
الديموقراطية تعاقد من أجل التمكين الإنساني

في ظل التحولات النوعية التي تطال الحاضرالعالمي ومنحها رسم خرائط سياسية، وتوسيع نطاق تدخل الناس وأفرادا وجماعات في كل القضايا والمواضيع المتصلة بحاضرهم ومصير مستقبلهم، تبقى الكلمة المنضبطة لمعايير الموضوعية العلمية والمتطلعة لرصد استحقاقات الواقع وتبيان استحقاقاته وتلمس صعوبات واستشراف مستقبله. من هذا المنطلق يكون البحث في الديموقراطية ليس كأسلوب من أساليب الحكم ولكن كنظام لتدبير الحياة الإنسانية تكون الدولة بكل أجهزتها مجرد مؤسسة من مؤسسات المجتمع الإنساني يتم تدبيرها على قاعدة التداول بين الإيديولوجيات والمشاريع المجتمعية المختلفة التي تتواجد داخل المجتمع وتتطور على قواعد العلم والعمل، وتتنافس بشكل متحضر من أجل الحصول على ثقة أفراده لتتحمل مسؤولية القيام على شؤونه العامة فهي بحق نظام قيمي يركز على صيانة المعلمة الفضلى للإنسانية .
آراء أخرى
إن التحيز للديموقراطية بهذا المعنى لا يعني الولاء لرأي سياسي أو سوسيواقتصادي أو ثقافي واحد، بل الانضباط يعني تأمين حرية الاختيار أمام كل الأفراد على قدم المساواة سواء تعلق الأمر بالاختيار أمام كل الأفراد على قدم المساواة أو تعلق الأمر بالاختيارات الإيديولوجية أو الدستورية أو السياسية، فالديمقراطية تعاقد يعتمد فيه أفراد المجتمع الإنساني في تدبير علاقاتهم الفردية والجماعية والمجتمعية نحو الخير المثمر والتحضر المتطور والحياة المتحررة من كافة أشكال العنف والانعزال والتعصب والخنوع والتبعية والتسلط والاستبداد . إنها تعاقد تتطابق واتساق إرادات حرة تواقة إلى الوصول بالحياة الإنسانية الذي يتجلى في التمكين المتوازن الذي ينبني على الإدراك المتجدد للمجال الحيوي للفرد الإنساني بكل أنساقه البيوعصبية والنفسية والاجتماعية والثقافية، والبيئية، وتقويته على إدراك الآخرين وخلق مناطق حيوية للتواجد المشترك على قواعد التآلف الفكري والإبداعي والتقني والحضاري، في ظل هذه المحاولة التعريفية للديمقراطية من الصعب على الإنسان المعاصر التواجد الفعال داخل مجتمعات تقودها كيانات هرمية تستمد قوتها من الدين المفترى عليه سواء من دواع قبلية، أو وازع التملك الاقتصادي، أو التقني أو العلمي بعظمته فوق المجتمع ويحكم بآمره الشخصي أو تهيمن على الحكم قلة ارستقراطية أو أليغارشية تستمتع بمميزات خاصة تكون البطانة الخاصة للملك، مقابل فئات عريضة تعيش على الفتات وتستعمل في الصيد والحراسة، وهنا يصعب القول بأن الديموقراطية على أنها وضع الذين كانوا على هامش المجتمع، وفوق قمة مؤسساته فهي لا تعني حكم الذين لا يصلحون للحكم لأن في ذلك تحول لها من مكانة خير تدبير إلى أسوأ تدبير. وبالتالي فهي توافق الإرادات الحرة الطليقة التي تركز على الارتقاء المتحضر بالطبيعة الإنسانية انطلاقا من قدراتهم والسعي نحو تحريرهم من قيود العنف والاستبداد والتعصب الإثني والقبلي والمذهبي وذلك بالتأمين المنصف للتربية والتأهيل والتمكين، فالحرمان من هذه الحقوق النمائية التي يجب أن تطال الفرد الإنساني منذ لحظة انتقاله إلى الرحم الاجتماعي فهو الذي يتيح للمرء أو جماعة تخول للمرء حكم غيره من الناس. وهذا ما يجعل البعض يتساءل عن القيم في بلاد الاستبداد متناسيا بأن هذا الأخير لا قيم له بل القيم هي مقومات المجتمع الذي تتعاقد فيه أعضاؤه على أن يديروا شؤونهم بأنفسهم، حيث يكون كل فرد من المجتمع مسؤولا عن صيانة الماء ولكهرباء والتربية والتعليم والصحة ونظام الضرائب والحفاظ على البيئة وتقوية الاقتصاد وصيانة الأمن ونزاهة واستقلالية القضاء وتحرير الإعلام وتقديس الفكر والتفكير والإبداع.
