لدى المغاربة احلام صغيرة وكلها تكون الحلم الكبير للبلاد وشعبه و ليس عيبا ان تكون لدينا احلام كثيرة ، العيب هو أن نظل قابعين في ظل احلامنا تلك دون ان نبلورها الى واقع ، وليست كل الأحلام ، واقصد احلام اليقظة ، كلها تتحقق بل  بعضها  قد لا تتحقق في الأن ولكن مع الإصرار على تحقيقها يأتي اليوم الذي يسهل إنجازها ولمسها والإحساس بها والفرحة تعم المنجزين والمستفيدين ، فكذلك  الحال بالنسبة  لحلم تنظيم المونديال الذي لم يتحقق ربما سنحققه سنة 2030، وكذلك بالنسبة لحلم إقامة جسر بين المغرب واسبانيا ذلك المشروع الذي قدمه المرحوم الحسن الثاني والذي لازال في الرف لأسباب سياسية تخص اوروبا التي تفضل ان تظل منعزلة خاصة بعد موجة الإرهاب التي اكتسحت الشرق الأوسط مع ظهور  ما يسمى ب “داعش” هذا التنظيم الذي لا نعرف مصدره ولا كيف نشأ ولكن الأكيد ان السياسات الغربية ومواقفها إزاء القضايا المصيرية للشعوب العربية هي السبب في خلق هذا الكائن الغريب في الشرق العربي وانتقال شرارته لأوروبا وكل العالم . وهذا لا يعني ان أن كل احلامنا لن تتحقق، بل إن هذا الفشل ربما يوقظنا لنعرف اخطاءنا ونستعد للحلم الكبير الذي من خلاله سوف يسهل تحقيق كل الأحلام الصغيرة كالمونديال او غيره  ، أكيد أن  من حق كل مغربي ان يحلم ، والحلم يصبح مشروعا لما تكون القدرة المادية والفكرية مناسبة لحجم الحلم ، فكل الإنجازات الكبرى كانت في البداية عبارة عن حلم وما ينفك الى ان يتحول الى واقع فوق الأرض بالعمل والكد والبحث والمعاناة بالسهر والتعب وليس الحلم في غرق النوم فتلك اضغاث احلام لا غير . ،وحلمنا نحن كمغاربة احلام كثيرة في حلم كبير. وذلك الحلم الكبير هو مبتغانا وطموحنا كلنا وان اختلفنا في طرق الوصول اليه ، حلمنا ببساطة هو تركيز اسس وبنية دولة ديموقراطية ليس بالنصوص الدستورية والقوانين فبريطانيا دولة عظمى ولا تتوفر على دستور مكتوب ، فالذي ينقصنا هو الممارسة الديموقراطية لأن هذه الأخيرة ليست سوى أفعال وممارسات فيها احترام الأخر في الراي والعقيدة واحترام اختياراته في ظل اطار عام تحفظه الدولة بأجهزتها التشريعية والتنفيذية والقضائية حيث لا ميز ولا حيف ولا تفوق هذا عن ذاك إلا بالقانون والحق  ،والديموقراطية تربية وجب ان نتلقاها داخل البيوت بعد تعلم وتربية المربين الذين وجب تربيتهم على الفعل الديموقراطي في تعاملهم اليومي مع الأبناء وفي المدرسة والمعمل والحقل وفي كل تجمع بشري لابد ان تكون اخلاق ومبادئ الديموقراطية حاضرة ، لأنها سلوك  وممارسة يومية، و حلمنا هو العيش الكريم ضمن دولة ديموقراطية لا يكون فيها مواطن واحد تحت ضغط الفقر والحاجة ولا طفل واحد بلا مقعد في المدرسة ليتلقى تعليما يؤهله على تلبية رغباته وتحقيق احلامه وطموحاته ، حلم يتحول الى واقع هو ان يعالج كل مريض دون ان يطالب بتقديم شيك كضمانة وبدون ان يسال عن اصله وفصله بل يعالج اولا ثم تأتي المساطر الإدارية ، حلم يتحقق لما يصير الطبيب يعالج وفق قسم ابو قراط لا وفق ما ملكت يديك او توصية من فلان او علان .                           .        .           .                                   نعم نحن شعب يحلم كثيرا لأننا نرى ونسمع ففي شمال البلاد نجد اوروبا لا تبعد إلا ب 14 كلم والعالم باسره قرية صغيرة نعرف كل ما يجري فيها مباشرة بفضل الفضائيات والإنترنيت ، بل نحن كبلد في شمال افريقيا صرنا حلم شعوب الساحل الإفريقي ، وما تواجد المهاجرين من إفريقيا إلا دليل على  أننا لسنا فقط حالمين بل موضوع احلام كثير من الأفارقة  للاستفادة من نمط العيش الذي اخترناه بأنفسنا وإن كان لا يعجب الكثير لأنه فيه من الخلل في توازن الاستفادة من خيرات البلاد وخدمات الدولة وتوزيع الثروة نرى في هذا العالم المحيط بنا كل التطور والتقدم و نطمح ان نكون كذلك ولم لا نفوق مستواهم وما المانع؟   