منذ أكتوبر 2016 والسيد بن كيران يواجه الكثير من المطبات التي يضعها في طريقه من يرون فيه خطرا على تواجدهم، أو خطرا على مصالحهم…ولأن المطبات كانت كثيرة وبعضها صعب جدا إذ أن واضعيها هم أبناء جلدته، فقد كان من البديهي أن يستسلم برأس مرفوعة وأن يغادر ليستقر مرتاح البال(سياسيا)..إلا أنه اتضح أن هناك من لا يريد أن يتركه في أمان، أو ربما لا يصدق أن بن كيران فعلا أنهى مسيرته السياسية بهذه البساطة، ليأتينا مؤخرا بفكرة تكريمه..

لست أريد أن أعرف من صاحب فكرة تكريم السيد عبد الاله بن كيران خلال المؤتمر المقبل لشبيبة حزب العدالة والتنمية، لأنه مهما كان ففكرته تلك هي بمثابة طعنة من خلف أُريدَ بها وضع حد للمسار السياسي لأكثر سياسي تأثيرا في تاريخ المغرب. فتكريمه في هذه المرحلة يعني إيمان مكونات الحزب بكون الرجل أصبح مجرد جزء من ماضٍ “جميل” وأنه لا رغبة لهذه المكونات في عودته للمشهد السياسي، الذي أصبح باردا جدا منذ أن غادره بن كيران..بل و أصبح أكثر رحابة بالنسبة للذين أزعجهم صوته على مدى خمس سنوات مرت أو أكثر.

إنه لا بأس في أن نؤمن نحن، الذين لا تربطنا صلة بالحزب، بأنه بن كيران فعلا انتهى وأن احتمالات عودته لتزعم المشهد السياسي المغربي أصبحت ضئيلة جدا، ولكن أن تؤمن بذلك شبيبة الحزب أيضا والتي كانت للأمس القريب الداعم الأهم لبنكيران، فهذا غير مفهوم باعتبار أن تطور الحزب ارتبط دائما ببن كيران، الذي يعود له الفضل الأكبر في ما وصل إليه الحزب من امتداد شعبي ما كان يحلم به حتى أكثر المتفائلين ..فطبيعة الدولة عندنا ما كانت لتسمح لحزب إسلامي بالوصول إلى ما وصل إليه البيجيدي لولا كاريزما بن كيران.

وبالحديث عن الدولة، فإننا نعتقد بنوع من اليقين أنها ستدرك متأخرة مدى فداحة الخطأ الذي ارتكبته بالتخلي عن بن كيران الذي كان الوسيط الأهم بينها وبين الشعب..أما بعد أن تم التخلي عنه فستجد الدولة نفسها في مواجهة مباشرة مع هذا الشعب الذي بات واضحا أنه لن يحتمل أكثر السياسات اللاجتماعية التي تنهجها الحكومة، وهو ما تعكسه الاحتجاجات المسترسلة التي تعرفها مجموعة من المناطق. فبن كيران، وبرغم من قراراته اللاجتماعية فقد كانت له القدرة الخطابية على تهدئة غضب المواطنين، وهو الأمر الذي لا يتوفر في سيادة رئيس الحكومة الحالي “الصامت”.. 

نعود لنقول أنه مهمن كان الداعي لتكريم بن كيران، سواء كان أحد خدام الدولة أو كان مجرد راغب في تسلق سلم الحزب ، فإنه يرتكب أحد أكبر الأخطاء في التاريخ السياسي للمغرب، فبن كيران لا يجب أبدا أن نفكر فيه كخصم سياسي بقدر ما يجب النظر إليه كمنقذ..