تعد الديموقراطية كنه الإبداع الإنساني المتجدد الذي لا يقبل بالضبط أو الربط ولكنه يتوق إلى التسيير الجيد للتواجد الإنساني المنتج للحضارة بقيادة الإنسان من أجل الإنسانية تملك إرادتها في تحديد وتخطيط وإعمال وتقييم شؤونها العامة مباشرة أو عبر التوكيل المسيج والتقييم الموازي للأداء تشريعيا كان أم تنفيذيا، قضائيا كان أم اقتصاديا الذي يمارسه المجتمع عبر الانتخابات العامة أو الجزئية عبر الاقتراع السريـع، ومن خلال التعددية الحزبية التي تتيح الفرصة لصياغة المشاريع المجتمعية البديلة دستوريا وسياسيا واقتصاديا وحقوقيا وبيئيا … ، والنضال من أجل التعاقد مع المجتمع عبر صناديق الاقتراع وليس بواسطة الأسلحة وأمال العنف أو الدعم الأجنبي، وذلك بالأساليب المتحضرة للتعبير عن الآراء وممارسة الفكر النقدي وتقييم عمل الحكام وانتقاء تصرفاتهم بحرية عبر الوسائط الإعلامية أو من خلال المشاركة في الوقفات والمسيرات الاحتجاجية المدنية وكذلك في المؤتمرات والتجمعات الحزبية أو النقابية أو الجمعوية أو الفئوية مع تأمين الحق في الحصول على المعلومات عبر صيانة الصحف والقنوات والمواقع الإعلامية ضد كل أشكال التعتيم والمنع والتدجين في ظل مواثيق متحضرة لاستتباب أخلاقية المهنة الصحافية التي تعتبر مسؤولة أمام الرأي العام وخاصة من حيث تمكينه من الإلمام بكل قضايا الوجود الإنساني السليم، وما يطاله من صعوبات بالإضافة إلى التربية والتكوين الفعال الذي يعتبر حقا طبيعيا لكل إنسان وشرط أساسي لتمكين الأفراد داخل المجتمع الإنساني من مزاولة وظيفة الإنسانية، المتمثلة في تلك الدائرة الحيوية المشتركة بين الناس الذين يختلفون في مجالاتهم الحيوية التي كلما تم التكافؤ فيها بين الناس في إبرام هذا التعاقد بعيدا عن الغبن والتدليس والإكراه والنصب ولاحتيال، كلما اتسعت ونضجت وسمت بالجميع في سلم الحضارة، ولكن عندما يصطدم هذا التعاقد بمحاولة انقلاب احد أطرافه على الباقي فإن تيار التقهقر واللاستقرار والتطرف والعنف والفساد والآفات الاجتماعية كثيرا ما تسهم في تحويل تلك المنطقة الحيوية المشتركة إلى ساحة حرب أهلية صامتة، أو معلنة.
