
الجنرال يرمي جيرانه بالحجارة

Business concept vector illustration of businessmen trampled by army boots
جانب كبير من التاريخ يولد محمولا على أكتاف الشعوب، لكن قسم كبير منه يخرج من رؤوس الطغاة.. وهؤلاء يتوعدون التاريخ للثأر منه.. عندما لا يبقى لهم سوى قبض من هزائم ونكسات، عادة ينقلبون على أنفسهم، يقيمون محافل العزاء على هويات من كأبة سياسية، أْو هزء عوالم من حسرة وندم..
آراء أخرى
تقول شريعة الطاغية، إن أوهام النصر، هو “الدين” الوحيد الذي لا يمكن الكفر به.. وكل الطغاة في التاريخ، آمنوا بدين اوهام انتصاراتهم، بدءا من رَدْشیر یَکمْ الفارسي، امبراطور المملكة الأخمينية، مرورا بهانبال الفينيقي … وليس نهاية بأدولف هيتلر وغيره من الطغاة.. رفعوا أنفسهم إلى منزلة الحكماء والعباقرة والابطال.. وانتهوا إلى هزيمة مدوية وقاتلة..
وفي الديكتاتوريات العربية، تكون حصة الطغاة أكبر.. ولأن السلطة غواية تجدب الطاغية، وتستميله إلى ذلك الحد الذي يتحول فيه إلى “غباء سياسي“، كما كتب الروائي الألماني غونتر غراس، لكن الطاغية يحلم كثيرا، كائن خرافي، تخرج من رأسه السياسة والدولة والشعب، كما لو كانت صكوك ملكية خاصة، تظهر له سريعا وتختفي لتخلفها غواية الطاغية وبأسه، وقدرته على ملء شاغر البلاد، معتقدا انه حجة وحيدة لكنس الفراغ وتشطيب الأعداء، وصاحب رسالة سياسية، غير مكرورة تبدأ وتنتهي معه..
وغرائبية الطغاة مباهاتهم بالثقافة والكتابة والفكر، فقد كتب بول بوت طاغية كمبوديا، وزعيم الخمير الحمر، ديوان شعر حين كان طالبا في باريس، ورئيسا للجبهة الشيوعية الكمبودية، وخلال حكمه، قتل أربعة ملايين كمبودي، حتى 1981، قال ” أنا نبي سياسي“، فيما قال نابليون بونابارت، ” ضعوا تقتكم في الأمة.. أنا الأمة“..
السلطة غواية تجدب الطاغية
في رأس الطاغية، لا فرق بين الكتابة بالحبر والكتابة بالدم.. فموسوليني، بعد عمله ساعاته الطويلة كطاغية، يجد بعض الوقت لكتابة أشعار لزوجته، فيما الزعيم السوفييتي ليونيد بريجنيف، وبعد مطاردته للكاتب الروسي سولجنستين، وزج بالكثير من الأدباء الروس في السجن، انتزع لنفسه قسرا سنة 1979 ، جائزة لينين في الأدب عن ثلاثة أعمال: “الأرض الصغرى“، “الأرض البكر” و“الانبعاث“، وهو الذي لم يسبق له أن كتب هذه الكتب، بل أوصى بكتابتها وتدييلها باسمه..
أما العقيد معمر القذافي، فكتب دستوره الخاص، وهو الكتاب الأخضر،الذي قال عنه أنه أهم من كل الكتب السياسية التي ظهر تحت ىالآن، كما كتب أربعة كتب أخرى.. مع أنه أوصى بكتابتها لكتاب عرب، مصريين ولبنانيين وفلسطينيين، واكتفى بوضع اسمه عليها، كلقب من الألقاب الفكرية التي أضافها لألقابه العديدة، كأمين للقومية العربية وهو اللقب الذي منحه له الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، ولقب الأخ العقيد، والأخ قائد الثورة، والزعيم الليبي معمر القذافي، وإمام المسلمين، وملك ملوك إفريقيا، وعميد الحكام العرب، وقائد منظمة القيادة الشعبية الإسلامية، وهي منظمة تتخذ من ليبيا مقرًّا لها وتضم مختلف المنظمات والأحزاب والفعاليات الإسلامية في مختلف أنحاء العالم.
