الوضع الحزبي: من أجل وقف الانحدار
من بين أبرز سمات المشهد السياسي الوطني الراهن تراجع الدور المستقل للأحزاب في التأثير على صناعة القرار في المجال السياسي,وتقلص دورها التأطيري والإشعاعي,واهتزاز ثقة فئات اجتماعية عريضة في خطابها ووعودها ,وفي مصداقيتها وذلك بفعل ما استشرى في صفوفها من نزعات شعبوية مزايدة وفجة ونفعية مبتذلة,وانتهازية مقيتة. إن الحالة المقلقة التي آل إليها الحقل الحزبي تستدعي فتح حوار نقدي شفاف حول أقوم المسالك لتجاوز هذا الوضع الدراماتيكي لتعددية حزبية مشلولة وعقيمة , أضحت عبئا على أي تقدم في مواجهة المرحلة التاريخية التي تمر منها بلادنا والعالم المحيط بنا , فربح رهانات التنمية والدمقرطة والوحدة الوطنية في عالم اليوم ,سيظل مستعصيا دون حقل حزبي فاعل,مستقل وقادر على القيام بمهامه في التأطير والاقتراح للبدائل وإنتاج النخب , ومد أمتن الجسور مع مختلف فئات المجتمع.
آراء أخرى
ليس الغرض من الحديث عن تردي العمل الحزبي وتراجع مكانته نعي الأحزاب أو النيل من ضرورة وقيمة وجودها كما يذهب إلى ذلك الكثير من الشامتين , وإنما فهم واستيعاب عوامل هذا الانحدار والتردي,الموضوعية منها والذاتية لأجل تجاوزها بما يتيح إعادة بناء الحقل الحزبي وهيكلة تعدديته على أسس ثقافة سياسية وتنظيمية جديدة تخلصه من مختلف الأمراض والأعطاب التي باتت عالقة به , ذلك أن البناء الديمقراطي للدولة والمجتمع سيظل ممتنعا أو مستعصيا بدون تعددية حزبية تمثيلية حقيقية , كما أن أفق إرساء نظام الملكية البرلمانية سيصبح مجرد سراب في ظل غياب أحزاب وطنية ديمقراطية مستقلة وقوية بامتداداتها المجتمعية .
وبناء عليه يمكن التوقف هنا عند الأسباب الموضوعية والذاتية التي أدت إلى بلوغ الوضع الحزبي لهذه الدرجة من الهامشية والفسيفسائية,وعند المسؤولية في ذلك , واستخلاص المداخل الممكنة لتجاوز هذا الوضع المنفر من العمل الحزبي والمكرس للعزوف لدى فئات اجتماعية عريضة. وأفترض, في هذا الصدد , أن حال المشهد الحزبي اليوم نتاج لعوامل متشابكة منها ما هو سياسي له جذور في التاريخ الحديث لدولة ما بعد الاستقلال الوطني , ومنها ما هو موضوعي يرتبط بالتحولات الديمغرافية والسوسيوثقافية والقيمية التي طالت المجتمع المغربي ,ومنها ما هو ذاتي تنظيمي وتدبيري للشأن الحزبي الداخلي . ذلك هو ما ستتناوله الفقرات التالية:
1
إن أي مقاربة نقدية للراهن الحزبي لن يستقيم دون العودة إلى التاريخ وتراكماته في هذا الحقل , فوحده التاريخ يمنح الذات الوعي بتغيرات الحاضر من حولها وبأفق المستقبل الممكن أو المتاح. ومن هذا المنطلق يمكن التمييز في مقاربة الظاهرة الحزبية في المغرب بين مرحلتين تاريخيتين رئيسيتين:
_ مرحلة النشأة والتأسيس: ارتبطت الظاهرة الحزبية بالكفاح الوطني ضد المستعمر من أجل الاستقلال الوطني. فبعد إسقاط الظهير البربري, وفي غمرة المطالبة بتطبيق برنامج الإصلاحات
تأسست كتلة العمل الوطني كأول تنظيم سياسي سنة 1934, فكانت الرحم الذي احتضن وأنجب فيما بعد تعددية حزبية منبثقة من تطلع الشعب المغربي إلى الاستقلال. وخلال الأربعينيات أخذ النضال الوطني طابعا أكثر جذرية عبرت عنه وثيقة 11 يناير 1944 المطالبة بالاستقلال التي قدمها حزب الاستقلال الذي تأسس عام 1943 بزعامة علال الفاسي , كما عبرت عنه كذلك زيارة السلطان محمد بن يوسف لمدينة طنجة في أبريل 1947 حيث ألقى خطابا وصف ” “بخطاب الوحدة والقطيعة”. ومن داخل هذه الدينامية السياسية الوطنية التحررية, وعلى قاعدة نفس الإستراتيجية (إستراتيجية التحرير والوحدة ), تعزز الحقل الحزبي الوطني بتأسيس الحزب الشيوعي , ثم حزب الشورى والاستقلال ذو التوجه الليبرالي , وحزب الإصلاح الوطني بشمال المغرب بزعامة عبد الخالق الطريس ,والذي سيندمج فيما بعد في حزب الاستقلال.
