
مكانة المواطن في الدولة

إن مكانة المواطن في أي دولة يجب أن تقاس على أساس السياسة المخطط لها في استراتيجية الدولة وعلى سلم الاهتمام الذي يجب ان توليه الحكومات المتعاقبة له من رعاية طبية وسكن لائق وتشغيل يصون كرامته وتكوين وتعليم يواكبان التطورات الحديثة وينمي شخصية المواطن، شخصية مستقلة وواعية تحترم الحق والقانون ولها مستوى اخلاقي رفيع نابع من تربية أصيلة، مواطن له كرامة يتخذ قراراته السياسية بدون تدخل من أي كان ، مواطن صوته يشكل مصدر قوة للدولة ومرجع اساسي لقراراتها ، ومعلوم أن علاقة الدولة بمواطنيها ليست كعلاقة الأشخاص ببعضهم بعضا ولا كعلاقة الدول ببعضها ، هي علاقة متميزة عن جميع العلاقات التي يمكن أن تقوم بين الأشخاص والأفراد سواء الطبيعيين او المعنويين ومتميزة عن علاقات التي تقام ضمن التبادل الثقافي او التجاري او العسكري بين الدول فهي علاقة احتضان ودعم متبادل بين الدولة والفرد المواطن ، قذ نذهب الى تشبيهها بعلاقة الآباء بالأبناء أو اكثر وإن كان ليس للدولة عواطف ومزاج الأشخاص الطبيعيين ، لأن الدولة أجهزة تتحرك وفق مساطر قانونية ونصوص تشريعية يصادق عليها البرلمان الممثل للشعب الذي صوت على نوابه تلك هي اللعبة الديموقراطية ، فالدولة رغم ذلك “ليست من خشب” كما قال ارسطو بل اجهزة تعيش من خلال افراد طبيعيين لهم اهلية وخبرة وفكر وانتماء للوطن ثم انتماء لمبادئ حزبية وعقائدية وانسانية يسعون لتحقيقها من خلال ترشحهم للمسؤولية ،- او هكذا يجب أن يكونوا- . – لذا فالدولة ليست مجموعة امزجة واحاسيس، بل منطق وتخطيط وسياسة مستقبلية تقوم بتهيئة البرامج والمشاريع الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية وغيرها من اجل الشعب بكل فئاته ودون تمييز او تحيز. تلك هي الدولة في علاقتها بمواطنيها فهي اداة استمرار العيش الكريم لكل الشعب ،وحضن يطمئن فيه كل افراد الشعب، والمواطن يشكل حلقة في سلسلة اختصاصات ومهام الدولة ، فعندما يتعرض المواطن لمشكل ما ، مهما كان في الداخل او الخارج، فالدولة لها مسؤولية حل ذلك المشكل بطرق من الطرق القانونية وتضع الحلول المناسبة له ولا تتركه متخبطا لوحده في مشكلته، إن الدولة هذه الألة العجيبة التي تم اختراعها لتكون محايدة وغير تابعة لهذا او ذاك ولا تغريها الأموال ولا الجمال فهي لا تعرف سوى المساطر القانونية وتنفيذها مهما كان من امامها فلا تنظر اليه إلا من خلال وضعية قانونية ومدى تطابق موادها مع القضية المطروحة. فهذا هو ما يطلق عليه حياد الدولة أي لا تميل إلا لجهة الوطن ولا انتماء لها سوى وللمواطنين كافة ولا احد يمتلكها فهي في خدمة الكل وبنفس القدر من التفاني والبذل والعطاء . فها هو الدستور المغربي لسنة 2011 يكرس ما سلف حيث ينص في تصديره “إﻥ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ، وﻓﺎﺀ ﻻﺧﺘﻴﺎرﻫﺎ اﻟﺬﻱ ﻻ رﺟﻌﺔ ﻓﻴﻪ، ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀ دوﻟﺔ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻳﺴﻮدﻫﺎ اﻟﺤﻖ واﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﺗﻮاﺻﻞ ﺑﻌﺰﻡ ﻣﺴﻴﺮﺓ ﺗﻮﻃﻴﺪ وﺗﻘﻮﻳﺔ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ دوﻟﺔﺣﺪﻳﺜﺔ، ﻣﺮﺗﻜﺰاﺗﻬﺎ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ واﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ واﻟﺤﻜﺎﻣﺔ اﻟﺠﻴﺪﺓ، وإرﺳﺎﺀ دﻋﺎﺋﻢ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺘﻀﺎﻣﻦ، ﻳﺘﻤﺘﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺎﻷﻣﻦ واﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻜﺮاﻣﺔ واﻟﻤﺴﺎواﺓ، وﺗﻜﺎﻓﺆ اﻟﻔﺮﺹ، واﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، وﻣﻘﻮﻣﺎﺕ اﻟﻌﻴﺶ اﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻓﻲ ﻧﻄﺎﻕ اﻟﺘﻼزﻡ ﺑﻴﻦ ﺣﻘﻮﻕ وواﺟﺒﺎﺕ اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ.” إن الدولة المغربية إذن اخذت على عاتقها – وفاءا لاختيارها الذي هو اختيار الشعب المغربي- بناء الدولة الديموقراطية يسودها الحق والقانون . . إذن في اطار هذه الفقرة من التصدير الدستوري الذي لا يقل اهمية ومكانة عن باقي الأبواب والفصول يضع مكانة المواطن من بين اولويات الدولة ل ” يتمتع الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة” إذن فالتعليم مسؤولية الدولة وكذلك الصحة والسكن والشغل وقس على ذلك اي كل ما له ارتباط بحياة المواطن وعيشه في حاضره ومستقبله هو وابناؤه، إلا ان واقع الحال في الزمن الحالي ما عادت الدولة ترى هذا المنطق وما عاد هذا التحليل يلائم نخب اليوم وسياسي هذا الزمن ، وصاروا ينادون بتخلي الدولة عن عدة اختصاصات عرفت منذ نشأة الدولة بها حتى صارت تلك الاختصاصات لا تنفصل عنها كالمرافق العمومية التي وضعت في شأنها نظريات في القانون الإداري وعلم الإدارة نظرا لالتصاقها بالدولة سواء عند الدولة البسيطة او المركبة، واليوم جاءت نخبا سياسية بدفوعات التخلي كأن لسان حالها يقول بالعودة للدولة الحارسة التي كانت قائمة إبان النصف الثاني من القرن 19 ، تلك الدولة كما يذهب بعض من نخبنا السياسية اليوم يعتقدون ان السوق وحده ينظم اقتصاد الدولة والقوة وحدها هي من اختصاص الدولة ولا شيء غير ذلك. هنا نتساءل ما جدوى الدولة؟ هذا البنيان العجيب الذي اقيم شامخا ليضع حدا لكثير من المشاكل التي عرفها التاريخ وسببت في العديد من الضحايا ، فالدولة كانت حلا لكثير من النزاعات بين المواطنين والمجتمعات وصارت تقوم بدورها الحيادي لتنظم الشؤون الخاصة والعامة ،من خلال وضع اجهزة قانونية يتم التوافق عليها من خلال الانتخابات ، وهكذا كانت الدولة العصرية ، فعرفت ازدهارا منقطع النظير ،غير انه خلال السنوات الأخير بدأ الرجوع للدولة الحارسة او ما يمكن ان يكون كذلك مع بعض الاختلافات ومع اختلاف السياقات التاريخية والاقتصادية والاجتماعية، لأن المطالبة بالتخلي عن القطاع العام خاصة التعليم والصحة والسكن “لأنها قطاعات مكلفة لميزانية الدولة،” تلك الميزانية التي تملأ من خلال الضرائب وعرق المواطنين الذين يدفعون الضرائب وأجور المسؤولين السياسيين والبرلمانيين، فالدولة إن غابت عن الوجود في مثل هذه القطاعات كيف ستصير هي ذاتها ، لأن التعليم العمود الفقري لبناء المواطن سيكون في يد القطاع الخاص الذي لا يفكر سوى في الربح والتجربة التي خاضها المغرب خلال السنوات الفارطة بينت كيف انحدر مستوى التعليم بنية وتكوينا وتأطيرا لدرجة ينذر بالكارثة إن لم تكن قد حلت .