إلى السيد عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة المنتخب،

لماذا لم تذهب يا سيدي إلى الحسيمة لزيارة عائلة الشاب فكري محسن الذي طحنته حاوية ازبال بلا هوادة في مدينة الحسيمةيوم الجمعة 28 أكتوبر عندما احتج على الحكرة و الفساد و شطط السلطة, لماذا لم تذهب للوقوف إلى جانبها و مواساتها؟ ماذا تنتظر؟ كان من المفروض أن تكون أنت اول الواصلين لأنك أنت الذي انتخبه المغاربة ومنحوا حزبك مقاعد إضافية عن ما حازه سنة 2011؟ كان من المفروض أن تكون جنبا إلى جنب مع وزير الداخلية الذي ارسله الملك أمام استمرار احتجاجات المواطنين التي انطلقت مباشرة بعد الحادث المفجع وامام سكوتك وسلبيتك تجاه الحادث؟ 

اليوم و امام أهمية ورمزية الحدث لا يمكن لك التحجج بقوى التحكم, اليوم الشعب المغربي كله ملكوم و خرج يعبر بشكل حضاري وسلمي عن تضامنه مع محسن رحمه الله وعن احتجاجه ضد سياسة الحكرة والاقصاء المتواصلة وانت تلعب دور المتفرج ولا تلعب دورك كرئيس حكومة لجميع المغاربة.

بدل بيانك ليوم 29 اكتوبر الذي دعوت فيه قواعد حزبك بعدم الاحتجاج،لماذا لم تخرج يا رئيس الحكومة المنتخب ببيان لتعلن أنك شكلت خلية أزمة وستباشر بنفسك المتابعة معها حتى ينتهي التحقيق وتنقل للمغاربة الحقيقة؟ ام ان استقبال اخنوش (الذي تعلم انه تم انزاله انزالا ليصبح كاتبا عاما لحزبه) وزيارة البعثات الديبلوماسية أولى من كرامة الشعب وصرخته ضد الحكرة؟ لا نطلب منك الاحتجاج يا سيدي, لكن نطلب منك ممارسة صلاحياتك كرئيس حكومة للمغاربة اجمعين.

لماذا تتجاهل يا رئيس الحكومة المنتخب صرخة أخرى من صرخات أبناء وبنات الشعب المغربي ضد الحكرة و الفساد و انت الذي وعدتهم بمواصلة الاصلاح؟لماذا تتجاهل صرخة أبناء وبنات الشعب لأجل المحاسبة؟ نعم لأجل ربط المسؤولية بالمحاسبة؟ لأجل ربط المسؤولية بالمحاسبة يا سيد بنكيران خرجت الحشود الكبيرة يوم 30 اكتوبر و بتلقائية و في 20 مدينة وقرية و لازالت الاحتجاجات متواصلة و لازال هاشتاغ #طحن_مو يشعل مواقع التواصل الاجتماعي تضامنا. خرجت الحشود لان قرى امضيرو إمزورن تحتج ومن قبل سنة 2011 ولا من مستجيب.

خرجت الحشود و بتلقائية لأنه سابقا لم يتم محاسبة من تسبب في إحراق امي فتيحة لنفسها,لم تحاسب الوزيرة الحيطي في فضيحة “الازبال السامة المستوردة” من إيطاليا, لميحاسب الوزير اوزين عن فضيحة “الكراطة و الملعب الرياضي”, لم يحاسب الوزير الكروج عن فضيحة “الشكلاطة”, لم يحاسب الوزير مزوار عن ادعاءات تورطه في فضيحة فساد داخل وزارة المالية. خرجت الحشود وبتلقائية لأنه لم يحاسب من عنف الاطباءالطلبة و المعطلين و الأساتذة المتدربين و ذوي الاحتياجات الخاصة.

خرجت الحشود وبعفوية لأنه لم يحاسب المسؤولون عن فاجعة تطوان, وكلميم و القائمة تطول. المغاربة لا يريدون تعويضا عن مصاريف العزاء و الكسكس, تضامنهم و كرمهم كفيل بذلك. المغاربة يطلبونالاستجابة لطلبهم في العيش الكريمالذي قضى محسن حياته باحثا عنه حتى اخر لحظة من حياته ولم يستسلم لأعيان الريع و الزبونية والفساد الذين حاربوه في كرامته طول على طول الطريق. المغاربة يطلبون أيضا اعمال سيادة القانون و محاسبة المتورطينفي انتهاك حقوقهم و كرامتهمو نهب ثرواتهم و على حد السواء و بدون استثناء.

ذكاؤك و دهاؤك السياسي يا سيدي بنكيران يؤهلك لأن تقرأ ما وراء السطور و أكبر من أن تختبئ وراء ذريعة أن هناك جهات تريد الركوب على الحادث و مهاترات الفتنة التي يغذيها التغاضي عن استشراء الفساد و الحكرة و ليس المطالبة بالإصلاح و اعمال القانون. لكنك للأسف تعطي لهاته الجهات المجال عندما تترك لها المساحةو لا تتحمل مسؤوليتك السياسية و الاكثر من ذلك المسؤولية التاريخية.الحادث اليوم هو أن الشعب المغربييحس بالحكرة و غياب العدالة الاجتماعية و لازال يعبر عن ذلك بشكل سلمي و حضاري, و هاته فرصتك لمحاربة الفساد و مواصلة الإصلاح فهل تستجيب يا سيدي بنكيران ضمن صلاحياتك كرئيس حكومة منتخب؟.

ما أشبه اليوم بالبارحة و لعل التاريخ يعيد نفسه فعلا, قبل خمس سنوات عندما خرجت حركة 20 فبراير موازاة مع حراك الربيع العربي كانت نفس ردة الفعل التي عبرت عنها عبر البيان الذي نشره حزبك و التصريح الصحفي متجاهلا و منقصا من قيمة الحراك.بفضل نفس الحراك الذي تجاهلته و حاربتها سيدي ها أنت اليوم و لأول مرة في تاريخ المغرب تكون أول رئيس حكومة منتخب في المغرب لولايتين متتاليتين.

تذكر ياسيدي أن الشعب المغربي و يوم 7 أكتوبر للاستحقاقات البرلمانية كان على استعداد لمساندتك و الدفاع عن حزبك لو كان هناك أدنى شك أنه تم التلاعب بنتائج الانتخابات, بل كانت هاته المساندة هي رهانك الوحيد لان المخزن أعلن موقفه منك. كان هذا الاستعداد لأن مغاربة ما بعد 2011 لم يعد بوسعهمالقبول بالحكرة و الفساد, و ها انت يا سيد بنكيران بعد أن عبر المغاربة عن احساسهم بالحكرة تصعد للجبل لتتفرج.

أخيرا و ليس أخرا ,الاحتجاجات المتواصلة يا سيد بنكيران رفضا للطريقة الهمجية التي مات بها الشاب محسن فكري, تعيد المغرب إلى مربع مطالب حركة 20 فبراير سنة 2011 التي كان شعارها: حرية كرامة عدالة اجتماعية و المغاربة لا يطالبونك اليوم بالاحتجاج  لكن يطالبونك بممارسة صلاحياتك كرئيس حكومة منتخب لأنك تفتح الباب للتحكم أن يتوغل عندما تتخلى عن صلاحياتك التي ناضلت أجيال من المغاربة لأجلها.