كما قرر الرئيس صدام حسين، في عيد ميلاده الستين، كتابة نسخة من القرآن الكريم بدمه، مخلوط بمادة كيميائية، في عام 1997، وفى سبتمبر 2000، تم وضعه فى مسجد أم المعارك فى بغداد، قبل أن يتم إزالته واختفائه بعد الإطاحة بصدام.. إصافة إلى أٍربعة روايات معروفة لدى العراقيين، وإن كانت بأسماء أخرى.. إضافة إلى أشعار هيتلر السيئة، ولوحاته الفنية البسيطة، وكتابه كفاحي، ، وهو الذي تسبب في إشعال حرب عالمية ثانية واحتلال 11 دولة ما بين احتلال جزئي وكامل، وفي وصيته التي أمام الجنرال بورمان، ووزير دعايته غوبلز، ووزير الاقتصاد فون بيلو، كتب هيتلر، “سأموت واقفا ولن أستسلم، ولن أجبر على الاستقالة..”، في تلك الأثناء استدار إلى جهة غوبلز، وقال له.. ” أحب ويليام شكسبير. وردد مقطعا من مسرحة الملك لير، ” نبكي متى أردنا، وليس من الشجاعة أن ننتقم، بل أن نتحمل ونصبر. بالنار يختبر الرجل..”.
كذلك كان الطاغية نيرون، وجه من دم وشعر.. يقتل نهارا وينشد الاشعار على قيثارته لزوجته في المساء.. حتى أن مؤرخه تاسيتوس كتب في حولياته، “كان نيرون معذبا من أشعاره أكثر من قتله لأعدائه..”.. وكأن الطاغية يقع دوما تحت وطأة التساوي في التناقض والانفصام، فحيت يوجد الدم والعنف، يوجد مكان للدم والتعذيب والألم.. وهذه القاعدة ما زالت سارية حتى اليوم، حتى أن الجنرال الجزائري سعيد شنقريحة، قال في إحدى خطبه، “من لا يحب الجزائر، كافر بالله..” وهذا الكلام نابع من عقلية أستئصالية، ترى في كل مثقف يقول كلاما لا يأتي على هوى الطاغية،
يجب قتله والتنكيل به أو الزج به في السجن.. ويكون الكاتب بوعلام صنصال آخر ضحايا الطاغية، الذي يقضي عقوبة السجن لمدة خمس سنوات، بتهمة تذكيره بأخطاء الاستعمار الفرنسي، في إلحاق وضم أراضي مغربية للجزائر.. الغريب في الأمر أن الجنرال شنقريحة، قال بغرابة ” أنا مع حرية التعبير، لكن ما قاله صنصال لا أقبله..”.. وهو سليل جنرالات فرنسا إبان الاستعمار الفرنسي للجزائر غطرسة مرضية والكبرياء بلا حدود، والبراعة في الزيف والكذب والتزوير والدسائس و تبرير صناعة التهم والاعتقالات والغدر وملاحقة المعارضين… لكنه، لا يخفي دفاعه عن مكيافيلي وكتابه “الامير“.. “عانق عدوك، واطعنه من الخلف..”.. وفي الجوهر هو أكبر من أي فكر، وابعد من أي إيديولوجيا، وأكبر من أي سياسة سوى، بقاءه خادما للسياسات الجزائرية المجربة والمتعاقبة..” والذي يبقى في هذا المفصل الجزائري الحالي، الزعيم والقائد الذي أوصل شعبه إلى ضفة النجاة، الأقدر على صناعة قدر رعاياه، والأقوى على الارتفاع عن هموم الشعب، والتنكر لها، وابداع صمم وجوده، واعظم من يدير شخصية الامبراطور، مقادا بخيال عدواني، وكبرياء بلا حدود ضد شعبه وضد شعوب أخرى.. ويكون داء الخيال الامبراطوري، الذي يتمتع به الطاغية شنقريحة، هو الداء الذي لا تنجو منه الشعوب، عادة ما يكون متخفيا أو غير ظاهر، أو ينتظر اللحظة المناسبة للظهور والانفجار.. لكن حين يصل إلى درجة الجلاء والكشف والعلانية، يصعب أن يرتد على نفسه، أو يعود إلى الوراء، أو يحتكم إلى نقد الضمير.. يكون أمامه حل واحد هو الانقلاب على نفسه، وهتك حيوات من ساروا وراءه.. حملة رسالته، المفاخرون بقبضة سيفه.. يستضيفهم إلى رفقة اندحاره وهاويته، وقد لا يستمر إلا بعد أن يشتري قدر بقائه بمزيد من الضحايا..