فالتعليم هو التربية على المواطنة والرقي بالسلوك الحضاري للإنسان المغربي ليعكس الوجه المتقدم والراقي من هذا الوطن الذي من خلاله يجب ان نتنفس الحرية بل وندعو لها لبافي الشعوب التي مازالت تعاني من الاضطهاد والاحتلال كالشعب الفلسطيني. . . إلا ان الأمر لم يكن يسير على ما اعتقدناه وصرنا نعامل من قبل دولة واجهزة تكاد لا تعرفنا كأننا لسنا من هذه التربة او أكثر ، إذ حتى لو كنا اجانب لتم التعامل معنا على اساس تلك الوضعية التي ينظمها القانون ، بل إن الحال يدعو للاستغراب والذهول بحيث أن وضعية المواطن لم تعد تعني شيئا بالنسبة لكثير من النخب السياسية والمسؤولين ما داموا وصلوا للكراسي واستغنوا على من صوتوا لهم كأن تلك الكراسي فصلت عليهم بصفة ابدية ، لقد اصبحنا غرباء في علاقتنا مع الدولة ، إذ لم تعد تعرفنا إلا عندما تريد فرض الضرائب او عندما تسلط علينا هراوة قوتها لما نطالب بحق من حقوقنا التي وضعناها في الوثيقة الدستورية التي وجب ان يخضع لها الحاكم قبل المحكوم ، كيف هذا التجاهل الذي صار يغطي مساحة العلاقة بين الدولة واجهزتها والمواطنين ، فنحن هنا منذ ظلمات التاريخ ، اجدادنا رسموا تضاريس هذا الوطن وبللوا ترابه بالعرق وفي احيان كثيرة بالدم لصد العدوان من كل جهة كانت لننعم بالحرية . إلا أنه رغم ذلك فهذه الدولة قد لا تعترف بوجودنا رغم كل ذلك ، وهي أصلا قد لا تعرف اننا هنا قبل وجودها اي قبل أن يفكر المؤسسون الأوائل في الدولة ويضعوا اركانها الثلاثة ،الأرض ،الشعب ،السيادة ، هذه الأركان التقليدية تجاوزناها نحن بكثير من خلال المفاهيم والأفعال، فلم نعد فقط شعبا يشكل ركنا من اركان الدولة بل صرنا بنية اساسية لكل قرارات الدولة ومحركا لكل توصيات الأمم المتحدة وهدفا من اهداف ميثاق هذه المنظمة الدولية . ان الشعوب في كل بلدان العالم هي مصدر الشرعية والنخب السياسية عبر ارجاء العالم الديموقراطي يحابي القوة الناخبة وتستميلها بوضع برامج تستجيب لطموحاتها وأمالها ،إلا أن بلادنا بلاد “الاستثناء” في كل شيء، يضع أغلبية الشعب في اخر الاهتمام في مخطط نخبنا السياسية وبرامج احزابهم التي تفتح ابوابها كما افواهها في الزمن الانتخابي فقط أما في سائر الأيام فالصيام عن الكلام والتجاهل التام للمواطن ولمصالحه هو الحال وهكذا مع مرور الزمن . فالمواطن المغربي في العشرية الأخيرة من القرن الواحد والعشرين اصبح في دائرة المجهول إذ لا نجد له وجودا بمعنى الكلمة في برامج الحكومات المتوالية ، إلا في عبارات فضفاضة قد لا تعني شيئا لأن على ارض الواقع نجد المواطن يتخبط وحده لتوفير السكن فيغرق فيسقط في يد المضاربين العقاريين وقروض الأبناك التي تستنزف ما تبقى من جهده ليقضي حياته بين قروض السكن والعلاج ومصاريف التعليم الخصوصي لأن النخب السياسية والرأسمالية قتلوا التعليم العمومي الذي كان مفخرة كل مغربي ، وهو الذي شكل النواة الأساسية للطليعة المثقفة الى حدود 1980، والأن ها هو المواطن المغربي تقذفه الضغوطات اليومية بين البطالة وانسداد الأفاق وغلاء المعيشة ، نتيجة السياسات الحكومية ونهج الدولة سبيل المؤسسات الدولية وتعليماتها لرفع اليد عن كل دعم كانت تقدمه الدولة ليبقى المواطن يواجه مباشرة كل التقلبات الاقتصادية التي لا يد له فيها ، فاليد الوحيدة التي ساهمت في هذا الوضع