يصنف بعض الناس الحديث عن الديموقراطية إلى ديموقراطية سوسيواقتصادية، وأخرى سياسية وأن عدم وجود الثانية قد يعيق حضور الأولى والعكس صحيح، لكن عندما نقول بأنها نثاج للتعاقد بين الناس بمقتضى إرادتهم الحرة في التدبير السياسي للمجتمع بيد الاحتكاريين الذين يدركون بأن الديموقراطية هي أنه من يملك يأخذ ويستمر في الأخذ فيسود الاستقلال السياسي للإنسانية وفق ضوابط استغلالهم من قبل المتسلط الاقتصادي، كما هو الحال في الواقع المغربي الذي لا يأخذ فيه التسلط السياسي للمجتمع تلك الأساليب التقليدية البشعة، ولكنه استغلال بلياقات بيضاء تتجلى في تلك الفروق الشاسعة في الفرص الشاسعة في الفرص والثروات والمقدرات التي توظف في توكيد النفوذ الذي يستطيع شخص واحد كما يقول Ralph Barton Perry في كتابه ” أفاق القيمة، دراسة نقدية للحضارة الإنسانية”1 ” …إن من يهيمن على الآخرين وذلك بأشكال لطيفة تتم دسترتها مثل ربط المسؤولية بالمحاسبة، وإطلاق العنان للمبادرة الخاصة والديموقراطية التشاركية ومؤسسات الحكامة.. والصلاحيات الدستورية والسلطة التقديرية وهي معطيات لطيفة وجذابة نرددها ونحتج بها ونتوارث الحرص على تقديرها”، فقد توظف من لدن الطرف المهيمن على أنها تفضل ومنح وجميل ورحمة بالمهيمن عليهم. وقد تستقبل من هؤلاء بالمزيد من الخنوع والخضوع والطاعة والتبعية اتجاه القوى المهيمنة ويستمر الاستغلال والاستبداد بأساليب سلسة إلى درجة يمكن تسميتها بالتطبيع مع الاستبداد وتقمصه بشكل مرضي، كما هو حال الوقع السياسي في المنطقة العربية حيث أسفرت نتائج إفراغ التربية والتكوين من كل المحتويات الإنسانية عامة وجانبي الفكر والإبداع بالخصوص على إنتاج كيانات بشرية ضعيفة نفسيا ومعرفيا واجتماعيا تواقة إلى الخضوع والعبودية والاستبداد، فرغم استهانتها بذكاءات الإنسانية والدوس عليها والتي تعتبر جريمة ضد الإنسانية بكل المقاييس السماوية والأممية، فممارسة الدس على النفوس وحرمانها من حقها في التزكية تستطيع قوى الهيمنة صياغة اتجاهات الأفراد والجماعات والتحكم فيها وفق ما يخدم استمرارية الاستبداد من لدن القلة صاحبة النفوذ والمتحكمة في آليات توظيف الريع فهي التي تضع الخرائط الانتخابية وتفبرك نتائجها، وتصنع الحكومة وتنمط القضاء، وتستبعد الإعلام، وتستعمل الإداري بنزعة مفادها السيطرة الدائمة على الإنسان، والتحكم في مقدراتها والتقرير في حاضره ومستقبله، ومستقبل أبنائه وأحفاده وفق ما يخدم امتيازاتها. وكل انتقاد لهذه التصرفات أو مطالبة بالتخلص من أوحالها الظالمة إلا ويواجه بتهمة التشكيك في المكتسبات والديموقراطية، وإذا كانت الحركات الاجتماعية، والثقافية التي يعرفها العالم في العديد من الأقطار تعبيرا واضحا عن عياء الناس من البقاء السلبي في واقع سريع التغيير لا يستطيعون مواكبته إيجابيا جراء حرمانهم من التمكين الشخصي، والجماعي، والمجتمعي، بكل أبعاده النفسية، والمعرفية، والبيئية، والسويواقتصادية، ورغبتم في التحرر من الاستبداد وصياغة تعاقدات سياسية جديدة تصون حق الإنسان في التمكين، وتوظيف استقلاليته في صياغة المجتمع المتماسك مجتمع الإنسانية وإنشاء المؤسسات الصالحة لتحمل مسؤولية الائتمان على شؤون العامة.
