ربما كان الزواج العرفي سليما أخلاقيا قبل ظهور الدولة الوطنية ومؤسساتها الحديثة. كان الزواج العرفي يتم فيما مضى من غابر الأزمان عبر زيجات أو عقود انكحة على ورق عرفي أو عادي، كما تخبرنا كتب التراث، برضا الزوج والزوجة ووليها وحضرة الشهود وشرط الاعلان بين الناس. كان ارتباطا شرعيا أيام القوافل التي تقايض التبر بالملح والرسائل المحمولة على الحمام الزاجل وبيت مال المسلمين وقاضي القضاة والقصيدة التي تبكي أطلال الحبيبة أي  قبل ظهور محمود درويش ومكوك ديسكفري الفضائي و مارك زوكربيرج وقبلهم جميعا الدولة بمفهومها الحديث حيث مكاتب العدول في الطابق السفلي لكل عمارة ومحاكم الأسرة المبثوثة في مركز كل بلدة ومكاتب الحالات المدنية عند زاوية كل حي.

مناسبة هذا الكلام هو حرج يعيشه عدد من أصدقائنا في الحركة الاسلامية بعد توقيف قيادي وقيادية من حركة التوحيد والاصلاح، داخل سيارة، بسبب علاقة حب تجمع بين اللحية والسبنية. ظهر هذا الحرج من خلال محاولات الشرعنة الصريحة أو المبطنة لهذه “الحصلة” التي يدفع بها الإخوان مع العلم أن محاولة شرعنة العلاقات الجنسية الرضائية بين شخصين راشدين لا تستقيم، بعد انقراض القوافل والقصيدة الطللية، الا من خلال الايمان بأن هذه العلاقات هي حرية فردية وأن من حق الناس ربط كل العلاقات الممكنة، ومنها الحب، ما دامت لا تمس حريات الأفراد في شيء.

جدور الاعتداء الذي يلبس جبة القانون والذي ذهب ضحيته مولاي عمر وفاطمة موجودة في مشروع القانون الجنائي الموضوع على حصير حزب العدالة والتنمية، القائد للحكومة نظريا، والذي أعده مصطفى الرميد عضو الامانة العامة للحزب والمكلف بوزارة عدل أرفقت بها الحريات. هذا القانون المكتوب بمداد التضاد يحمل الشيء ونقيضه فهو من جهة يتوخى ملاءمة القانون الجنائي مع الدستور وتقوية الحماية القانونية والقضائية للأفراد، والملاءمة مع الاتفاقيات الدولية المتعلِّقة بحقوق الإنسان، حسب الوزير، وفي نفس الوقت يجب أن لا تتبنى الاقتراحات في هذا المشروع “ما يضرب إسلامية الدولة التي يرأسها أمير المؤمنين”، حسب الرميد دائما ! إننا هنا في وضعية تشبه من يتناول العدس، كي يزيد من نسبة الحديد في جسده، ثم يشرب الشاي بعد الوجبة مع علمه أن الشاي يمنع امتصاص الحديد وهذا ما يفسر أعراض الأنيميا التي يعاني منها المغرب.

“جدور الاعتداء الذي يلبس جبة القانون والذي ذهب ضحيته مولاي عمر وفاطمة موجودة في مشروع القانون الجنائي الموضوع على حصير حزب العدالة والتنمية والذي أعده مصطفى الرميد  ابن الحركة البار وعضو الامانة العامة للحزب، المكلف بوزارة عدل أرفقت بها الحريات”

لقد تسلح عناصر السلطة، الذين اعتقلوا الشيخ والداعية في بلدة المنصورية في ذلك الصباح الصيفي، بروح مشروع  القانون الجنائي المغربي الذي أعده الوزير ابن حركة التوحيد والاصلاح والذي يرى فيه “دفاعا عن اسلامية الدولة المغربية”، هذا الدفاع الذي يتوخى وضوحا عقديا اكبر يجعل من واجب الرميد وإخوانه إدراج عقوبات الرجم والجلد والرمي من شاهق ومن تم مسطرة أوضح لمعاملة الرقيق في حالات البيع وتحرير الرقاب عبر تعديلات أكثر اسلامية في مشروع القانون الجنائي ومسطرته.. أو الاعتراف أن اجهاض قبلة أو عناق من طرف دركي أو رجل شرطة والوقوف على امرأة ورجل وهما داخل سياراتهما أو تحت أسقف البيوت أو على رمال الشطآن وجرهما الى المخافر بحجة أن لا عقد قران يجمع الموقوفين هو أمر مدان وباعث على الأسف في بلد يصف نفسه بالحداثي ويقر بسمو المواثيق الدولية على اخواتها المحلية.

في “حادثة المنصورية” عبرة وجب على الاخوة في الحركات السياسية المحافظة المدعومة بأدرع دعوية أن يلتقطوها وهذه العبرة تدعوهم كفاعلين حزبيين ومُشَرٍعين الى تدارك أخطائهم وتنقية القوانين من هذه الفخاخ الاخلاقاوية التي اعتبروها نصرا مبينا وتفاخروا بين مريديهم بالمعارك التي خاضوها ضد “اعداء الدين” من أجل تثبيتها وها هي الفخاخ تحصد أقدامهم الواحد تلوى الآخر ووترك في جسدهم الدعوي كما الحزبي عاهات مستديمة.