التعبيرات الاحتجاجية المحلية التي تنطلق هنا وهناك؛ في هاته الجهة وتلك الجهة؛ جنوبا؛ شمالا؛ شرقا؛ وغربا… وما يستتبعها من سؤال حول غياب أدوات التأطير الحزبية المركزية؛ الممركزة في العاصمة؛ التي يأخذ أغلبها طابعا رئاسيا؛ ذات تنظيم يعقوبي متأثر بالتجربة الحزبية الفرنسية التي زرعها الاستعمار الفرنسي في المغرب وتأثرت بها مختلف التعبيرات التنظيمية منذ تأسيس أول نواة حزبية مغربية في بداية الثلاثينات إلى الآن… وقد ساهم قانون الأحزاب في هذا الوضع من خلال استمراره منع تأسيس أحزاب على أساسا جهوي؛ كما أن الأحزاب الحالية جلها لم تستطع ان تبني نفسها او تجدد نفسها على أساس جهوي لا يقطع مع المركز في نفس الوقت يبني تنظيمان جهوية شبه مستقلة؛ و يظل المغرب مع مرور 40 سنة على تجربته السياسية و الحزبية والمؤسساتية محتاج لأن يتحول من النموذج اليعقوبي الفرنسي الى النموذج الإسباني بسبب أن ما يطرح من تحديات سياسية دولية و اقليمية و داخلية مرتبطة بالنزاع المفتعل حول الصحراء؛ و طرح فكرة أو مبادرة الحكم الذاتي كمخرج لها؛ يدخل ضمنها وجود أحزاب جهوية/محلية ليس بالضرورة مرتبطة بالأحزاب الوطنية؛ المركزية بل قد تكون مستقلة تماما مادام ستتمتع جهة الصحراء بحكمها الذااي وبرلمانها؛ حكومتها المحليتين.                                                                  

وهو نفس الوضع مع اختلاف في المدخل السياسي يتعلق بالعديد من الجهات على رأسها جهة الشمال التي تحتاج اليوم مع وجود تعبيرات احتجاجية ذات بعد وخلفية محلية التي لم تجد لها تعبير سياسي و تنظيمي في ظل وضعية الأحزاب الحالية المفرطة في انغلاقها المركزية؛ ولم تجد من يسندها سياسيا ويكون المعبر عنها؛ وتجد الجماهير نفسها داخله او على الأقل بجوراه.                                                                    

الاحتجاجات الإجتماعية المحلية الحالية؛ وتزايدها في ظل غياب قادة الاحزاب الحالية عنها و عن قيامها بدورها الطبيعي الوسائطي؛ يفرض سؤال الحاجة الى فتح الباب أمام تأسيس تعبيرات سياسية و حزبية محلية ذات بعد جهوي؛ مادام أن التنظيمات الحالية ترفض أن تتحول في بينتها الرئاسية وتتحول الى تعبير تنظيمي مركزي/جهوي؛ وقد تشكل العديد من النماذج الحزبية في هذا الباب النموذج علاقة الحزب الاشتراكي الكطلاني بالحزب الاشتراكي العمالي الاسباني رغم اختلاف سياق تأسيس الحزبين عن السياق المغربي؛ اللذين كانا مخاض الحرب الاهلية الاسبانية وعودة اسبانيا للملكية بعد تجربة الجمهورية القصيرة؛ الا انها تظل بالنسبة للمغرب و في ظل تشابه البلدين من حيث وجود تعبيرات ثقافية و سياسية محلية/جهوية ذات بعد تاريخي لها طموح جهوي و محلي يدفع بقوة في الاعلان عن نفسه بقوة ويتزايد حضوره وصوته؛ بل تتسارع وتيرته بشكل تصاعدي وقد يشكل تهديد للدولة في حال استمرار غياب الوسيط بين هذه الاحتجاجات والدولة….                                       

قد تكون هذه الاحتجاجات مناسبة لفتح نقاش عميق حول بنية الاحزاب الحالية وحول ضرورة فتح المجال أمام تأسيس أحزاب سياسية ببعد جهوي/محلي؛ مادام الاحزاب ترفض التحول من احزاب رئاسية الى احزاب تزاوج بين البنيتين المحلية و الوطنية.