السياسي العام هي اليد التي وضعت ورقة التصويت على مثل تلك النخب في صناديق الاقتراع ومن ثم اصبح فريسة لتلك السياسة التي تقرر دون اعتباره بل تتجاهله بصفة مطلقة رغم الاحتجاجات المتوالية هنا وهنا ورغم المقاطعة التي بينت عن مدى الوعي الشعبي لدرجة وقف العالم مذهولا ازاء هذا النضال المبتكر والذي كان تلقائيا ودون ان تتزعمه اية قوى سياسية من احزاب او منظمات او جمعيات إنه النضال الشعبي عبر وسائل التواصل الاجتماعي الذي ابان الشعب المغربي من خلاله على قدرته الخارقة لتجاوز كل رقابة وتفادي كل اشكال التنكيل والعنف الذي كان سوف يتعرض له لو خرج للشوارع مقاطعا او معارضا ، فالأنترنيت قدمت خدمة جليلة لهذا المواطن الذي لا يبحث سوى عن حياة كريمة فيه الحرية والاطمئنان على مستقبل أبنائه . إن الدولة المغربية بتركيبتها الحزبية الحالية او السابقة ، لأنها لم تتغير تركيبتها منذ الاستقلال، سارت على نفس النهج بحكم عدم تغير النخب السياسية والاقتصادية وانحصارها في نفس الطبقة التي صارت تتداول الحكم فيما بينها لأنها تمتلك خيوط اللعبة السياسية من خلال الربط بين الفعل السياسي والديني والاقتصادي مع شبكة من التواصل العائلي والقبلي وروابط المصلحة التي صارت تتجاوز العائلة والزاوية الدينية لتنفتح على الرأسمال اينما كان وكيفما كانت مصادره مادام يقوي المتواجدين في دوائر الحكم ويبقي على نفس النخب في لب السلطة ومراكزها . هذه البنية تركزت اكثر خلال نهاية القرن 20 وبداية القرن 21 فأصبحت التحالفات بين الرأسمال المحلي والأجنبي اكثر متانة وقوة ، وهذا ما ترك البلاد في تبعية سياسية واقتصادية وثقافية بشكل قد يقضي على الهوية المغربية المتعددة الثقافات والهويات العرقية والدينية ، وصارت الدولة المغربية واجهزتها كلها في دوامة ارضاء المؤسسات النقدية ومراكز القرارات السياسة المؤثرة في العالم كصندوق النقد الدولي الذي يملي قرارته على الحكومات المغربية في المجالات المختلفة حتى تبقى منصاعة للرأسمال العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي واليابان .ومن بين تلك الخطط التي رسمها صندوق النقد الدولي للمغرب هو التخلي عن صندوق المقاصة وخوصصة التعليم لضرب المدرسة العمومية التي كانت هي عماد النخب الفكرية والتقنية وخزانا للأطر الدولة الإدارية والسياسية والاقتصادية والفكرية هذا ما يفسر لنا موقف بعض اعضاء الحكومة الحالية من المقاطعة التي عرفها ويعرفها المغرب لبعض المواد الاستهلاكية التي ارتفع سعرها ، ذلك الموقف الذي ذهب لأبعد الحدود بحيث تم التعامل مع المقاطعة بأسلوب دنيء فيه القذف والسب للمقاطعين ووصفهم بصفات تحقيرية كأنهم ليسوا ابناء الشعب الذي اوصلهم على اكتافه لسدة الحكم والكراسي الوتيرة ، تلك المواقف غير المدروسة ناتجة عن مدى تحكم الرأسمال الأجنبي والرأسمال المحلي للطبقة الثرية التي تجمع بين السلطة والمال والدين وبذلك تستمر في الحكم عبر الضغط والمرور من السياسة الى قطاع الاقتصاد وهكذا بحيث يكون المواطن بين فك حديدي لا يترك له مجال لاتخاذ قراراته واختياراته بحرية ناهيك عن مستوى الوعي السياسي والثقافي المتدني طبعا لأن مستوى التعليم ومناهجه تسعى الى تدجينه وجعله تابعا وفكره غير متفتح على ما حديث ويخدم مصالحه ومستقبله.
