تنص المادة 22 من اتفاقية فيينا للعمل الدبلوماسي على مايلي:

1 – تكون حرمة دار البعثة مصونة. ولا يجوز لمأموري الدولة المعتمد لديها دخولها الا برضى رئيس البعثة. 

2 – يترتب على الدولة المعتمد لديها التزام خاص باتخاذ جميع التدابير المناسبة لحماية دار البعثة من اي اقتحام او ضرر ومنع اي اخلال بأمن البعثة او مساس بكرامتها. 3 -تعفى دار البعثة وأثاثاتها واموالها الاخرى الموجودة فيها ووسائل النقل التابعة لها من اجراءات التفتيش او الاستيلاء او الحجز او التنفيذ. 

كما تنص المادة 31 من اتفاقية فيينا للعمل القنصلي أيضا على ما يلي:

1- تكون حرمة الدور القنصلية مصونة إلى الدرجة المحددة في هذه المادة.

2- لا يجوز لسلطات الدولة المضيفة دخول القسم من الدور القنصلية المخصص كليا للأعمال القنصلية إلا بموافقة رئيس البعثة القنصلية أو ممثله بموافقة رئيس البعثة الدبلوماسية للدولة الموفدة. ويمكن افتراض حصول هذه الموافقة عند حدوث الحريق او أي كارثة أخرى تستوجب اتخاذ إجراءات وقائية سريعة.

3- مع مراعاة أحكام الفقرة 2 من هذه المادة يتوجب على الدولة المضيفة بشكل خاص اتخاذ كل الخطوات المناسبة لحماية الدور القنصلية من أي اعتداء أو ضرر ولمنع تعكير صفوها أو المس بكرامتها.

 4- تكون الدور القنصلية وموجوداتها وممتلكات البعثة القنصلية ووسائل نقلها محصنة ضد أي شكل من أشكال المصادرة لاغراض الدفاع الوطني أو المنفعة العامة. وإذا كان الاستملاك ضروريا لمثل هذه الغايات، فيجب اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لتفادي إعاقة ممارسة الوظائف القنصلية ولدفع التعويض الملائم والفاعل والسريع للدولة الموفدة. 

ترتيبا على المقتضيات القانونية السالفة الذكر، فإن اقتحام رجال الشرطة الايطالية للقنصلية المغربية في تورينو شاهرين أسلحتهم دون توفرهم على أي إذن من رئيس البعثة القنصلية المغربية، يعد عملا غير لائق وغير ودي وينطوي على اخلال كبير بقواعد القانون الدولي..

إلى حدود الآن لم يخرج للرأي العام أي مسؤول حكومي أو أي مسؤول دبلوماسي بأي تصريح ولو من سطر واحد لتوضيح ملابسات هذه الواقعة كما لو أن الامر يتعلق بحدث عابر لا اعتداء فيه على سيادة الدولة المغربية.

القانون الدولي من خلال اتفاقية فيينا للعمل القنصلي لسنة 1969 واضح بخصوص هذا الأمر حيث لا يسمح باقتحام الدور القنصلية إلا بإذن من رئيس البعثة القنصلية ونفس الأمر ينطبق على مقرات البعثات الدبلوماسية وفق اتفاقية 1963، بل إن الاتفاقيتين معا، تلزمان الدولة الموفد لديها بتوفير الحماية اللازمة لمقرات البعثات الدبلوماسية والقنصلية. 

لا أدري سبب هذا الصمت الرهيب وكأن حرمة المبنى القتصلي المغربي في إيطاليا لا يعني الحكومة ووزارة الخارجية في شيئ!

 ما حدث يعتبر سلوكا غير لائق وغير ودي بالتعبير الدبلوماسي وينطوي على خرق سافر للقانون الدولي وفيه مساس بحرمة البعثة القنصلية التي تشكل امتدادا لإقليم الدولة المغربية وتتمتع بحماية قانونية دولية!

لا يعرف ما إذا كانت القنوات الدبلوماسية الرسمية قد تحركت بخصوص هذا الموضوع ولكن مادام أن الصحافة تناولت الموضوع وأصبح قضية رأي عام  فإن الخارجية المغربية مطالبة بتوضيح ظروف وملابسات ما حدث وإخبار المغاربة بالإجراءات المتحدة في هذا الصدد احتراما لحق المواطن في الوصول إلى المعلومة كحق دستوري مكفول بموجب الفصل 27 من دستور المملكة. 

لو حدث هذا الأمر في المغرب وكان المستهدف هو السفارة او البعثة القنصلية الايطالية لقامت إيطاليا بالاحتجاج دبلوماسيا من خلال سفيرها في المغرب لدى وزارة الخارجية المغربية أو قامت باستدعاء سفيرها إلى روما للتشاور أو قامت باستدعاء السفير المغربي في روما لطلب توضيحات! 

هل إن المسؤولين في وزارة الخارجية لا يفهمون في أصول العمل الدبلوماسي؟ أم أنهم تعودوا على التعامل مع مثل هذه الأمور الشديدة الحساسية بنوع من التبسيط  كما لو أن الأمر عادي ولا يحتاج أكثر من مراسلة او مكالمة هاتفية في الموضوع؟! 

إذا كان المواطن المغربي لجأ إلى مقر القنصلية من أجل طلب الحماية القنصلية فهذا شيئ. أما إذا كانت مطاردة الشرطة الايطالية له لاسباب جرمية فهذا شيئ آخر،لأن مقرات البعثات الدبلوماسية والقنصلية لها ما لها وعليها ما عليها بموجب القانون الدولي..

في جميع الأحوال لا بد من توضيح الحادث من طرف الخارجية المغربية، ومهما كانت الظروف والملابسات، فإن اقتحام الشرطة الايطالية لمقر البعثة أمر مدان ومرفوض. 

بالأمس خرج علينا السفير السعودي ببيان عجيب ورد فيه ان تصريحات تركي آل الشيخ، المسؤول في الديوان الملكي السعودي الذي لم يحترم سيادة المغرب واستقلاليته، يطلب فيها عدم التعامل معها بنوع من التهويل أو التضخيم، وأن علاقة المغرب والسعودية أكبر من ذلك.. لنفاجأ بتغريدة جديدة لنفس المسؤول تمعن في الإساءة للمغرب كما لو أن الامر يتعلق بلعبة تبادل الأدوار بين المسؤولين السعوديين، ومع ذلك لم نرى موقفا رسميا للمملكة عبر قنواتها الدبلوماسية.

نتمنى الا يتكرر الأمر مع الإيطاليين.