إن هذه الأحزاب مجتمعة هي ما شكلت, على تمايز مرجعياتها الفكرية ( سلفية _ ليبرالية _ شيوعية” _ قومية) ما يصطلح عليه المؤرخون والأدبيات السياسية المغربية ب ” أحزاب الحركة ألوطنية ” بفعل انصهارها وانخراطها الكفاحي الميداني والسياسي والدبلوماسي في معركة التحرير والاستقلال والوحدة والسيادة الوطنية . إنها أحزاب نشأت وانبثقت ” من روح الأمة” وتأسست من عمق المجتمع ,فنالت بالتالي شرعيتها التاريخية النضالية والمجتمعية ما جعل التعددية الحزبية لهذه المرحلة التاريخية تعددية حقيقية ,فكرية وسياسية وإيديولوجية وتمثيلية لقطاعات وفئات عريضة من المجتمع .
فأي مسار ستتخذه هذه التعددية الحزبية في مغرب ما بعد الاستقلال ؟ مغرب البناء المؤسساتي والاقتصادي والاجتماعي الذي ورث عن المرحلة الاستعمارية شرعيتين : شرعية ملكية وطنية عريقة في التاريخ وذات رمزية دينية كبرى,وشرعية الحركة الوطنية التي قادت النضال الوطني ضد المستعمر.
_ مرحلة ما بعد الاستقلال : عرف المغرب,منذ السنوات الأولى للاستقلال فصولا ساخنة من الصراع بين هتين الشرعيتين عكست الاختلاف بين مشروعين وتصورين لبناء الدولة الوطنية المستقلة , يصف الزعيم الراحل عبد الرحيم بوعبيد هذه الفترة العصيبة :
“… بعد الايام المجنونة والامل المفرط تأتي الاوقات العصيبة لحصيلة سنوات من الكفاح المرير : لقد تم احترام ميثاق العهد الوطني الذي عقده الملك والحركة الوطنية , فاستعادت البلاد كرامتها بتكسيرها لأغلال التبعية الاستعمارية , غير أن الجانب الآخر المتعلق بدمقرطة المؤسسات كان لا يزال ينتظر التحقيق , وفقدت الإندفاعة من أجل بناء مغرب جديد في عالم جديد , فكان أن افسدت السياسة الروحانيات وغطت عليها … الغد لا يفي دوما بالوعود التي قدمها الامس ” 1
هكذا فبعد نشوة الحصول على الاستقلال , حلت خيبات الأمل في وعوده , وانفجر الصراع السياسي بين إرادتين ومشروعين متناقضين : إرادة تنزع نحو السلطوية وإرساء نظام سياسي فردي مطلق , وإرادة تتغيا استكمال ” العهد الوطني” ببناء دولة وطنية حديثة , ونظام ملكية دستورية ديمقراطية.
ولعل أسطع تعبير عن جموح الإرادة الاولى ( إرادة القصر) في الاستفراد بالحكم هو دستور 1962 الذي قال عنه الملك الراحل الحسن الثاني في خطاب موجه للشعب المغربي ” لقد أنجزت شخصيا مشروع دستور المملكة والذي سأعرضه عليك ليحظى بالتصويت (..) هذا الدستور الذي أنجزته بيدي هو قبل كل شيء تجديد للبيعة المقدسة التي جمعت دائما بين الشعب والملك ” 2 , وقد علق الزعيم الراحل عبد الرحيم بوعبيد آنذاك على هذا الدستور الممنوح بقوله في خطاب أمام اللجنة الإدارية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية ” .. أضطر الحكم بعد ست سنوات من الاستقلال الى وضع حد للمشكل الدستوري , لكن هذا الحل يستهدف حقيقة تركيز الحكم الاقطاعي المطلق ..” 3
ومنذ ذلك التاريخ ظلت القوى السياسية الوطنية الديمقراطية , وفي مقدمتها الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ( الاتحاد الاشتراكي بعد المؤتمر الاسثتنائي سنة 1975), تؤكد في جل أدبياتها على تصورها لبناء دولة وطنية تقوم على مؤسسات منتخبة بشفافية ونزاهة , وعلى فصل السلط , واحترام الحريات الفردية والجماعية ..
إن هذا التذكير بما أمسى حقائق تاريخية ثابتة ومعروفة , هدفه هنا إبراز تأثير الصراع بين الشرعيتين المشار إليهما على المسار الذي اتخذته الظاهرة الحزبية والذي قاد إلى الانتقال من تعددية حزبية حقيقية منبثقة من صميم الاردة الشعبية في التحرر من الاستعمار وبناء دولة مستقلة تحقق تطلعاتها , إلى تعددية كمية ومصطنعة تتحكم فيها إرادة التحكم في موازين الصراع السياسي في كسر شوكة أحزاب الحركة الوطنية , الديمقراطية والتقدمية , والتأثير السلبي على شعبيتها وامتداداتها داخل النسيج المجتمعي .