إن هذا التطلع لا يمكن إدراكه بين عشية وضحاها، بل يحتاج إلى عشرات السنين، وإلى أجيال لان آليات التربية والتكوين والتمكين الذاتي المحتكرة من قبل الاستبداد لا تشتغل على أهداف استقلالية الإنسان، وفطامه ضد كل أشكال الخنوع والانتظارية والتبعية، بالإضافة إلى إفراغ كل ما له علاقة بالديموقراطية كآلية لتمكين الإنسان من أداء وظيفته نحو الإنسانية سواء تعلق الأمر بالإعلام أو الأحزاب أو النقابات أو العمل الجمعوي أو الثقافي أو الرياضي، بل وحتى المجال الديني ، بالإضافة إلى الانتخابات التي كثيرا ما يتم توجيهها لتدبر وفق نفوذ المال أو الوازع القبلي أو الزبوني والجماعات الترابية التي ماهي إلا شماعة يعلق عليها فشل الاستبداد المسيطر على الأنفاس والمقدرات والماضي والحاضر والمستقبل.
هناك من يرى بأن التخلص من الظلم عن طريق الثورة التي يخوضها المغلولون من أجل كسر الأغلال وتنحية الظلم والاستغلال أو اللجوء إلى الاستغلال الانتقالي من قبل قوة منتمية للمجتمع وترغب في تامين مصلحته أو اللجوء إلى دعم خارجي وهي أمور غير موثوقة وغير آمنة لتحصين البلاد والعباد ضد العنف في ظل هذه الافتراقات يطرح السؤال الذي يبدو فاقد لقسط كبير من الموضوعية وهو إلى متى سيظل الحاكمون بالاستبداد يستعملون الحرمان والتهميش والإبعاد للتابعين تحث نفوذهم ؟ أليس تكاثر هذا الصنف غير المؤهل من الناس سيشكل عالة على الحاكمين بواسطة الاستبداد يصعب عليها التملص من مستويات تهم نحوه وسيجعل أمرا ولاشك الحكام في وضع أصعب قد يخسرون بسببه كل شيئ بما في ذلك الأموال التي يهربونها إلى الخارج ؟ ، أليس من الأفضل التخلص من كل الآليات الدفاعية السائدة وخلق مصالحه مع الذات بكل أبعاده الواقعية والمثالية والاجتماعية و التخلي عن كل ألعاب التنميط والتدجين وألعاب البهلوان وصاحب السيرك والتحرر من كافة الانفعالات التي تحتم علينا الهروب إلى الأمام بجرأة إنسانية تؤطرها النيات الحسنة التي تركز على حوارات من أجل تعاقدات إنسانية تؤمن تمكين الفرد الإنساني وتؤهله للإسهام في صياغة إدارات مجتمعية قوية على تنوير الحاضر والاستثمار فيه من أجل المستقبل .
إن الاعتقاد الذي تفرضه معطيات البحث الميداني المتحرر من أي تحيز تشير إلى أنه من الصعب البقاء على الاستبداد لأنه مضر حتى بالنسبة لصاحبه و مهندسيه سواء على المدى القريب أو البعيد، كما يصعب القول بأن التغيير يتم عبر التدمير وإراقة الدماء لأنه سيذهب بأشخاص ويأتي بأشخاص آخرين يتعطشون للتسلط وهو ما يجعل الديموقراطيةكتعاقد إنساني من أجل التحضر بعيدة المنال ، لكن إذا أقدم القيمون على الحكم بجرأة إنسانية تقدمية على التوزيع المنصف للثروات والمعرفة وكل شروط التمكين التي تؤهل الأفراد ليعبروا بإذكاء وعلم وفعالية عن تطلعاتهم واقتداراتها ووعيهم بمسؤولياتهم نحو رسالتهم الإنسانية.
إن ما يسمى بالعزوف عن الانخراط في العمل السياسي ليس قولا صحيا بل هو رأي آخر عصي على القبول بأي شيئ، ولا يمتثل للتدجين والتنميط، ولا يقبل بما يحلو للبعض بتسميته بالحقوق الدستورية فهو يحمل آراء أخرى قد تتعارض مع ماهو سائد لكن نظرا للتضييق الذي يطال الحريات كما يبدو من الأحكام الدستورية أو القوانين لتأسيس الأحزاب أو قوانين الإعلام أو تأسيس النقابات أو الجمعيات أو تنظيم الاحتجاجات، والمسيرات والتجمعات العمومية يفضل أصحاب هذا الرأي الصمت الذي ينطق كثيرا من خلال نتائج المشاركة الانتخابية التي تعاني من انخفاض والإقبال عليها وتستدعي التساؤل الجدي والبحث في سبيل المعالجة السليمة لها، إنه وعي عميق وذكاء سياسي ثاقب نهمشه ونحتقره لكنه في اتساع وتآلف كما وكيف فهل نستطيع بناء الحوار المجتمعي بشأنه؟ .
