لست هنا لأحكم ببراءة بوعشرين ولا لأدينه فذاك شأن القضاء وحده، إلا أن هذا لا يمنعني بأن أشهد بلطف ولباقة هذا الصحفي الذي لم تقتصر علاقتي به على  تتبعي اليومي لافتتاحياته، ولا اقتصرت على مقالات الرأي تلك التي كنت أنشرها بين الفينة والأخرى بجريدته، بل امتدت إلى مشروع كتاب، عملت خلاله على تجميع مقالاته الافتتاحية بجريدة أخبار اليوم بعد أن قمت بإعدادها وتقديمها بشكل يجعلنا نفهم بشكل واضح ما حدث بالمغرب خلال السنوات الأخيرة… إلا أننا في الأخير قررنا تأجيل الفكرة إلى وقت لاحق، أو بالأحرى إلى حين أن نرى ما ستنتهي إليه قضية الزفزافي ورفاقه خاصة وأن الكتاب كان سيحمل عنوان ” مغرب ما بعد الربيع العربي.. من بن كيران إلى الزفزافي”.  وطبعا لم نأخذ في الحسبان أنه سيكون للقدر رأي آخر وأن بوعشرين سيكون مصيره مشابه لمصير الزفزافي وإن بتهم مختلفة جدا.

الأكيد أنه لتوفيق بوعشرين حياته الخاصة وزلاته الخاصة التي لا علاقة لنا بها، فليس لصحفي أن يكون معصوما من الخطأ أو من الجرم… ولكن إذا ما نحن تأملنا تفاصيل الاعتقال والطريقة التي تم بها اقتحام مقر الجريد سنفهم أن الأمر لا يتعلق بمجرد تحرك عادي تم بناء على 3 شكايات تقدمت بها سيدتين وشخص مجهول في حق بوعشرين.. بل إن الأمر أكبر من ذلك بكثير خاصة إذا علمنا أنه تمت مواجهة بوعشرين بأشرطة فيديو تم تصويرها داخل مكتبه بكاميرات لا تخص الجريدة، حسب تأكيد التقني المنتمي لفريق العمل بالجريدة.

إذن ماذا حدث حتى يتم اعتقال توفيق بوعشرين بتلك الطريقة الهوليودية ؟

الذي حدث هو ما لخصه محاميه قبل أيام بقوله: ” لقد طُلب من بوعشرين ألا يكتب عن شخصين، أحدهما أُريد له أن ينتهي سياسيا والآخر أُريد له أن يكبر سياسيا…” طبعا كلام المحامي لا يحتاج لتفكير عميق حتى نفهم أن المقصودين هما السيد عبد الاله بن كيران، والسيد عزيز أخنوش.

عبد الاله بن كيران الذي أعفي من رئاسة الحكومة بعد فشله أو إفشاله في تشكيل حكومته، والذي حرمه المجلس الوطني من ولاية ثالثة على رأس حزبه، أبى أن يستسلم فصار يستغل كل فرصة يُمنح له فيها ميكرفونا ليلقي برصاصاته في كل الاتجاهات وهو ما يزعج خصومه السياسيين خاصة أعضاء وزعماء حزب التجمع الوطني للأحرار وزعيمهم أخنوش الذي يرى في نفسه الأحق والأجدر برئاسة الحكومة خلال الفترة المقبلة.. أما ما يزيد انزعاجهم فهو تفاعل قلم بوعشرين مع رصاصات بن كيران وتحويلها لقنابل مؤذية جدا.. ثم أن الخلاف بين توفيق بوعشرين وزعيم الأحرار لا يخفى على أحد فقد سبق لأخنوش أن اتهم  بوعشرين وجريدته بأنهما لسان حزب العدالة والتنمية.  

ما نريد قوله أن الصحفي توفيق بوعشرين هو ضحية صراع بين تيار بن كيران وتيار أخنوش..

وللمحكمة الموقرة واسع النظر..