التربية على الاختلاس والرشوة!
نعم..التربية على الاختلاس والرشوة عوضا عن التربية على المواطنة وترهاتها !
آراء أخرى
وهل لدينا أصلا وطن لكي نتربى فيه على المواطنة؟
في بلد المخزن، كلمة الوطن هلامية وفضفاضة لا معنى لها إلا على كراسات التربية على المواطنة أو التربية الوطنية كما كانت تسمى من قبل ليجتاز بها التلميذ الامتحانات الدراسية وينتقل من فصل دراسي إلى آخر والسلام.
أما على أرض الواقع، وفي بلد المخزن فالهرولة المجنونة والمحمومة نحو حظوة المخزن وسلطة المخزن وامتيازات المخزن…هي القاعدة العامة. والاستثناء قليل.
مناسبة الكلام هو فيديو تهريب الحلوى من البرلمان الذي انتشر كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي والذي جعل منا أضحوكة ومسخرة أمام الرأي العام الدولي مرة أخرى.
هكذا هو البرلمان المغربي وهكذا هم برلمانيو المغاربة..يزدردون الحلوى كالأطفال. ومتى؟ مباشرة عقب نهاية الجلسة الافتتاحية للبرلمان وبعد الخطاب الملكي بالرفع من الدعم المخصص للأحزاب السياسية!
هل يوجد عبث ثقيل أكثر من هذا؟
لا تطرح هذه الحادثة أية أسئلة بل على العكس من ذلك تماما فهي تقدم جوابا واضحا للأوضاع المأساوية التي يتخبط فيها الشعب المغربي :
إذا كان نواب الشعب لا يستطيعون مقاومة جاذبية الحلوى فكيف نطلب منهم مقاومة سحر السلطة والمال التي يمنحها النظام المخزني بالمغرب؟
وهل بمثل هذه الطينة من البرلمانيين سنحقق التنمية والتغيير؟
يمكن للمخزن أن ينام نوما عميقا وهنيئا لعقود أخرى أو لقرون لأن زمن السياسة والسياسيين قد انتهى ولم يتبق سوى المهرولون نحو الحلوى!
لذلك، ولكي لا ننفصل عن واقعنا اللذيذ، دعونا نسمي الأسماء بمسمياتها، وبدلا من تدريس التربية على المواطنة المزعومة، لماذا لا نعلم أبنائنا ونلقنهم المبادئ الأولية للاختلاس والرشوة؟
على الأقل لن يصدموا أمام هذه المشاهد السمجة على هواتفهم أو على حواسيبهم المحمولة مستقبلا، وسيكونون في انسجام ووفاق تامين مع هذا الواقع الذي لا يرتفع.
وإذا كانت لفظتي الاختلاس والرشوة غير موسيقيتين أو مستفزتين لإحساسنا المرهف فلا بأس من استبدالهما مثلا بالتربية على التحفيز المادي أو التربية على الهدايا أو التربية على المكافأة أو التربية على الإكراميات أو…الخ
ولننخرط بدورنا نحن أيضا في موضة العصر وظاهرته الفريدة عبر التاريخ والتي يطلق عليها فلاسفة اللغة ″فساد اللغة″ la corruption du langage أي الخلط بين المعنى ونقيضه في لفظ واحد للظهور بمظهر السياسيين النبلاء والعظام.
أخيرا، وعلى لسان الشاعر الكبير نزار قباني :
أنعي لكم يا أصدقائي اللغة القديمة
والكتب القديمة
أنعي لكم
كلامنا المثقوب كالأحذية القديمة
ومفردات العهر والهجاء والشتيمة
أنعي لكم..أنعي لكم
نهاية الفكر الذي قاد الى الهزيمة!