وتجنبا لعرض تفاصيل وقائع كثيرة في هذا الصدد أكتفي بالإشارة إلى بعض المحطات الفارقة التي استعملت فيها أجهزة النظام السياسي للدولة آلية أو سلاح خلق أحزاب موالية لها , وذلك منذ نهاية الخمسينيات مع تأسيس حزب الحركة الشعبية بقيادة الضابط السابق في الجيش الفرنسي المحجوب أحرضان , وذلك باسم مواجهة خطر ” الحزب الوحيد” ممثلا في حزب الاستقلال آنذاك , وباسم الدفاع عن التعددية :
_ في شهر مايو 1960 , وعشية الانتخابات الجماعية الأولى في عهد الاستقلال ,تم حل حكومة عبد الله إبراهيم . وقد شكل هذا القرار ” توقفا خطيرا في التاريخ السياسي للمغرب المستقل , وكان بمثابة إعلان عن نهاية العديد من الآمال التي تأسست حول اختيارات ثورية مستلهمة من إيديولوجية عالمثالثية في أوج عزها” 4. وعقب هذه الانتخابات التي أكدت حقيقة قوة أحزاب الحركة الوطنية ( الاستقلال والاتحاد أساسا) , ولأجل قطع الطريق عليها وإضعافها في أول استحقاق برلماني في المغرب المستقل , تم تأسيس حزب إداري من طرف وزير الداخلية والفلاحة آنذاك السيد أحمد رضا اكديرة, والذي حمل اسم ” جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية” والمعروف اختصارا ب ” الفديك”حيث سيتصدر نتائج انتخابات برلمان 1963.
ومنذ هذا التاريخ دخلت التعددية الحزبية منعطفا خطيرا في مسارها إذ أدمنت السلطة السياسية للدولة وأجهزتها ( وزارة الداخلية أساسا) على ” فبركة” أحزاب ” آخر ساعة” غداة كل استحقاق انتخابي ما نزع عن هذه الاستحقاقات مقوما ت النزاهة والشفافية والتنافس الديمقراطي السليم , وما سحب , بالتالي عن المؤسسات المنبثقة عنها أي مصداقية في أعين الرأي العام في الداخل والخارج.
وهكذا , وفي مناخ الإجماع الوطني حول الصحراء المغربية , وضمن مسلسل ما كان يسمى ب ” الديمقراطية الحسنية” جرت الانتخابات الجماعية سنة 1976, والبرلمانية سنة 1977 تصدر نتائجها المرشحون ” المستقلون” الذين سينضوون تحت اسم حزبي جديد أسسه هو حزب التجمع الوطني للأحرار بقيادة رئيس الوزراء أحمد عصمان وذلك بهدف توفير دعم ثابت للأغلبية البرلمانية الجديدة. واستمر مسلسل الولادة غير الطبيعية للأحزاب , ولنفس الغاية ,مع تأسيس حزب الاتحاد الدستوري سنة 1983 بزعامة المعطي بوعبيد ليفوز بعد ذلك , و في أقل من سنة على تأسيسه بالانتخابات البرلمانية لسنة 1984!!
وقد استمر هذا التدخل لأجهزة سلطة الدولة في الحقل الحزبي في الألفية الجديدة و”العهد الجديد”,وفي سياق سياسي وإقليمي ودولي جديد تميز باحتلال تيارات الإسلام السياسي لمساحات كبرى في المشهد السياسي وعلى مستوى الامتداد الجماهيري والتوغل داخل
” المجتمع العميق” ساعدها في ذلك ما كانت تتغذى به من دعم مباشر وغير مباشر لأجهزة الدولة في غمرة حربها المعلنة على قوى اليسار وإيديولوجيتها الاشتراكية .
لقد هيأت سياسات الدولة , خاصة في المجالين الديني والتربوي التعليمي تربة خصبة لمد أصولي محافظ في المجتمع وذلك ما تمثل في الترويج لأشد التأويلات الظلامية للإسلام من جهة , و في محاربة الفكر النقدي والتنويري والتضييق على مختلف تعبيراته وفضاءاته في المدرسة والجامعة والنشر والإعلام..الخ من جهة أخرى .
ولاحتواء هذا المد الاسلاموي , والتحكم في مداه ومساره تم تعبيد الطريق أمام تنظيمات وجمعيات إسلامية للولوج المتدرج والمحسوب الخطوات إلى ساحة العمل السياسي الحزبي العلني . وهكذا وتحت مظلة زعيم الحركة الشعبية الدستورية عبد الكريم الخطيب رجل القصر التاريخي,تشكل حزب العدالة والتنمية , فانضاف إلى مشهد التعددية الحزبية المعطوبة ليحتل داخلها بتميزه ألهوياتي , وخطابه الديني في السياسة , والسياسي في الدين ,معبرا بذلك عن العمق المجتمعي المحافظ الذي شكل مصدر جماهيريته المتنامية ,والتي توجت في سياق مناخ ومعطيات ” الربيع العربي “,الموضوعية منها ( دستور 2011 ..) والذاتية ( تراجع أحزاب الصف الوطني الديمقراطي ) إلى حزب أغلبي .
