الآن وقد وضعت الحرب الانتخابية  أوزارها وانتهى كل فريق في عد غنائمه وأرباحه وخسائره، وبدأت الخارطة السياسية الجديدة في التشكل، دعونا نقف عند جانب ملفت ومثير في البرلمان المغربي خصوصاً في السنوات الأخيرة، ألا وهو ذلك الجانب الكوميدي المضحك.

فالمواطن المغربي بات يتساءل إن كان هذا البرلمان تجاوز وظائفه التقليدية المعروفة  وأصبح  يقوم بوظيفة لا ينافسه فيها أي برلمان على  وجه الكون، ألا وهي إضحاك المواطنين ورسم  البسمة على شفاههم في وقت يعيش فيه الإبداع الكوميدي في بلادنا على وقع  العجز والعقم والجمود..

 السياسي تحول إلى فنان، وقبة البرلمان إلى قاعة مسرح، والمواطن المقهور “بالزلط”  والبؤس يجد ضالته في موقع “يوتوب” ليقهقه ويروح عن نفسه ويكتشف أن السياسيين   على سوءاتهم لهم شيء ما إيجابي يمكن أن يفخروا به ..                      

 وجود بنكيران في البرلمان يجعل الضحك مضمونا مائة بالمائة. الرجل يصنع الحدث بضحكاته وقهقهاته وسلوكاته غير المتوقعة وكلامه الذي لا ينضبط في الغالب لطبيعة المقام.. ما  جعل كلامه يحمل دلالات جنسية عن غير قصد في  أكثر من مناسبة .. مرة كان يتحدث أمام المستشارين وتضايق من شعارات احتجاجية رفعت ضده فخاطب مستشارة أمسكت لوحة بالمقلوب “قلبيها  راها  مقلوبة عندك”.

وفي رد غاضب على البرلمانية البامية ميلودة حازب، قال في عبارته الشهيرة “ديالي  كبير على ديالك ..”، ميلودة هي البادئة بقصف بنكيران هذه المرة، إذ قالت إن حزبها أكبر من بنكيران وحزبه. وبنكيران كان يريد فقط أن يقتص منها ويرد لها الصاع .. فخدعه  لسانه، و”اللسان ما فيه  عظم” كما  يقال.

بنكيران بطل في الحروب الكلامية الطاحنة. عندما يصعد منبر البرلمان يلقم معارضيه حجراً، ولا  يخشى في ذلك لومة لائم. مقذوفاته الكلامية لا ترحم..

الصراع على النجومية محموم على خشبة البرلمان وبنكيران ليس وحده من يصنع الفرجة ..

 محمد أبركان نائب اتحادي عن دائرة الناظور، وأبرز الوجوه التي لفظتها المؤسسة التشريعية في الانتخابات الأخيرة بعد عشرين عاما من العمل البرلماني.                

مشكلة أبركان أنه واحد من البرلمانيين الكثيرين الذين يسلكون طريقا إلى البرلمان لا تمر عبر المدرسة ولا الجامعة.. ومشكلته الأخرى، التي جعلت منه بطلا كوميديا، أنه يحب  كثيرا طرح الأسئلة حتى لو كانت أسئلة تافهة وغير مفهومة في بعض الأحيان. يتحدث في البرلمان وكأنه يتحدث في  خيمة بأحد الأسواق الأسبوعية ببني شيكر أو بويفار.

نعت المعبر الحدودي بين بني انصار ومليلية بـ “زابوق مليلية”، وشبه الطائرات بـ”البرويطات”، وانتقد غياب الممرضات في المستوصفات القروية بعبارة “الممرضين هما اللي كيحيدو  السروال  للنسا”.

من أشهر الطرائف المروية عن أبركان، أنه بينما كان يتحدث معاتبا إحدى الوزيرات خانته لغته وفكره حين قال “السيدة الوزيرة جات للناظور أودارت الجماع مع رئيس المجلس البلدي”، لم يدرك نائبنا أن تلك الهمزة والتاء المحذوفتين اللعينتين يمكن أن تقلبا المعنى رأسا على عقب.

في برلماننا نجد ما يضحك الجميع  .. غمز ولمز وسب  وتنابز بالألقاب وضرب تحت الحزام وفي المناطق الحساسة ..

نائبة لا  تفرق بين البرلمان وسوق عكاظ، تتكلم لتستعرض مهاراتها الشعرية وكلامها الفصيح والموزون.

ونواب نوام يغطون في نوم عميق، وآخرون منشغلون باللعب في هواتفهم وأجهزتهم الذكية..

آخر ما تفتق عنه فكر البرلمانيين المبدع هو استقدام أفراد من أسرهم وعائلاتهم إلى البرلمان.. بين من استقدم أخته وآخر زوجته أو ابنه، وهناك من نجح في لم شمل الأسرة. ما  فجر موجة سخرية عارمة وسط الرأي  العام.

شكرا لكم أيها البرلمانيون المضحكون .. لكم  المناصب والتقاعد والامتيازات ولنا الضحك. لا يهم أن نعيش في عري ومرض وجهل وبطالة خانقة.. الأهم  أننا  نضحك .