الديكتاتورية بألف خير
الجنرال شنقريحة هو من يقود الجارة الشرقية الجزائر، وفي عهدته العسكرية يتمتع عش الديكتاتورية بألف خير، يكبر وينتعش ويزيد.. تتغير الوجوه ولا يتغير رأس شنقريحة، يراوح في كل مرة بمزيد من الاستحقاقات الدموية في الشعب الجزائري، منذ زمن سرقة التحرير على يد العسكري الطاغية الهواري بومدين. الذي سرق الثورة الجزائرية، وقوض تحرير البلاد ثمنا لاتفاقية إيفيان المذلة، وهذا يكفي للاطمئنان على سلامة ثورته التصحيحية التي طارد بها زعماء جبهة التحرير، ورمى ببعضهم في السجون والباقي في المنافي، أو أنهاهم أمام فصيل حملة بنادق الاعدام.. ..
لكنه بالمقابل أسس لجيل آخرمن جنرالات الاوسمة التي حصدوها وراء مكاتبهم،وأحاطوها بنياشين أوهام النيف، وبرعوا في هتك أحلام الجزائر بمزيد من الخنق الشعبي وسفك الدم، حتى ان الشيء الوحيد الذي يتطور ويزيد باستمرار هو استبداد وظلم الجنرالات.. من الجنرال خالد نزار والجنرال توفيق، وقبلهما الزبيري إلى اليامين زروال، واللواء محمد العماري، وخليفه رحيم، والشاذلي بنجديد، وأحسن طافر، وعمار عثامنية، وأحمد قايد صالح، وآخرهم هو السعيد شنقريحة…
كان حظ الجميع في القيادة والسلطة، هو تاريخ الدم في الجزائر، ونقض العهود والولاء للخيانة وحروب الضغينة واقصاء بعضهم البعض.. غلبة جنرال على جنرال، كتيبة التملق والوصولية، والتمسح، والتزلف المتواصل، حتى أن أي جنرال وجد نفسه فوق طغمة الجنرالات، يحولهم إلى أعداد ومغرضين، ونزلاء سجون، حيث يوجد حاليا في الجزائر ما يزيد عن أربعين جنرالا ومئات الضباط من مراتب عسكرية متباينة.. وكان السعيد شنقريحة، من المغضوب عليهم أيام أحمد قايد صالح ، وكان قريبا من دخول السجن، وحين تم التخلص من القايد صالح، وحل شنقريحة مكانه، أطلق حملة استئصال ومتابعة ضد كتيبة القايد صالح، فزج بأزيد من أربعين جنرالا في السجن، ثم راح يحكم الجزائر بقبضة من حديد، وعَيَّن الرئيس عبد المجيد تبون، في انتخابات صورية، أضحت مدعاة للسخرية من قبل الجزائريين، فيما شنقريحة يعمد نفسه طاغيا وحاكما فعليا للجزائر..
شنقريحة يحكم الجارة الشرقية، وهو لن يضيف شيئا لوصية الهواري بومدين، ” إياكم أن تزيلوا من برامجكم، وجود عدو كبير في حدودكم الغربية، وهو المغرب“، وقد أحسن شنقريحة العمل بهذه الوصية وزاد عليها بقوله، “المغرب هو عدونا الكلاسيكي“، وما زال يكررها في كل تصريحاته وخطبه.. وهو عسكري لايجيد أي شيء سوى براعته في الرجم بالحجارة، كان يحكي في ندوته الصحافية الأخيرة، مثل أفضل تلميذ بليد، ولم يستطع خلال ساعة من الغباء، الخروج عن النص المكتوب أمامه، حتى إذا اضطر إلى رفع عينيه عن الورقة، اختلطت عليه الأسطر والكلمات، وراح ينطق عن هوى.. وعلى جماعة مستشاريه العسكريين أن يبعثوا له من خلف الكاميرا بإشارات الصمم والنجدة.. وعلى الرئيس تبون أن يمعن في تصريف وصفة الرئيس الجزائري.. حتى أن أحد المعلقين قال في إحدى القنوات التلفزية التابعة لقصر المرادية، “إن عدونا ليس شيئا آخر، غير جهنم المخزن التي توجد على حدودنا..