وبنفس الآلية التي واجهت بها أجهزة سلطة الدولة أحزاب الحركة الوطنية والقوى الديمقراطية واليسارية ,ستواجه به أيضا صعود حركات الإسلام السياسي وذلك بتأسيس حزب جديد سنة 2008 وفق وصفة ” الفديك” في الستينات,هو حزب الأصالة والمعاصرة ( البام) بمبادرة من كاتب الدولة السابق في الداخلية ,والمستشار الملكي الحالي السيد فؤاذ عالي الهمة. وقد أصبح هذا “الوافد الجديد” أغلبية برلمانية من دون خوضه لانتخابات برلمانية !! وذلك عبر إلحاق أو دمج أحزاب إدارية ممثلة في البرلمان ,وعبر موجة ترحال غير مسبوقة لفريقه البرلماني ألأغلبي ..
وهكذا , ومنذ 2008 , مرورا “بالربيع المغربي” سنة 2011 الذي وجه رسائل قوية لحزب الدولة الوافد على الحقل الحزبي , وصولا إلى الظرفية السياسية الراهنة , دخل الوضع السياسي المغربي في نفق قطبية ثنائية مصطنعة ومزيفة : قطب إسلامي محافظ يمثله حزب العدالة والتنمية وحلفاؤه في الائتلاف الحكومي ,وقطب حداثي ( يمثله حزب الأصالة والمعاصرة ومن يدور في فلكه من خليط يميني ليبرالي وفعاليات محسوبة على اليسار, وقيادات حزبية فرطت في استقلالية قرارها ) . ولعل ما كرس هذه القطبية هو ما آلت وضعية الأحزاب الوطنية الديمقراطية واليسارية من تآكل داخلي وتراجع جماهيري , خاصة حزبا الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية .
إن الأحزاب التي خرجت من رحم سلطة الدولة وأنشئت لمواجهة أحزاب الحركة الوطنية والديمقراطية التقدمية المنبثقة من المجتمع , ظلت , منذ ولادتها غير الطبيعية تعاني من إعاقة لم تشف منها لحد اليوم , تمثلت في اعتمادها على الجهاز الإداري للدولة سواء في الدعم والتمويل وحشد الموالين وفي ضمان فوزها المسبق بأي استحقاق انتخابي, كما تمثل في دعمها الدائم المطلق لسياسات الدولة وقراراتها ومواقفها في جميع المجالات والقضايا. وبفعل ذلك فشلت في خلق امتدادات جماهيرية لها ,وبناء جسور بينها وبين المجتمع.ورغم ما منحته تجربة التناوب التوافقي لهذه الأحزاب من فرصة لتجاوزها عاهة تبعيتها لأجهزة الدولة وإعادة بناء أداتها وخطها السياسي على قاعدة استقلالية القرار والتوجهات فإنها أبانت عن قصورها وعجزها عن الفكاك من تبعيتها , ما جعل بعضها على حافة الانمحاء النهائي , وبعضها الآخر ينتظر ” إغلاق قوس تجربة التناوب التوافقي ,وهو ما كان لها بعد خرق المنهجية الديمقراطية عقب فوز الاتحاد الاشتراكي بانتخابات 2002 التشريعية , وعودة التكنقراط إلى مواقعه القيادية للشأن الحكومي , بل والأدهى من ذلك العودة إلى تقليد العهد السابق في خلق حزب جديد لمواجهة قوة صاعدة .
وليس المجال هنا لسرد كل الوقائع التي ساهمت في تسريع وتيرة الانحدار للمشهد الحزبي برمته ,ولكن لابد من التأكيد على أن ” إستراتيجية مواجهة الإسلاميين ” باسم ” المشروع الحداثي” وخطة ” الخلخلة وإعادة الهيكلة للحقل الحزبي ” لحزب الدولة الجديد ( حزب الأصالة والمعاصرة) لم ينتج عنهما غير مزيد من التراجع والتردي للسلوك وللخطاب وللفعل الحزبي المستقل والمؤثر , وغير تقوية القوى المحافظة ذات المرجعية الإسلامية ممثلة بشكل خاص في حزب العدالة والتنمية الذي فاز بتشريعيتين متتاليتين وقاد حكومتين ما شكل فشلا ذريعا لإستراتجية هذا الحزب الوافد والتي كانت مبرر وجوده. ولاشك في أن الانسداد السياسي الذي تمر منه البلاد ليس سوى تعبير عن عجز تلك القطبية الثنائية المصطنعة على تأطير المجال السياسي الوطني وعلى هيكلة الحقل الحزبي على أسس الاستقلالية والتنافس العقلاني والنزيه على تداول السلطة السياسية ( الحكومية أساسا) .
