات المغاربة بدول مختلفة من أوروبا، وأنه صار “يصعب أن يكون مغربيا” وهذا عنوان المقال. وانتهى بأن اقترح الى أن تعود الدولة المغربية الى عرقلة طلبات جوازات السفر، وعدم منحها للجميع إلا بعد بحث يتدخل فيه القايد، ويؤكد عبر وسائله التقليدانية حسن سلوك المطالب بجواز السفر. بحنين مستعصي على الفهم لمرحلة ادريس البصري.

أعطى العروي مثالا، بالتفجيرات التي حدثت في باريس، من طرف من يفترض أنهم مغاربة، والتحرشات الجماعية التي حدثت بمدينة كولون الألمانية، والاعتداء على هولنديات بالتحرش في الشارع، وغيرها من الجرائم والتجاوزات، التي بعثته على على احساسه بالخجل في جلساته الحميمة مع رفاقه الأوروبيين، كلما ذكر أنه قادم من المغرب، وذُكر الى جانب ذلك أن المغاربة هم قاموا بالجريمة الفلانية. 

فأما الاحاسيس فمن حق العروي أن يحس ما يشاء، فالأحاسيس مربطها القلب ولا يدا لنا عليها: أن يخجل حق مضمون له، لكن من حقنا بدورنا أن نتسائل عن كيف يخجل من أن يكون مغربيا لما تذكر تجاوزات لمغاربة لا يشكلون واحدا في المئة من مجموع مغاربة الخارج، ولا يخجل من كل الامتيازات التي توفر له السلطة المغربية، -ومقالاته في الموقع المذكور المقرب من دوائر التحكم منها-، ولا يخجل من عدم التفكير في مخرج آخر لوطننا الذي لا تنتج  سلطته المساواة بين مواطنيه وهو الذي يدعي كونه مثقفا. بل ويبرر تلك اللامساواة ويتجاوزها مطالبا بقدر أكبر من الانتكاس ؟! 

العروي وبمبعد عن أي سند منهجي، أو معطيات منسجمة، ادعى أن مجرمي التفجيرات الباريسية، هم مغاربة، ويُفترض بناء على الحل الذي قدم، أن المشكل كان لينعدم من أصله لو أن مقدم الحي أو قائد المقاطعة لم يسلمهم جواز السفر. بينما تشير قائمة المعتدين في باريس إلى أن من قاموا بتلك الاعتداءات ولدوا في فرنسا ويحملون جنسيتها وجوازها وتعلموا في مدارسها ولم يكونوا في حاجة للجواز المغربي يوما ليتحركوا ويعتدوا على الأبرياء… ومثل ذلك يقال على حادثة الاعتداء في هولندا.

عوض أن يطالب الأستاذ حامل الجنسية الهولندية، الذي يظن “أنه قطع الواد ونشفوا رجليه”؛ بتوفير أسباب الكرامة والتعليم والادماج والمساواة للخروج من المآزق التي يعيشها وطننا، فهو يطالب بعدم منح الراغبين في السفر من المغاربة جوازهم إلا بعد تعقيدات وطول إنتظار

أما الحالة الألمانية، فقد اجتهد (الكاتب) ليعلن حكمه بأن مغاربة هم من يقفون وراءها، رغم أن التحقيقات ما تزال مستمرة، حتى من الشرطة الألمانية نفسها. ورغم أنه لحد الآن لا نعرف إذا كان أولئك مغاربة، وما نسبة المغاربة من بينهم، فنحن أيضا لا نعرف اذا كان المعتدون يحملون جوازات للسفر، أو أنهم عبروا سرا وأحرقوا ما يصلهم ببلدناهم من أوراق ثبوتية ما دامت لم توفر لهم الحد الأدنى للعيش الكريم.

وعوض أن يطالب الأستاذ حامل الجنسية الهولندية، الذي يظن “أنه قطع الواد ونشفوا رجليه”؛ بتوفير أسباب الكرامة والتعليم والادماج والمساواة للخروج من المآزق التي يعيشها وطننا، فهو يطالب بعدم منح الراغبين في السفر من المغاربة جوازهم إلا بعد تعقيدات وطول إنتظار.

الرجل ليس وحيدا فيما ذهب له، بل يشكل حلقة في مجموعة من مدعيي الثقافة والاشتغال على الكتابة، الذين لجؤوا للغرب، يجلدون الثقافة والمجتمعات التي قدموا منها، قربانا للمجتمعات التي تستضيفهم ويتعرون لتقبلهم ويجتهدون في التبرء من أصولهم وزملائهم في المواطنة وبلدان المنشأ. حتى يصير خطابهم يتطابق مع خطاب اليمين الشوفيني الغربي، الذي لو وجد الطريق سالكا لكان بدء بطردهم أولا.

الشقلبات البهلوانية الإعلامية لفؤاد العروي، والى جانبه كمال داوود، وغيرهما العشرات من أن ينصبون أنفسهم نخبا قادمين من المنطقة العربية، والذين أصبحوا يتكاثرون مؤخرا كالفطر، والمبنية على الادعاءات الثقافوية، تصير مبعثا على الضحك والاشمئزاز من الأوساط العلمية والحقوقية الغربية، فيصيرون محط تقريع وسخرية ممن يستهدفون التقرب إليهم.

 تزامن مقال فؤاد العروي، مع تصويت السويسريين على استفتاء دعى له اليمين هناك، بطرد المهاجرين الذين تبث تورطهم في الجرائم الى بلدانهم الأصل. رأيت فيديو انتشر في الأنترنت، لمهاجرين الى سويسرا، يؤكدون فيه على حق السويسريين بطردهم ويوافقون على التصويت بنعم، ويتحججون بنفس منطق العروي الذي طلع علينا في مقاله. لكن نتائج الاستفتاء جاءت برفض الاقتراح اليميني من السويسريين أنفسهم. سألت صديقة سويسرية عن رأيها. قالت: ” ما يحمينا هو احتكام أغلبنا لمبادئ احترام حقوق الانسان، في التعامل مع الأفراد، حتى مع المذنبين، بعيدا عن محاكمتهم بناء على أصلوهم أو لونهم. هذا هو ما يحمينا من الانفجار أو الانسداد الذي وقع في الكثير من بلدانكم، ويجعل جزءا كبيرا منكم يهربون اتجاهنا”.