ما بين ما ينقصنا شيئ ما، ولغة الأحاسيس لدى الكثيرمن المغاربة معنى في لغة اليقين، فيتحدثون في المقاهي كما عند حلاق الحي عنمن باع المغرب ب”نواره” للأجانب مقابل سيولة ما أو قرض جديد أو خطة في إطار التقويم الهيكلي أو إصلاح متنمر.

والمغاربة قد لا يفقهون جيدا في تلاوين السياسة ومجتمع الساسة الذي يظهر في كل نشرة على الشاشة، لكنهم يستنشقون الغضب منبعيد عندما يذهبون للتسوق فيجدون الخضار في استعلاء كبير على مقدرتهم المادية، ويغيضون كثيرا حينما يذهبون للمستشفى ولايجدون طبيبا يداوي جراحهم الغائرة، ويدرف الطفل دموعه وهو في طريق تُعد بالكيلومترات إلى مدرسته عليلة البنية، وحينما يقف المواطنأمام القضاء كان جالسا أم واقفا سرعا ما يصاب بالذعر وتنسحب الثقة من ذهنه وكأنه في حضرة “ملك الموت” سيلقي القبض علىروحه خلسة.

من يبيع من؟ لعل الملك محمد السادس في خطاب العرش ضغط على جرح عميق في قضية “البيع” ولأنه أحس بأن هناك شيئ ماينقصنا، فقد صارح المغاربة مجددا كما عهدناه خلال الأربع سنوات الأخيرة.

في الأونة الأخيرة، تحدثت بعض الصحف كما بعض من النخب، عن انتصار مغربي في قضية اتفاقية الصيد البحري بعد حكم المحكمةالاوروبية واستئناف الصيد في البحار المغربية، لكن ما من أد جرئ وقال للمغاربة عن تفاصيل هذه التفاقية وتحدث بلغة الخاسروالرابح، ولأن الملك تحدث بلغة البيع فهو كان سباق ومحرجا للساسة والأحزاب التي تمثل دور الاكسسوار، وقال إن هناك من يبيع الوهمللمغاربة 

والحال، فإن الحكومة الحالية والأطراف “الأخنوشية” المكلفة بمفاوضات اتفاقية الصيد البحري هي من باعت السمك المغربي للاتحادالأوروبي بثمن بخس جدا قدر ب55 مليار درهم وبمعلية حسابية بسيطة فإن المغاربة باعوا للاتحاد الأوروبي كيلومترا من البحر مقابل20 درهما، بينما المغاربة يشترون السردين في المدن الساحلية بثمن يصل إلى 30 درهما للكلغ، وناهيك عن المدن الغير الساحلية حيثيصل ثمن الكلغ إلى 40 درهما.

ودائما في لغة “البيع” باع المغرب الطاقة الكهربائية واستفاد التلوث واستحوذ على اراضي المزارعين الصغار من خلال استثمار اجنبيسيرهن سيادتنا الطاقية لمدة 30 عاما، والنموذج المحطة الحرارية لأسفي حيث جاءت شركة “انجي” الفرنسية لتستحوذ على السوقوتنتج مزيدا من مخلفات الفحم.

على أحدا ما في هذا الهرم للدولة أن يعرف أن المغاربة لم يصبحوا مغاربة بسهولة ويسر، فقد كافح آباؤنا وأجدادنا وذاقوا العذاب والفقروالهوان آلاف السنين من غزو واستعمار وتشريد من شتى أنواع البشر: فرنسيين واسبان، وخرجوا من هذا الأتون المستمر مثل الذهبخالصًا نقيًا دون شوائب!.

لا يجب أن نقلل من شأننا وأن نستصغر أنفسنا ونبيع بلادنا التي هي اعز ما يملك المرء العليل حتى ولو داقت به الدنيا درعا.. 

الوطن ليس سلعة خصوصا منه الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم، والطاقة كالماء والكهرباء، أشياء لا يجب ان تخدع لسوق الحرة بيعوشراء، على الدولة أن تكافح كثيرا حتى تضمن هذه الاستقلالية وبذلك لن يزايد احدا عليها بييع الوهم للمواطنين.