2
إذا كان للدولة دور مركزي ويد طولى في تشكل تعددية حزبية فسيفسائية وعقيمة, وإذا كان أيضا للتدبير اللاديمقراطي واللاعقلاني للاختلاف الحزبي الداخلي دور في ذلك, فإن للتحولات المجتمعية والقيمية لمغرب اليوم كبير الأثر على التراجع الحزبي وصورة السياسة عموما في أعين أوسع الفئات الاجتماعية بما فيها النخب الثقافية والسياسية ذاتها. ليس الغرض من إثارة هذا العامل السوسيوثقافي تقديم تحليل يلم بتلك التحولات , وإنما الدعوة إلى استحضاره خاصة في ظل فشو وهيمنة خطابات أخلاقوية ومشخصة تختزل الأزمة المركبة للوضع الحزبي في مجرد انزلا قات وانحرافات سلوكية . ولذلك فإن أية مقاربة موضوعية للانحدار الحزبي تستدعي الانطلاق من المؤشرات الكبرى للتحولات المجتمعية والقيمية , والتي يمكن إيجازها في المظاهر التالية :
_ الطفرة الديمغرافية , كتحول كمي ” ينطوي على كل التحولات الكيفية التي سيفرزها مسار التطور التاريخي للمجتمع المغربي طيلة عقود ما بعد الاستقلال , وسيؤثر فيها بشكل قوي” ( تقرير الخمسينية)
_ اختلال التوازن بين البادية والمدينة لصالح هذه الأخيرة ( أزيد من 56 في المائة من الساكنة) بكل ما لذلك من انعكاس على نمط العيش والعلاقات الاجتماعية , وفضاء المدن وعمرانها , وعلى منظومة القيم وسيرورات التنشئة الاجتماعية ..الخ
_ التحول في بنية الأسرة المغربية , حيث تراجع الأسرة الممتدة لصالح الأسرة النووية التي أصبحت تمثل 60 في المائة من مجموع الأسر المغربية , بما ينطوي عليه هذا التحول من استقلالية مبكرة للشباب عن الأسرة , وتراجع للسلطة الرمزية لما يعرف ب ” رب الأسرة”
إن هذه التحولات الجوهرية لم يواكبها نموذج تنموي تحديثي شامل, ولم تشمل ما يسمى ب ” المغرب العميق”. ومن بين نتائجها أو تمظهراتها على مستوى سلم القيم يمكن باختصار الإشارة إلى تواري قيم التضامن والعمل الجماعي لحساب نزعات فردانية ” متوحشة” أو فئوية ضيقة تعبر عن نفسها في كثير من والمسلكيات من أبرزها التهافت على الاغتناء السريع بمختلف, وعلى المواقع التي تقرب من السلطة وهيئاتها ما جعل الفساد يخترق كل النسيج المجتمعي ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني. لقد نمت أمام استشراء هذه النزعات وفشوها, نزعة أشد سلبية على المستقبل السياسي الديمقراطي للبلاد هي نزعة تبخيس العمل السياسي الحزبي , وفي أحسن الأحوال ربطه ” بالارتقاء الاجتماعي “(النزعة الانتهازية والوصولية), وبموازاة لذلك تراجع الدور الريادي التأطيري والتنويري للمثقفين , وتحولت الجامعة المغربية التي شكلت طيلة عقود مشتلا لإنتاج النخب إلى ساحات احتراب وحروب فصائلية .. الخ ولاشك في أن لأجهزة الدولة, خاصة الحكومات المتعاقبة مسؤولية كبرى في ذلك بفعل سياساتها العمومية في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية التعليمية ..
هذه عناصر جوهرية في تحليل ليس فقط التراجع الحزبي الراهن , وإنما أيضا في تحليل الأزمة المركبة التي تجتازها البلاد برغم كل المكتسبات المحققة على المستوى الدستوري والمؤسساتي وعلى مستوى ما يسمى ب ” الاوراش الكبرى”
فما العمل لمواجهة هذا الانسداد السياسي , وهذا التردي للعمل الحزبي ؟ ذلك هو السؤال يتطلب أي جواب موضوعي عنه وعيا مطابقا بتحديات هذه المرحلة ورهاناتها الكبرى, والتحلي بالجرأة والإرادة السياسية في إعادة نظر جذرية في مجمل الأداء السياسي للنظام والأحزاب على حد سواء من أجل إعادة هيكلة المجال السياسي برمته على أسس جديدة ومستلهمة من روح دستور 2011 المجمد ومن أفقه المفتوح على إرساء قواعد ومواصفات دولة الحق والقانون وفصل السلط وتكريس الحريات الفردية والجماعية .