إن الديموقراطية كتعاقد إنساني متجدد بتجدد الأحوال والتطلعات يجب أن يكون محلها هو التخلص من البؤس والظلم والجهل والاستغلال والتمييز، إنها الضمير الذي نتطلع إلى ترجمته في تعاقد يقترن فيه الإيجاب بالقبول عبر حوارات واسعة ومن خلال اختيارات متعددة تتنافس من أجل تعاقد مجتمعي بين كل أفراد ومكونات المجتمع للتخلص من الظلم والاستغلال والبؤس والحرمان والاستبداد، تعاقد يفكر الإنسان سوسيواقتصاديا وسياسيا وبيئيا وثقافيا . دستور يعتبرأي ديموقراطية سياسية بدون قيمة ولا أهمية لها إلا إذا كانت مؤطرة وحريصة على دمقرطة الاقتصاد والمعرفة والثقافة والعلم والتكنولوجيا .ذلك لأنه لا قيمة لصوت الفرد الموضوع في صندوق الاقتراع إذا لم يستطيع ذلك الصوت قويا على صيانته من ظلم من يستطيعون باستبدادهم التحكم في الخبز والماء والمعرفة التي يحتاج إليها وفي رزقه وفي الشغل الذي يعتبر الفعال ويمسكون بناصيته ويشكلون حياته وفق القوالب التي تلائم لهيمنتهم عليه من المهد إلى اللحد.
إن الدستور الإنساني لا يمكن قيامه بدون التركيز على الاقتصاد الإنساني، فإذا كان المرء في الدستور ينتسب إلى مؤسسة أخرى كمخدوم فإنه على المستوى الاقتصادي كمنتج ومستهلك وفقه يقيم رجل الأعمال الدورة الاقتصادية المتمثل في مستوى تطور أنساقه البيوعصبية والنفسية والاجتماعية والثقافية والبيئية والزمانية . فهل نستطيع التخلص من انفعالاتنا والتحول إلى مواضيع إنسانية تتطلب تقييمها يسهم في إيقاف النوازف وإبطال عمل العرافين والكهنة والعناكب الذين أنتجتهم حماقات التماسيح والعفاريت لندخل في عمل جديد يستطيع وقاية الإنسان والأوطان من نيران وقدها الناس والحجارة .
أعتقد أن هذا ليس بعزيز على كل من يدرك رسالته الحضارية نحو المجتمع الإنساني ويقتنع بأن نظم الحكم آليات يتعاقد الناس بشأنها ويتداولون على تدبيرها لتحقيق التواجد الحضاري المشترك، فنظم الحكم ليست بكيانات عضوية وجدت قبل الجماعة الإنسانية عبر التاريخ، بل إبداع إنساني يقوم على توافق الإرادات الحرة حيث أن الحكم شورى بين الناس ولعل نظام الحكم الأصلح والأنجع هو الحكم الذي يركز على العناية الأخلاقية والعلمية والتقنية بترقية اقتدارات الفرد الإنساني وتقوية مجاله الحيوي بكل أساقه لتأمين تفوقه في أداء رسالته الإنسانية.
إن الأمانة العظمى والمهمة الصعبة التي يدركها الرويبضة التافهة التي تقرر في شؤون العالمين بدون علم، والذين يدفعون الأفراد والجماعات بجهالتهم الجلية في النهب والحقارة والمهانة والفساد إلى الشعور بالغربة داخل أوطانهم.
المرجع :
1: رالف بارتن بيري، أفاق القيمة ، دراسة نقدية للحضارة الإنسانية، ترجمة مجموعة من الباحثين .