رهيب ما عرضته إحدى القنوات التلفزية من “استعدادات” لتقتل الناس وتفجير أماكن مختلفة مساء الجمعة 13 ماي الجاري، فقد داهمت قوات الأمن منزلا بطنجة، حيث يقيم تشادي دخل المغرب في 4 ماي عن طرق مطار محمد الخامس، وهو “مبعوث” من “داعش” الإرهابية.. وجاء في الأخبار، أنه كان مكلفا بتدريب خلايا إرهابية نائمة، من أجل التفجير والقتل، والأغرب، ما قيل عن “نيتهم” في الإعلان عن “إمارة” شرق المغرب!! (هكذا بسهولة وكـأن البلد خلاء).. ما أثارني كثيرا، هو تنويه المواطنين في الشارع بعملية إلقاء القبض على هذا المجرم، وقد تجمعوا لمتابعة العملية.. 

صحيح أن الأمن في مواجهة الإرهاب، وقد أبان عن طريق “المكتب المركزي للأبحاث القضائية” عن حذر شديد، ونجح عدة مرات في عمليات استباقية لتفكيك خلايا نائمة، أو في طريق “الفعل” والقتل.. أقول هذا من باب مصلحة الوطن.. لا يمكن إطلاقا أن يكون قتل الناس هو مدخل لأمر مؤمل، يمكن لأي مواطن أن تكون له خلافات مع نظام الحكم، فيعترض بشكل سلمي، يمكن لأي جماعة أن تسعى للسلطة، لكن بالطرق المشروعة، وأساسها الانتخابات.. إحداث الفوضى ليست في مصلحة الشعب المغربي، ومن له رأي مختلف فليفصح عنه.. لكن، ليس فقط الأمن من يمكن أن يواجه التطرف والإرهاب.. 

لعل أخطر طريق تسهل عمل الإرهاب، هو توفير الحاضنة، هو أن يجد مثل هذا التشادي من يسكنه، من يوفر له التنقل، من يخفي أسراره وخططه الخطيرة.. وبعد ذلك، نطرح التساؤل التالي، كيف تنوجد هذه الحاضنة؟ 

لعل أخطر طريق تسهل عمل الإرهاب، هو توفير الحاضنة، هو أن يجد مثل هذا التشادي من يسكنه، من يوفر له التنقل، من يخفي أسراره وخططه الخطيرة.. وبعد ذلك، نطرح التساؤل التالي، كيف تنوجد هذه الحاضنة؟ 

ـ يبدو  أن بعض التأويلات التراثية، والتي تقوم على الوهم وتوهيم السذج، من خلال استغلال ميل الناس للتدين، والسعي لتعريضهم لغسل دماغي، حتى يعتقدوا أن ما يظنونه هو جوهر “العقيدة”.. بل وجوب الانتقال إلى إعمال اليد من أجل تحقيق ذلك على الأرض!! حسب بعض “الدعاة” وغيرهم..

ـ تصرف بعض الفاعلين في المجال السياسي والثقافي والاجتماعي وحتى التربوي بنوع من التغافل، مادام ذلك يحقق لهم بعض “المكاسب” المؤقتة، لكن، عاقبتها وخيمة عليهم كذلك.. من ذلك استغلال الدين في السياسة، واستمالة البعض انطلاقا من ترويج خطاب “العفة”. والتركيز على مقاربة “الحلال”و “الحرام” عوض المنفعة المشروعة..

ـ سياسة حذف الدعم الاجتماعي للمحتاجين، وإلغاء صندوق المقاصة بشكل عشوائي، يجعل بعض الفئات الإجتماعية عرضة لخصاص مهول، وعدم استفادتهم بما يسد حاجتهم من فائض القيمة الاقتصادية لعدة اعتبارات.. وكيفما كان الحال لا يحق للدولة في حالة المغرب التخلي بالمطلق عن الفقراء، وتركهم عرضة للمضاربة وارتفاع الأسعار.. وللتذكير، لا يخص التطرف واللجوء إلى الإرهاب طبقة اجتماعية محددة، وليس الفقراء وحدهم من يمكن أن يدعموا الإرهاب، بل قد نجد أطرا وأغنياء في المقدمة.. لكن، نزع الفتيل كي لا تشب الحرائق من الأعمال الاستباقية كذلك..

ـ هناك ممارسات في المجال السياسي تدفع البعض إلى اليأس، مثلا، عندما يدعي حزب او أحزاب سياسية في برامجهم الانتخابية انهم سيحققون نسبة نمو معينة، ويقضون على البطالة، ويوفرون السكن والصحة ، ويواجهون الفساد الإداري والمالي واستغلال النفوذ…الخ، لكن ممارستهم الفعلية وعدم وضوح سياستهم، او محاصرة مجال تصرفهم التنفيذي، أو استغراقهم في ما لا نفع فيه، كمحاولة غزو الأذهان، والتحكم في الحريات الفردية، والسعي لفرض توجه معياري معين حول “القيم”… كل ذلك يقود إلى الإحباط، وهو من الأشياء التي قد تساعد تهيئ قاعدة الاحتضان للاسف.. وهنا يمكن استحضار ما قاله رئيس الحكومة مؤخرا عن حق الوزراء في ركوب السيارات الفاخرة عوض السيارة الاقتصادية مثير فعلا، ويدخل في باب السخط على السياسيين..