ولعل المدخل الرئيس لذلك هو الانطلاق من حقيقة أضحت ناصعة الوضوح لا يمكن للخطابات المبالغة حول ” الاستثناء المغربي , ولا تلك التي تختزل توصيف المرحلة الراهنة في ” خطر المد الاسلاموي المحافظ ” طمسها ,وهي أن البلاد تجتاز أزمة مركبة :
_ أزمة سياسية ومؤسساتية من أشد مظاهرها خطورة على المستقبل الديمقراطي للبلاد الاستهجان الاجتماعي العام للعمل السياسي والحزبي بفعل ما طبعه طيلة سبع سنوات المنصرمة من هيمنة للنزعات والمسلكيات الانتهازية والشعبوية والبراغماتية الفجة ,ومن تنابز بأشد الألفاظ عنفا وكراهية وتنابذا , زجت بالمشهد السياسي في نفق صراع إيديولوجي ثنائي حدي : إسلامي _ حداثي علماني انعكس سلبا على السياسة كفن لتدبير الاختلاف تدبيرا عقلانيا وحضاريا لأجل اجتراح الممكن من التوافقيات والحلول درءا لخطر تدمير الثقة بين الفاعلين وبين من يفترض أنهم يمثلونهم . لقد وصل هذا الانسداد اليوم مداه : فطرفاه السياسيين ( حزب الأصالة والمعاصرة ومن في فلكه ) وحزب العدالة والتنمية الذي كان المستفيد الأول من تلك القطبية المصطنعة) في وضعية جديدة بعد فشل الطرف الأول في تحقيق الرهان الذي “خلق” لأجله, وبعد إنهاك الطرف الثاني في معركة ما عرف ب ” البلوكاج” عقب فوزه ( العدالة والتنمية) بتشريعات أكتوبر 2016 , ودخوله في أزمة انقسام داخلي بعد تشكيل حكومة السيد سعد الدين العثماني بالطريقة الشروط والتحالفات التي سبق للأمين العام لحزب العدالة والتنمية أن رفضها .
_ أزمة اقتصادية واجتماعية تعكس فشل النموذج التنموي في تنمية الاستثمار وخلق فرص الشغل وإنتاج الثروة وتحقيق العدالة المجالية في التنمية الاقتصادية والبشرية . إن اتساع دائرة الفقر , وتفاقم الخصاصات الاجتماعية والخدماتية في المرافق الحيوية كالصحة والتمدرس والتكوين والتأهيل ..الخ هي , وغيرها من العوامل كاستشراء الفساد والتساهل مع رموزه , ما أشعل حراكات اجتماعية كبرى في مختلف جهات البلاد مطالبة بالخبز والشغل والكرامة . وقد كشف حراك الحسيمة وجرادة خصوصا عن الحضيض الذي بلغته مصداقية ما يفترض المؤسسات التمثيلية المنتخبة والأحزاب السياسية , وعمق الهوة بين الشارع و بين الفاعل السياسي والنقابي ومختلف الهيئات التمثيلية . لقد أبان السلوك الحكومي في تعامله مع مطالب الحراك الاجتماعي في الحسيمة وغيرها عن افقها الضيق حين أعطت للمقاربة الأمنية الأولوية المطلقة , ونقلت أصواته ومطالبه من الشارع السلمي إلى المحاكم والسجون !
_ أزمة مجتمعية وقيمية , تتمثل في ما أصبح يميز المعيش اليومي من عنف مادي ومعنوي ورمزي في العلاقات بين الأفراد والمؤسسات , وبينهم وبين بعضهم في البيت والمدرسة والعمل وفي الفضاءات العمومية بل وحتى داخل هيئات ومنظمات وجمعيات وأحزاب. إن التصاعد المخيف للجريمة و خاصة منها جرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي و ” زنا المحارم” , وجرائم السرقة المنظمة مضافا إليها ما يندرج ضمن الفساد المالي والتلاعب بالمال العام من طرف ” مسؤولين” في مؤسسات عمومية أو منتخبة , كل ذلك وغيره مظاهر لتراجع خطير لمنظومة القيم المكتسبة ,القائمة على قيم التضامن والإيثار والتكافل والإخلاص…الخ
ويشكل انحدار وتردي العمل الحزبي بسبب العوامل المشار إليها سابقا أحد مظاهر تلك الأزمة المركبة , فجل الأحزاب ,بما فيها جزء من القوى التاريخية للصف الوطني الديمقراطي لم يعد طموح قياداتها ,على الخصوص يتجاوز سقف تكريس الموقع الذي تحتله في العملية السياسية الجارية , أو تحسينه عبر تحالفات غير طبيعية تمكنها من مقاعد في البرلمان أو حقائب في الحكومة وذلك على حساب المرجعية والهوية والرصيد النضالي التاريخي تجنبا للانمحاء الكلي من المشهد السياسي .
