في الوقت الذي استنفر  فيه البرلمان والحكومة والأحزاب والاعلام المغربي كل امكانياتهم للرد على المناوشات والاستفزازات الأخيرة لجبهة البوليساريوا في المنطقة العازلة بالتزامن مع قرب رفع المبعوث الأممي في الصحراء لتقريره إلى مجلس الأمن خرج مساعد الأمين العام للأمم المتحدة في تصريح صحفي يقول بأن بعثة الأمم المتحدة في الصحراء لم ترصد اي تحرك لجبهة البوليساريوا في المنطقة العازلة مما بات يتعين معه على الدبلوماسية المغربية ضرورة الرد على هذه التصريحات بالحجج الدامغة لتأكيد مضمون الرسالة الاحتجاجية التي وجهها المغرب من خلال مبعوثه في الأمم المتحدة السيد عمر هلال إلى رئيس مجلس الأمن “غوستافو ميازا كوادرا” بشأن وجود تحركات عسكرية لجبهة البوليساريو. 

الحديث بشكل مكثف خلال هذا الأسبوع في وسائل الإعلام الوطنية عن احتمال نشوب حرب بين المغرب وجبهة البوليساريو على ضوء هذه المستجدات أمر فيه الكثير من التهويل وليس هناك اي طرف من أطراف النزاع مستعد للحرب في ظل الظروف الراهنة أو من مصلحته خرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي يحضى برعاية أممية لاسيما وأن هناك تحديات محلية وإقليمية ودولية لا تسمح بذلك سواء تعلق الأمر بالنسبة للمملكة المغربية أو تعلق الامر بالنسبة إلى الجزائر التي تشكل الحاضن الرسمي لجبهة البوليساريوا على كل المستويات.

ما يقع اليوم من مناوشات بين المغرب وجبهة البوليساريوا ميدانيا ودبلوماسيا ليس هو الاول او الأخير بين الطرفين، وقبل شهر أبريل من كل سنة تتجدد هذه المناوشات بسبب التقرير الذي يرفعه الوسيط الأممي لمجلس الأمن، بعد أن يكون هذا الاخير قد أستمع لوجهة نظر أطراف النزاع، واستطلع رأي أطراف دولية أخرى معنية بالموضوع لاعتبارات تاريخية أو جغرافية أو دبلوماسية.

من هذا المنطلق لا أعتقد بوجود أي حرب عسكرية في المستقبل لاعتبارات متعدد غير أن هناك معطيات من غير المستبعد أن تكون هي المحرك خلال هذه المرحلة لمناورات جبهة البوليساريوا في المنطقة العازلة وفق الرواية المغربية التي تم نفيها أمميا مما أصبح يلزم الدبلوماسية المغربية بإخراج ادلتها وكشف حقيقة بعثة الأمم المتحدة إن هي حاولت التغطية على ممارسات مرفوضة ومدانة ومنافية للقانون وتنطوي على خرق اتفاق دولي.

كما هو معلوم هناك أزمة سياسية واقتصادبة في الجزائر لها تمظهرات عدة من غير المستبعد أن تدفع في المرحلة الراهنة قادة الجزائر إلى التفكير في طريقة معينة للتخلص من جبهة البوليساريو بالنظر إلى الكلفة الكبيرة لدعم هذه الأخيرة على حساب الأوضاع الداخلية في الجزائر التي اصبحت خلال السنوات الأخيرة تعيش حالة جمود اقتصادي كبير بسبب تراجع عائدات الغاز وحالة تخبط سياسي بسبب تدهور الوضع الصحي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة وحالة تصدع داخلي لأجهزة المخابرات العسكرية مند تنحية الجنرال توفيق المعروف بمدين. 

 وفي هذا الإطار  لا بد من الاشارة الى أن هناك قوى سياسية وطنية جزائرية له مواقف واضحة من دعم جبهة البوليساريو. كما أن هناك جناح داخل الحكومة يضغط من أجل التخلص من هذا الإرث الذي أصبح تقيلا.

 وبما أن المؤسسة العسكرية هي من تسيطر على مفاصل الدولة في الجزائر، وبما أن الحالة الصحية للرئيس بوتفليقة جد حرجة في ظل غياب بديل للرئاسة متفق عليه، فمن غير المستبعد أن تعمل قيادة الجيش كل المحاولات الممكنة من أجل إخراج جبهة البوليساريو من تندوف، والدفع بها إلى المنطقة العازلة، لكي تشكل النواة الأولى لتكوين الجمهورية الصحراوية في المنطقة العازلة لفرض سياسة الأمر  الواقع على المغرب، وللخروج تدريجيا من الصراع لإعادة التوازن إلى الداخل الجزائري المهدد بالانفجار الاجتماعي في اي لحظة.