طالت أزمة الريف أكثر مما ينبغي ، ولا أحد منا يعرف إلى أين تتجه في ظل إصرار الدولة على تجريم المعتقلين ، وفي ظل أيضا إصرارها على إتباع مقاربة أمنية لها انعكاساتها ،ليس فقط على منطقة الريف ، بل وعلى المغرب بأكمله  بحكم  أن تركيز قوات الأمن بالريف أدى إلى انتشار أوتوماتيكي لجرائم خطيرة ببعض المدن الأخرى..و نظرة سريعة على وسائل التواصل الاجتماعي ستكشف لنا هذه الخطورة التي نتحدث عنها والتي أصبحت تؤرق جل المغاربة .

هذا اللاتوازن في تعامل الدولة مع قضية حراك الريف ،باعتبارها أزمة داخلية غير مسبوقة على عهد الملك محمد السادس ، ليس بجديد إذ أنه و منذ مقتل محسن فكري إلى اليوم أظهرت الدولة نوعا من الارتجالية والتخبط غير الاعتياديين ،الأمر الذي أدى إلى تعقيد القضية أكثر لدرجة أننا أصبحنا اليوم على بعد خطوة واحدة من نقطة اللارجوع .

وعندما نقول نقطة اللارجوع فإننا نقصد ذلك خاصة بعدما وجه وكيل الملك تهما ثقيلة  للزفزافي وبعض رفاقه من قبيل إضرام النار عمدا في ناقلة، ومحاولة القتل العمد، والمس بسلامة الدولة الداخلية، وتسلم مبالغ مالية لتيسير نشاط ودعاية من شأنها المساس بوحدة المملكة، وسيادتها وزعزعة ولاء المواطنين للدولة المغربية، ومؤسسات الشعب المغربي، والمشاركة في ذلك، وإخفاء شخص مبحوث عنه من أجل جناية، والتحريض ضد الوحدة الترابية للمملكة وغيرها من التهم التي تؤكد عزم الدولة على الاستمرار في نهجها المجحف ..وهو الإجحاف الذي دفع بعائلات المعتقلين إلى مقاطعة الاحتفال بعيد الأضحى كتعبير منهم على براءة أبنائهم المعتقلين .

وإذا كانت العائلات قد قررت مقاطعة الاحتفال بعيد الأضحى فإننا نرى من جانبنا أن هذا العيد هو الفرصة الأخيرة لحل الأزمة نهائيا والتوجه بإيجابية نحو مستقبل مشرق بالمنطقة ،وهو الأمر الذي لن يحدث إلا إذا شملت لائحة العفو الملكي بمناسبة هذا العيد أسماء جميع معتقلي الحراك..نقول هذا لأنه غدا واضحا أن المسألة لن تحل إلا بتدخل ملك البلاد محمد السادس الذي و إن أكد في خطابه بمناسبة عيد العرش أن تطبيق القانون واحترام المؤسسات هو ما يُعمل به حين قال : ” والحقيقة أن هناك توجها واحدا، والتزاما ثابتا، هو تطبيق القانون، واحترام المؤسسات، وضمان أمن المواطنين وصيانة ممتلكاتهم…”

فإنه ، على ما نعتقد ،لا يمكن أن يترك الأزمة تتعمق أكثر فأكثر لأن ذلك لا يخدم مصلحة أحد ، لا مصلحة الوطن ،ولا مصلحة المؤسسة الملكية ،ولا مصلحة الشعب …ثم ، وهذا مهم أيضا ،لا يجب أن ننسى الجانب الإنساني للملك الذي يعي جيدا  أن العيد لا يكتمل إلا باجتماع العائلة .