سئل”سلافوي جيجك” عن رحيل كاسترو في أحد مقابلاته مع إحدى القنوات التلفزية، فكان تعليقه دقيقا ومختلفاعن الشائع، فلن تتفاجأ عندما تعرف أن “جيجك” هو أستاذ فلسفة يساري ماركسي ومعروف بأفكاره الصادمة والغير مقبولة في العالم .. 

يقول “جيجك” في معرض إجابته، “إن المشكلة ليست في كون كاسترو ديكتاتورا أو أنه كان سببا في تردي الاقتصاد في بلده، بل المشكلة في كون بلده في حالة سكون، لا حركة، لا مشاريع، لا أفكار جديدة، ولا شيء.

ويضيف أنه شعر بالرعب حين زار كوبا وتكلم مع الناس، الناس العاديين، وأثناء سيره في شوارع البلد، أشار الناس للمباني المتهدمة قائلين إن هذه من أدلة عظمتنا. نحن نعاني ولا نستطيع حتى أن نرمم مبانينا لكننا مخلصين للقضية وللثورة وللزعيم إلى آخر هذا الهراء..

ولاحظ أن الكوبيين يعيشون على هاجس أن هناك من يحاول دوماً التقليل من شأنهم وإهانتهم “نظرية المؤامرة”.

المجتمعات الفاشلة تفشل دائما لأنها تسلك نفس طريق الفشل وإن اختلفت الوجوه والمسميات، من يساريين لإسلاميين، من أمريكا الجنوبية لشرق أوربا ومن الشرق الأوسط إلى كوريا الشمالية

ويري “جيجك” أن كوبا بلد يعيش على فكرة الكرامة في مقابل التضحية بكل شيءلا أكثر ولا أقل. لا إنجازات ولا مشروعات ولا أي شيء من أي نوع.

ومن هنا نجد أن ما يريد “جيجك”طرحه، هو أن تجربة فيدل كاسترو هي نفس أزمة اليسار كله، واليونان مثال ظريف آخر نعيشه اليوم، فنجد أنهم لديهم القدرة على تحريك الجماهير ولكن عندما تهدأ الأمور فإنهم يتوهون ولا يعرفون ما يفعلون، لأنه ليس لديهم نموذج اجتماعي سياسي ليطرحوه أو يطبقوه أو يبنوا عليه نظامهم.

وإذا ألقينا نظرة خفيفة على حياة “تشي جيفارا” نجد أنه ترك كوبا بعد أن نجحت الثورة وقد أصبح هو شخصياً وزيراً، وذهب ليحاول صنع ثورة أخرى في بلد آخر. 

هل يمكن أن نقول إنه لم يستطع البناء في كوبا فغادرها؟ “جيجك” لم يرفض هذا الطرح إطلاقا. لكن عندما سأله المذيع عن كون فيدل كاسترو أقام حكماً فاشياً رفض “جيجك” هذا التعريف، وقال إن النظام الفاشي هو النظام الذي وعد بأشياء سيئة ثم وصل للحكم وحققها.الشيوعيون في أسوإ ظروفهم، بما فيهم فترة “ستالين”، هي تجارب كانت حسنة النية سارت في الطريق الخطأ.

ولكن بالنسبة لي، لا أفرق كثيراً بين التعريفين، فالنتيجة متشابهة في رأيي بالنسبة للشعوب التي عاشت التجربتين.

لأن المجتمعات الفاشلة تفشل دائما لأنها تسلك نفس طريق الفشل وإن اختلفت الوجوه والمسميات، من يساريين لإسلاميين، من أمريكا الجنوبية لشرق أوربا ومن الشرق الأوسط إلى كوريا الشمالية.