نرى كيف يتم معاملة المرضى برفق من قبل ممرضات فعلا يجب ان يشبهن بالملائكة  .نرى الطرق السيارة والقناطر واحدة فوق اخريات وسكك حديد ممتدة على طول وعرض البلد بل كل اروبا مرتبطة بسكك الحديد مرسومة كبيت العنكبوت المتشابك من اجل التواصل والتعارف وتبادل المنافع وتقريب الشعوب وتسهيل انماط عيشهم . نرى المطارات في هندسة بديعة تكرم وترفع من قيمة الإنسان المسافر والمستقبل للمسافر ، اما نحن فمطار الدار البيضاء الدولي لا يمكن مقارنته مع المطارات الدولية في الخدمة او البنيات وحسن الاستقبال من قبل الطواقم المكلفة بتسيير المطار . ان مطاراتنا تتعامل مع المواطنين كأنهم مشبوهين والحال ان الأصل هو براءة المواطن حتى تتم ادانته  ولا ادانة إلا بالحجة والبينة. لماذا كل هذا الاحتقار الذي يشكله هذا التعامل مع المسافرين ومستقبليهم حيث هؤلاء يظلون تحت الشمس في الحر وفي البرد القارس في فصل الشتاء، أهذا تعامل إنساني في حدوده الدنيا؟ إن المجتمع الدولي لم يعد بعيد المسافة فالتقدم التكنلوجي في كل الميادين اختزل كل تلك المسافات واصبحنا نعيش في المجتمع الدولي في الأن لدرجة اندماجنا معه في كل تطوراته ونتفاعل معه كجزء منه والعكس صحيح .                                                                                                                                                                                                                                                                                        

   ومن حقنا ان نحلم فكم من احلام تحققت ولكن بالعمل والتخطيط والفعل والإخلاص لا بالكلام من اجل الحصول على الصوت ومن بعد ذلك الفراغ يأتي بعده الفراغ ، تلك وضعية اغلبية نخبنا السياسية البرلمانية والحكومية والحزبية وكثير من مكونات المجتمع المدني الذي تضخم بجمعيات ولدت بمعالق من ذهب لتطبل وتهلل بمنجزات واهية وشخصيات “كرطونية” لتصعد على السلم الاجتماعي والسياسي   وتزدرد من خيرات البلاد دون جهد ولا حسيب ولا رقيب لأن هناك زواج بين السلطة السياسية والسلطة المالية والاقتصادية كل واحدة  تسند الأخرى لتشكل اخطبوطا يصعب مقاومته او حتى الحد من اندفاعه وشراهته في الانقضاض على خيرات الوطن  .                       ،                                                                                                                                                                                                                                                                                     وهذا الوضع لا يستقيم مع الحلم الكبير لأبناء هذا الوطن ذلك الحلم الذي لن يتحقق منه لا الحلم الصغير ولا الكبير إذا ما استمر الأمر كما هو عليه حيث الفقر يتفرع بين الطرقات والأزقة وبين المدن والقرى والجهل يمشي في الطرقات في واضحة النهار ويتقوى من خلال ممارسات هي اقرب الى الشعوذة والاعتقاد الخرافي مما يجعل المجتمع عبارة عن عودة للقرون الوسطى زمن الإنترنيت واكتشاف الكواكب واعماق المحيطات والسياحة الفضائية ، اين نحن من التطور العالمي؟ السنا في اخر السلم ام مازلنا بالأحرى بعيدون عن السلم ولم نراه بعد لنبدأ صعوده ما دمنا لم نكتشف بعد اننا سواسية واننا جسم واحد لا فرق بين هذا وذاك الا ببعض الجهد المادي والفكري الذي قد يتميز بعض منا عن غيره وليس تمييزا بل تفوقا في المكافأة المادية والاعتبارية لخلق التنافس الشريف لا غير .                 .                                                                                                             إن الحلم الكبير بالنسبة لي هو ان نكون في مجتمع ينبض بالمحبة والفرحة الجماعية ، مجتمع في سمفونية لحنها وايقاعاتها المحبة والتضامن والتماسك بين افراد الشعب ودعاماته دولة صاغية ورافعة راس المغربي بالحفاظ على الحقوق وتقويتها وبث الأمان والأمن والسلامة والطمأنينة والسلم بين كل فئات الشعب وفي كل ارجاء البلاد من طنجة الى لكويرة دون تمييز او تقصير   الحلم الكبير بالنسبة ليهم ان تتم الاستجابة  لكل الرغبات المعقولة والأساسية للمواطنين من قبل الدولة التي تعتبر الحاضنة لكل الشعب الذي يمدها بالقوة والفكر والمال بمجهوداته وتفانيه في الخدمة المسترسلة من اجل رفع لواء المغرب وتبوئه المكانة الرفيعة بين الأمم ، إن الحلم الكبير يتحقق لما يتم تقبل كل الاختلافات التي لا تدمر الكيان والبيان وتحافظ على الهوية المغربية بكل تفاصيلها التي تقوي والتي لا تشتت الدولة المغربية لتصير ديموقراطية تأخذ حق الضعيف من يد القوي سواء كان في السلطة او كان من ذوي الأموال والغنى – إن كان يعتبر نفسه اقوى مما ملكت يمينه فلن يقوى على القانون لأنه هو الفيصل بين القوي والضعيف ، طبعا هذا حلم قد يبدو مستحيلا ولكن ارادة الشعب لا يصعب عنها اي شيء فهي قادرة على  تحقيق كل الطموحات والأحلام لأن العزيمة هي المحرك الذي يحرك الشعب لبناء النفوس والشخصيات التي تتدفق بالتربية العالية والسمو في الأخلاق النبيل والاحترام المتبادل للأخر والتواصل العقلاني بين مجتمع ينبض نشاطا وحيوية خاصة وان شعبنا اكثر من نصفه من شباب يقل عن 20 سنة وذلك يعني اننا كلنا يقظة وجهد واقدام للخلق والإبداع في كل المجالات ، يكفي ان نفتح لهم الأفاق نعبد الطريق هنا ونضع السكك الحديد هناك نقرب هذا الدوار للطريق الرئيسية ليصل سكانه للمشفى في المدينة ولم لا نقيم مشفى في الدوار؟ ولا ينتقل المريض في وسائل نقل تعود للإنسان الأول كما أن التطور لم يمر من هنا    .   إن الحلم الكبير هو ان نصير دولة متقدمة بمعنى الكلمة حيث نؤسس مكانتنا بين الدول العظمى بقوة العمل ومساهمة منا في تطور البشرية ويسود السلم والأمن الدوليين  العالم ، بتفادي الحروب ونشر ثقافة التعايش بين الأمم وفق مبادئ الأمم المتحدة وتفعيل كل ميثاقها وكشف حقائق الدول التي تعمل من داخلها وتستحوذ على اتخاذ القرارات التي تناسب سياستها وترمي بعرض الحائط حقوق الشعوب ،كشعب فلسطين الذي شرد من ارضه واقيمت عليها كيان عنصري لا يعير اي احترام للقانون الدولي وحقوق الإنسان ومع ذلك يظل يستقبل الدعم من القوى العظمى وكانه على حق والباطل هو اساس نشوئه.                           .             إن الديموقراطية هي الحلم الكبير والحقيقي لأن بدونها لن يتحقق أي حلم مهما كانت الإمكانات المادية والمعنوية ، فالديموقراطية هي الطريق المعبد والأيسر للوصول لكل الأهداف المخطط لها عبر سياسات لها دعم شعبي ،فهل لنا أن نحلم اكثر من تحقيق الديموقراطية ؟ اعتقد انها المفتاح الوحيد للخروج لدائرة الضوء وكسف كل النواقص وتذليل كل الصعوبات التي تتعلق بالسلطة وارتباطها بالمال او الدين اوباي عوائق لا تجعل الدولة رهينة وسجينة تلك العوائق والحواجز، فهلا نسرع لمواكبة العصر بربط كل ممارسات الدولة بالديموقراطية ، هذا الفعل الناجع والأمثل لتقدم الدول والشعوب في العصر الحديث؟.                                                                                 .