يقول البعض إن الحكومة التي يقودها بنيكران، تؤسس لخيار عادل، وهو عدم “التوظيف المباشر”، وأن أي تشغيل في القطاع العام، يقتضي مباراة.. جيد إذاً من حيث “الحقيقة التي يراد بها باطل”، لنستعرض سيرة الأستاذ (ة) المتدرب؛ إنه حاصل على الإجازة بعد مسار دراسي طويل، ثم يتعرض لامتحان كتابي وشفوي من أجل القبول في مركز للتكوين، ويقضي سنة في التكوين النظري والتطبيقي، ويختتم تخرجه بإجراء امتحانات كتابية وأخرى شفوية من خلال التطبيقات التي يجريها مع التلاميذ أمام المؤطرين، ولن يكتفي بذلك كي يصبح مدرسا، بل ينتظره الحصول على ” الكفاءة المهنية” بعد مزاولته العمل.. هكذا مع وقت طويل وكاف حتى يكون الأستاذ(ة) كفءا، وليس في ذلك اي “توظيف مباشر”.. فماذا حصل؟ ما المسكوت عنه؟

يوجد الآن الأساتذة المتدربون في طليعة حماة المدرسة العمومية (حتى وإن بدا انهم يدافعون عن مصلحتهم في التوظيف)، والمدافعين عن كرامة المدرس ضد البهدلة والتشييء والتحقير..

  ـ رغبة لدى الدولة في التخلي عن التزامتها، ولعل ما أشار إليه الوزير محـمد الوافا قبل أيام دليل على ذلك، حينما قال إن الدولة لم تعد قادرة على تمويل التعليم والصحة! فأي دور للدولة إذا لم يكن من صميم عملها ضمان التعليم والصحة للمغاربة؟

  ـ سعي حثيث كي يُحدث التعليم الخصوصي توسعا في المغرب، فرغم كل التشجيعات والتغاضي عن النواقص والإعفاء الضريبي لم يتعد في أحسن الأحوال 16%، لم يصل عتبة 20% التي خطط لها “الميثاق..” (لا مشكلة في تواجده، لكن لا يحق ان يكون هناك إجبار للاسر على التوجه اليه بتأزيم التعليم العمومي)؛

  ـ سعي الحكومة الحالية مع رئيسها بنيكران كي يستفيد التعليم الخاص مجانا من تكوين وتخريج آساتذة لصالحه، يتخرجون بصفة أستاذ(ة)، لكن بدون تعيين، حتى يلتجؤوا إلى الخواص بحثا عن القوت والعيش مقابل العمل بأجور زهيدة، وبدون أفق مضبوط (غياب الترقي الوظيفي). علما أن بنيكران نفسه يستثمر في التعليم الخاص، وكذلك أعضاء من حزبه في مختلف المدن ضدا على التعليم العمومي!

  ـ رفض مؤسسات التعليم الخصوصي مرارا الدخول في شراكة مع الدولة كي تكون لها الأطر في مراكز التكوين بالمجان، شريطة أن يتكفل الخواص بتشغيلهم، على الأقل حينذاك سيعرف المكوَّن(ة) مصيره منذ البداية، عوض المصيدة التي وضعها بنكيران

  ـ المدرسة العمومية هي الكفيلة وحدها بالتنشئة الإجتماعية السليمة، وإحداث تمازج بين مختلف مكوانات الشعب، بخلاف التعليم الخاص الذي يشكل كيتوهات متناثرة مختلفة المستويات من حيث الإمكانيات ومن حيث الأصول الإجتماعية لروادها..

  ـ يوجد الآن الأساتذة المتدربون في طليعة حماة المدرسة العمومية (حتى وإن بدا انهم يدافعون عن مصلحتهم في التوظيف)، والمدافعين عن كرامة المدرس ضد البهدلة والتشييء والتحقير.. حتى إنه يبدو أن هناك حقد دفين ضد المدرسين بصفة عامة، وجاء الوقت لينال الجيل الحالي أوخم عقاب.. لكن المقاومة التي ينجزها الأساتذة المتدربون الآن لم تكن في حسبان بنيكران ومدعميه.. ولم يحدث في التاريخ الحديث أن عالج فاعل سياسي معضلة بالقَسَم المستمد من الدين.. منتهى العبث أن يقسم بنكيران أنه لن يتراجع ولو سقطت الحكومة!.

    إنها حركة اجتجاجية غير مسبوقة للدفاع عن الكرامة والمدرسة العمومية. ولا يهم بنكيران ما سيحدث عند بداية السنة الدراسية المقبلة، حتى انه يحق ان نتساءل عن النوايا غير المعلنة لتأزيم الأوضاع في المغرب..