لا بل، كان من الغرور السياسي إلى درجة، أنه قال في إحدى تصريحاته، ” إن شيطان المخزن المغربي لا يختلف عن فاشية الاستعمار الفرنسي“، وبعد أن اكتشف أنه قال في فرنسا أكثر من المسموح بقوله، قال “إنها فرنسا التي استعمرت الجزائر زمنا طويلا“، وكأنه يريد القول، وليس المغرب الذي ما زال يستعمر خيالنا…
يطبق أوامر العسكر ويزيد فيها
وحتى قبل أن تدفع به قوانين التمسح العسكري إلى منصبه الحالي، وهو الذي كان يدعو الله أن يحفظ العسكر، لأنهم خير ما أنتجت الجزائر، وخير من يقوم على صيانة مصائبها، ويرافع عنها ضد جيرانها، فإنه كان بارعا في استمالة العسكر، والظهور بمظهر الطاغية الذي يطبق أوامر العسكر ويزيد فيها.. وهذا تفصيل من تفاصيل، من النوع الذي يحلم كثيرا، ويمسك باحتياطي كبير وقديم من الأحلام، السياسية طبعا.. لكن كيف تصنع الأحلام السياسية في رأس رجل متطرف في غباءه السياسي، محدود التفكير، أو تحديدا لم يتجاوز تعليمه مستوى الباكالوريا، وبعدها مستوى أوامر وتوجيهات التكنات العسكرية ؟ .. ولكم أن تتخيلوا كيف يمكن لرجل من هذا القبيل، يعاني من كل أنواع القصور.. السياسي والتعليمي وليس مفاجئا الأخلاقي ..
فهو لا يتردد في القول، أن مطلق تمنياته أن يركع المغرب.. طبعا، المثال لا يفتقد التعبير الصحيح، فالرجل تم سبْيُه أو أسره كجندي غاز في معركة أمغالا، رفقة العشرات من الجنود الجزائريين.. ومنذ ذلك الوقت وهو يرسم أمامه مشاريع الثأر ورد الصاع للمغرب.. لا ، بل ذهب بعيدا بتخصصه المتطرف في معاداة المغرب.. ورهانه الكبير، لما يزيد عن العقدين على دعم البوليساريو، ورعايته عسكريا وديبلوماسيا لضرب المغرب، ووقف استكمال وحدته الترابية.. هذا بعد تسليمنا أن الرجل يعاني من الأمية السياسية، ولم يسبق له أن كتب خطابا بنفسه، وأن مذكرات “الأمر العسكري” تكتب له، ويطلب منه تحديدا إعادة قراءتها أو حفظها كي لا تستحيل كلمات التوجيه إلى مصائب لا تحمد عقباها.. لكن مع ذلك فالرجل يجيد لعبة الدومينو، وتحسب له مهارته في “التشقلب” على ظهره وبطنه.. وما تتطلبه من صبر في مراكمة طاقة الخديعة والتزلف، وإلا كيف يمكن تفسير الحظوة العسكرية التي وصل أو تسلق إليها، حتى أصبح يحكم رقاب كبار قادة الجيش العسكري الجزائري؟..
طبعا وبمنطق الدسائس العسكرية وأمور أخرى، وصل شنقريحة إلى ما وصل إليه.. والذين يعرفونه جيدا يقولون أنه يشبه ثعابين المستنقعات، طاقة لا حدود لها في الصبر والانتظار والترقب الطويل.. والذين تابعوا عمليات تواصله وتنسيقه مع جماعة البوليساريو لأزيد من عشرين عاما، يعرفون كيف ظل يردد على قادة البوليساريو، أن المطلوب منهم أن يتعلموا الصبر، وليس تعلم العمليات الجراحية الحربية.. علموا جنودكم أن السلاح العسكري الذي تتدربون عليه، ليس هو السلاح الذي ستحاربون به..
لا للحرب ولا للسلم..