3
في ظل وضعية سياسية وحزبية كهذه , اختلطت فيها الأوراق والتبست الاصطفاف,وحلت البراغماتية المبتذلة مكان البرامج والمشاريع المعبرة عن هويات وأيديولوجيات متمايزة ,وبلغت فيها السياسة الحضيض ما عمق من العزوف وانعدام الثقة ,وخلق وضعية فراغ سياسي ومؤسسي مقلق ومفتوح على المجهول في ظل حركية شارع أصبح أكثر تسييسا من أي وقت مضى وقادرا على التعبير عن مطالبه والتعبئة لأجل تحقيقها خارج القنوات والوسائط النقابية والحزبية وغيرها , فإن ضرورة اجتراح حلول واقعية لتجاوز وضعية الازمة المركبة يقتضي في نظري المتواضع الانطلاق من العناصر الموجهة التالية :
العنصر الأول: فتح حوار وطني شامل بم أجل بناء وصياغة أسس تعاقد جديد سياسي واجتماعي بين مكونات الحقل السياسي على اختلاف مرجعياتها وذلك على قاعدة روح دستور 2011 و منهجية التأويل الديمقراطي الحداثي لمقتضياته بما يحرر المجال السياسي من أسر تلك الثنائية القطبية الزائفة التي قادت , على مدى سبع سنوات إلى تعطيل عملية التفعيل الديمقراطي للدستور من جهة , وإلى هذا الفراغ السياسي والمؤسسي القائم من جهة ثانية .
العنصر الثاني: حماية الدين الإسلامي كمشترك هوياتي تاريخي ووطني موحد من التنافس على حيازة السلطة السياسية , والنأي بالمجال السياسي عن توظيف المرجعية الدينية في التحشيد والتجييش والسجال السياسي لما يشكله ذلك من خطر على المجالين معا, الديني والسياسي وعلى التدبير الديمقراطي العقلاني والسلمي للاختلاف. إن الفصل بين هذين المجالين أمسى ضرورة حتمية لأي تقدم ديمقراطي.
إن نظاما سياسيا ديمقراطيا في ظل دولة وطنية مدنية, دولة الحق والقانون , هو ما ينبغي أن يشكل الترجمة الفعلية والملموسة للخيار الديمقراطي الذي نص الدستور عليه كثابت من الثوابت الوطنية ما يفرض الارتكاز عليه كأرضية مشتركة في أية توافقات أو تحالفات بين الفاعلين المركزيين في الحقلين السياسي , وبين مختلف مكونات المشهد الحزبي .
العنصر الثالث : سن ونهج نموذج تنموي جديد ,يضع حدا لإنتاج وإعادة إنتاج الفوارق الطبقية الحادة المتعددة التجليات الاجتماعية الفاضحة لمستويات الفقر والهشاشة والأمية وانعدام شروط العيش الكريم لفئات واسعة, والتي تزداد اتساعا بفعل الطابع النيوليبيرالي لجل السياسات العمومية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. ولأن التجارب برهنت على فشل رهان التنمية بإرجاء مطلب الديمقراطية, فإن أي رهان لا يربط بشكل جدلي ووثيق بين التنمية كأفق للعدالة الاجتماعية وبين الديمقراطية في أبعادها المتكاملة, لن يحالفه غير الإخفاق, وفي أحسن الأحوال التعثر الدائم المفتوح على الانتكاس..
العنصر الرابع: الانخراط القوي المؤطر والمؤثر للنخب الثقافية في سيرورة البناء الديمقراطي . إن قضايا كبرى تواجه الفاعل السياسي , ولن يجيب عنها بالوضوح والاستشراف المطلوبين غير النخب الفكرية والثقافية , كقضايا الهوية الوطنية , والتعدد والتنوع , والإصلاح التربوي والتعليمي واللغوي , والإصلاح الديني , وعلاقتنا بالقيم الكونية لحقوق الإنسان المعاصر, وغيرها , وإلا تركت للإبتذاال والتوظيفات السياسوية السطحية ذات العواقب الوخيمة على السياسة والثقافة معا . ومن هنا ضرورة إعادة مد الجسور بين الفعل السياسي الحزبي وبين الفعل الثقافي .
العنصر الخامس : إصلاح الحقل الحزبي, وذلك بالقطع النهائي مع أي شكل من أشكال تدخل أجهزة الدولة في رسم الخريطة الحزبية الوطنية على المقاسات ووفق التوازنات التي تخدم هيمنتها , فقد أدى المغرب منذ ستينيات القرن الماضي إلى هذا اليوم من الألفية الثالثة تكلفة غالية بفعل سياسة صنع أحزاب هجينة باتت اليوم عبئا على الانتقال السلس نحو التداول الديمقراطي للسلطة السياسية . كما يقتضي إصلاح الحقل الحزبي دمقرطة حقيقية للهياكل الحزبية من جهة , وفتحها على المجتمع لتقوم بدورها التأطيري المطلوب من جهة أخرى .