آراء أخرى
من الأكيد أن الدولة مهما كانت فلن تكون في شأن لا هي كدولة ولا النخب التي تقمصوها واختزلوا اجهزة هذه الألة العجيبة التي هي الدولة ،إن هي قزمت مكانة المواطن وضيقت من هامش حريته وتعاملت معه كرقم من جذاذة إحصاء منه تستمد القروض الدولية وتوظفها في عمليات التفاوض واجراء الانتخابات او ما شابه هذا الوضع ، إن مكانة المواطن كلما ارتفعت قيمتها كلما ارتفعت قيمة الدولة بين الدول ، تلك المكانة هي التي تخوله ان يتخذ القرار المناسب له ولبلده لأنه يتوفر على مقومات المواطنة من فكر يميز به بين السياسات وثقافة تسمح له باستهلاك المنتوج الإبداعي الذي يقوي وينمي ذوقه وميوله في اي نوع من انواع الفكر الذي يعبر عن انسانيته في كل ابعادها، لأنه كيف للمواطن المغلوب على امره ان يتخذ قرارا مستقلا وان يختار انتماء حزبيا بعيدا على الضغوطات التي يتعرض لها يوميا من خلال ارتفاع ثمن القفة اليومية ووسائل الثقل وقلة الشغل له ولأبنائه ؟ كيف له ان يكون مواطنا يعرف واجباته وحقوقه وهو يسبح في بركة من الجهل والتجهيل من خلال مدرسة ومناهج تعليمية لا تعلم كيف يصير مواطنا كريما حرا لا يمد يده للغير وله انفة وغيرة على بلده واهله ؟ كيف وكيف ؟ وهو في قبضة الجهل والمرض الذي يتخبطه دون ان يجد من يعالجه ويسكنه بحق انتمائه لهذا الوطن.
إن مكانة المواطن بالدولة هي التي تحدد هل هذه الدولة ديموقراطية او ما زالت تبحث عن طريقها نحوها ، والطريق القصير للوصول للديموقراطية هو عبر اعطاء المواطن حرية الكلمة ومنحه الحقوق البديهية للعيش الكريم طبعا مع التزامه بأداء واجباته الوطنية والمواطنية خدمة للبلد الذي يعطيه بدون حساب وتقوية شخصية المواطنين عبر تربية حقة وتعليم يساير العصر ويهيئ المستقبل للأجيال القادمة مع الحفظ على الشخصية المغربية وتماسك مجتمعه . والابتعاد ما امكن عن التبعية السياسية والاقتصادية لخلق دولة متماسكة لها نفس طويل للسير قدما نحو مستقبل زاهر بعيدا عن كل ما قد يهدد كيانها ضمن رسم سياسات نابعة من الفكر المغربي وتاريخه .
كخلاصة ان كان لابد من خلاصة سأكرر ان لا مكانة لدولة بين الدول إن كانت تنظر لمواطنيها بدونية ولا تضرب الف حساب لهم عند كل مرحلة من مراحل حياتها ، فالدول التي ترفع من شأن شعوبها ترتفع هي كمفهوم دولة في العقل الجماعي كما يقول “دوركا يهم ” ، لذا لنجعل من المواطن حجر الزاوية التي تقوم عليها الدولة ليس من أجل تمرير المصالح والمنافع باسمه صوريا وتفويتها للنخب السياسية التي عهد فيها الانتهازية وقليلا ما كانت تقف الى جانب الطبقات المحرومة التي وجب الاهتمام بها حتى تستقيم نسبيا مسارات الدولة نحو الاستمرارية وكتابة التاريخ السياسي لنخبها إن هي ساهمت في دعم وتقوية مكانة المواطن الدولة .