وهذا يعني بلغة الأمر العسكري السري، أو الذي يفترض أن يفهمه حصرا قادة البوليساريو، أن السلاح الذي في اليد غير قابل للاستعمال اليوم وغدا، وعليهم أن يجيدوا لعب ملهاة العسكري والحرامي.. ولأن الرجل يجيد وعلى نحو بالغ قراءة ميزان القوى في المنطقة، فإنه يحتفظ لنفسه بالقدرة على تحريك هوامش الوضع، دون المس بالجوهر، الذي يؤكد أن غالبية الجنرالات يرون أن اندلاع الحرب مع المغرب، سينتج عنه ظهور الطابور الخامس الجزائري، الذي لن يكون في نهاية الأمر سوى الشعب الجزائري، الذي يتوخى تغيير النظام الجزائري السياسي أو العسكري.. وهذا أمر لا يمكن المغامرة به..
ولأن الحرب لن تكون تقليدية، تحرق فيها أنواع السلاح بين الجانبين، وتنشط فيها ساحة الضحايا والقتلى، كما يحدث عادة في الحروب، بل ستنتهي إلى غرق النظام الجزائري إلى غير رجعة، وهذا ما لا يمكن لشنقريحة المغامرة به.
وليس خفيا أن الجنرال شنقريحة، كان صاحب الفضل على البوليساريو، وأبو فكرة الدفع بهم في اتجاه الكركرات، ومن تم يمكن أن يخوضوا حرب الانتظار والصبر، إلى أن يستكملوا نقل قدراتهم العسكرية من تيندوف، ومن تم ينطلقون في حربهم ضد المغرب، على الأقل أن تكون هذه الحرب بعيدة من الحدود الجزائرية.. لكن هذا الرهان كان أضعف من بيت عنكبوت.. وفي المقابل فإن هامش المفاجأة كان واسعا جدا، وجاء من المغرب الذي تمكن من طرد مليشيا البوليساريو من الكركرات. أحد قادة البوليساريو السابقين، قال إن شنقريحة رمى بالبوليساريو في البحر.. كانوا قبل الكركرات يتاجرون بحصارهم في مخيمات تيندوف، الآن لا شيء تبقى لهم سوى الحصار في المخيمات، فيما يشبه معازل المجدومين..
ولأن الخوف والضعف من محرمات الثورات، ولأن البوليساريو شبوا على عقيدة معلقة عنترة بن شداد “أَنَّني أَطعَنُ خَصمي وَهوَ يَقظانُ الجَنانِ” كما لو خبروا كل حروب القرن، فلم يبق للجنرال شنقريحة سوى تصعيد الحرب الإعلامية ضد المغرب، وهذا حل يصعب التمادي فيه طويلا، أو الرهان أكثر على البوليساريو، وهؤلاء ليسوا أكثر من مصاصي دماء، بل أصبحوا حجرا في حداء الجزائر، يأكلون من أموال شعبها، لكن لا يخفون أن قادة الجزائر كانوا سببا في مأساتهم وحصارهم وعجز وضمور أحلامهم .. فقد تم اقتياد جزء من الساكنة الصحراوية إلى مخيمات أقامها العسكر الجزائري في تيندوف، خلال نونبر ودجنبر من سنة 1975، طلبت البوليساريو من العديد من الناس الحضور لتجمع بكلتة زمور، وعندما حضروا طلب منهم عقد تجمع آخر ببئر الحلو. وبعد ذلك، طلب منهم الحضور لتندوف من أجل الإيقاع بهم في الشرك، ومنعهم نهائيا من الخروج لمدة نصف قرن..
الطغاة لهم وجه واحد في كل مراحل التاريخ.. يتشابهون في الأحلام والعدوان والطغيان.. وشنقريحة على خطى أحلام وكوابيس كل الطغاة.. بارع في خلق العداء للمغرب.. يعاديه ويحاربه كما لو ولد معه ولن ينتهي بانتهائه.. لكنه لا يتعظ ولا يتعلم درسا واحدا من التاريخ.. بل يجهل الدرس الأول في التاريخ، وهو “كيف تصنع جارا وصديقا“.. بل اكتفى بتعلم درس واحد ووحيد من التاريخ، وهو كيف تجعل من التاريخ حانة للسكارى، يصيح فيها الطاغية منفصل الشخصية ثملا، مهرجا، ومغيبا، أو كسيحا أو لقيطا أو يقذف السائلة بعداوات وهمية، أويرمي جيرانه مباشرة بالحجارة..
إعلامي وكاتب