4
إن إصلاح الحقل الحزبي وعقلنته شرط حاسم , وذو أولوية للخروج من وضعية الانسداد السياسي الراهنة , ولإعطاء نفس جديد لعملية الانتقال الديمقراطي المعطلة , وأفترض هنا أن هذا الإصلاح ممكن إذا ما تحلى الفاعلون السياسيون الحزبيون بإرادة سياسية تضع نصب أعينها مصلحة البلاد أولا وأخيرا في إعادة الاعتبار للعمل السياسي والحزبي ,لأنه لا تقدم ديمقراطي بدون أحزاب ديمقراطية ثقافة وسلوكا وأداء وتدبيرا للشأن الحزبي الداخلي,ومستقلة في قراراتها واختياراتها ومواقفها, و لعل من بين مداخل هذا الإصلاح المطلوب والممكن :
أ _ المدخل القانوني :وذلك بتفعيل قانون الأحزاب,الذي يهدف إلى عقلنة المشهد الحزبي ودمقرطة هياكل الأحزاب وتقوية الشفافية في تسييرها وتمويلها..الخ . إن قانون الأحزاب كمكسب إصلاحي هام ,يبقى مفعوله الملموس رهينا بإرادة الفاعلين الحزبيين من جهة , وبقطع الدولة نهائيا مع كل أساليب التدخل السابقة في تشكيل الحقل الحزبي والتأثير على توازناته من جهة أخرى. .
_المدخل المؤسسي : وذلك بمباشرة إصلاحات جذرية للمنظومة القانونية للانتخابات بما يعبد الطريق نحو قطبية حزبية ذات مصداقية تمثيلية : فنمط الاقتراع , والعتبة ,والتقطيع للدوائر ليست مجرد تقنيات غفل وإنما هي أدوات في يد إرادة سياسية مهيمنة لا تتوخى من كل استحقاق انتخابي غير إعادة إنتاج تلك الهيمنة , وهو ما جعل مختلف المحطات الانتخابية شبه متجانسة منذ 1963 حيث يتم من استحقاق انتخابي لآخر تكريس البلقنة ألحزبية ,وفسيفسائية مكونات المؤسسات المنتخبة بكل ما لذلك من مضاعفات سلبية على سيرها ومصداقيتها. .
_مدخل الديمقراطية الحزبية الداخلية : إن البناء الديمقراطي للدولة والمجتمع لن يستقيم أبدا بدون ثقافة حزبية ديمقراطية مبنية على احترام الاختلاف والقبول به وتدبيره تدبيرا عقلانيا وديمقراطيا ضد كل نزوع إقصائي وتنافس غير شريف بدافع مصالح وحسابات ضيقة وأنانية , فلا إصلاح للوضع الحزبي بدون التدبير العقلاني والديمقراطي للاختلاف , وبدون التصدي النقدي والعملي لمختلف الأعطاب والنزعات المدمرة التي تفقد العمل الحزبي مصداقيته. وهذاما يقتضي استلهام دروس انكسارات مسارطويل من العمل الحزبي التقدمي, تفرقت فيه السبل بين الإخوان والرفاق بسبب هيمنة نزعات الإقصاء والهيمنة وسوء التدبير للاختلاف ..الخ . إن تجديد الثقافة التنظيمية , في ضوء خلاصات انكسارات الماضي مسألة حيوية اليوم بالنسبة لأحزاب الصف الوطني الديمقراطي التقدمي , وعنصر حاسم في إعادة هيكلة المجال السياسي والحزبي الوطني,وفي أفق بناء تعددية حزبية حقيقية .
المدخل الوحدوي: وفي نفس السياق أعلاه, تظل مسألة وحدة قوى اليسار الديمقراطي حاجة موضوعية وذاتية ملحة لتجاوز وضعية التراجع والضعف الحالية , وكما أكد عشرات الفاعلين السياسيين والمثقفين في ” بيان من أجل وحدة اليسار” فإنه ” لا مناص من الوحدة لكي يستطيع اليسار الوقوف من جديد, والتأهل لاستنهاض قوة اجتماعية, شعبية, حداثية , واشتراكية بالفعل”5
هذه بإيجاز شديد عناوين لمداخل ممكنة لأجل التقدم في تجاوز ما يسم المشهد السياسي والحقل الحزبي اليوم من ” بؤس السياسة ” وتردي العمل الحزبي.
الهوامش :
هذه المقالة هي مساهمتي في ملف مجلة النهضة _ العدد 15 , حول الوضع الحزبي في المغرب
1 من الدفتر الثالث من مذكرات عبد الرحيم بوعبيد_ جريدة الاتحاد الاشتراكي _ عدد 8 يناير 2013
2 مجلة وجهة نظر _ ع 23 _ خريف 2004 _ من مقالة حول سؤال الانتقال بالمغرب : المعوقات الدسترية
3 جريدة التحرير _ عدد 15 نونبر 1962
4 جون كلود سانتوشي _الاحزاب السياسية المغربية تحت المجهر: تعددية تحت المراقبة _ ترجمة محمد حمادي _سلسلة دفاتر وجهة نظر _ العدد 3 _ ص29
5 مجلة النهضة _ العدد 2 _ صيف 2012