إن حق التعليق على الأوامر والأحكام والقرارات القضائية هو  الأصل، ويؤطره من الناحية القانونية تعدد درجات التقاضي ونظام القضاء من الفردي إلى الجماعي زيادة في العدد مع توالي الدرجات من الأصغر الى الأكبر ، لأن المشرع وضع فرضية قانونية آخر ى هو احتمال شبه قاعدة في وقوع القاضي في الخطأ أو لتأكيد وجهة نظره، بمعنى أن الشك حول مطابقتها للقانون قائم قانونا.

و صناعة الأحكام مهنة مرتبطة بحق التعليق الذي يتخذ اشكال متعددة، والمعتاد منها هو حق الطعون المؤطرة والمحددة في زمنها وشكلها وأطرافها وفضاؤها قانونيا مسطريا، فالطعن في حد ذاته تعليق على الحكم القضائي، لأنه يناقش الحكم دون أن يحدد المشرع حدودا لجوهره وموضوعه، لأن مناقشة الحكم حق تكفله قواعد قانونية سواء في المسطرة المدنية او المسطرة الجنائية او قانون المحاماة.

غير أن التعليقات التي يرفضها القضاة وينفرون منها هو تلك التي تثار خارج فضاءات المحاكم وخارج محارب العدالة و التي يدلي بها غير رجال القانون، وخاصة تلك المناقشات التي يكون مصدرها وسائل الاعلام والسياسيين.

وحق هؤلاء لا يختلف في شيء عن حق ذوي الصفة في الغاية والفلسفة من اقرار الحق في التعليق مادامت نتيجة الحكم نسبية وليست مطلقة، والحقيقة قضائية فقط مرتبطة بوسائل الاثبات ومستوى فهم القضاة وضميرهم المهني.

وهذه الحقيقة، والتي يمكن وصفها بالتعبير القضائي “بالاجتهاد” ليست مستقرة فمحكة النقض حاليا والمجلس الأعلى سابقا لم يوحدوا العمل القضائي، بل ساهموا في عكس ذلك وتوتشتيته وتنوعه وتعدده واختلافه، فكم من قضية  واحدة عرفت اجتهادات متباينة ومتناقضة، بشكل تجعل القاضي في حيرة من أمره.

وإذا كان حق التعليق يستند الى القانون، ومرتبط بالحق في التعبير، كحق من حقوق الانسان، ومحمي دستوريا، بل إنه ضروري لممارسة نوع من الرقابة العامةعلى عمل القاضي للرقي بأعمالهم وتطويرها ومناعتها. 

فإن أي محاولة لخرق وانتهاك أو تحجيم لحق التعليق على القرارات القضائية باستعمال عبارات تحقير القرارات القضائية الواردة في المادتين 263 و 266 من القانون الجنائي، فهو استعمال للنص في غير موضعه لأن التعليق ينصب على عمل القاضي وليس على شخصه 

أما المادة القانونية فعي تتحدث عن اهانة رجال القضاء وحماية شرفهم وشعورهم والاحترام الواحب لسلطتهم فقط، ودون أن تمتد هذه الحماية الى اعمالهم، فالمشرع لم ينزه عمل القضاء من الأصل ومنذ البداية ووفقا لما اشرنا اليه اعلاه لادعاء حصانة هذه الأعمال بمادة قانونية جنائية.

وفي مقابل عدم توفير المشرع الحماية والحصانة لقرارات القضاء، او اعمال القضاة ،فان نفس المشرع وضع حماية دستورية للحق في التعبير. كما أن الحماية الحنائية الوحيدة التي وضعها المشرع للمقرر القضائي انما في مواجهة طرفها الأساسي الذي تنفذ عليه فقط وبمناسبة عملية التنفيذ حصرا، لأنه ملزم بتنفيذها وواجب عليه، ودون أن يمس تنفيذه لها بحقه في التعليق عليه.