
هل البرلمان المغربي كحصان طروادة؟

بداية وباختصار شديد أسرد قصة اسطورة حصان طروادة حسب الإلياذة اليونانية، لمن لم يطلع عليها، وهي ان الجيش اليوناني وضع خطة ذكية ليتمكن من احتلال مدينة طروادة، وذلك بصنع حصان خشبي ضخم واختباء نخبة الجنود بداخله ولما يحل الليل يخرج الجند لفتح أبواب المدينة للجيش الذي بقي بعيدا من المدينة وتصبح المدينة تحت سيطرة الجيش اليوناني.
آراء أخرى
وما علاقة القصة بالبرلمان المغربي يقول قائل؟ فالشيء بالشيء يذكر، ذلك أن البرلمان في الفكر السياسي المغربي أنشئ في اعتقادي، على نفس فكرة حصان طروادة بحيث يكون برلمانا يشكل جسرا او ناقلا يحمل بداخله ما ليس بظاهره ،تلك الواجهة التي تعني فيما تعنيه أنها مقر للفعل الديموقراطي، أي أن البرلمان هو البنية الظاهرة التي على أساسها تقوم الديموقراطية والتي تختزل التمثيلية للشعب وصوته الذي من أجله تم هذا الاختراع السياسي لنتمكن آنذاك الحديث عن دولة ديموقراطية خاصة لما تفصل بين السلط ومن خلال حكم تتداول فيه مكونات البرلمان وغيرها على مقود السياسة. لكن بين الفعل السياسي وتنفيذه على أرض الواقع مسافات بعيدة تفصل بينها ممارسات لا علاقة لها بالديموقراطية والتمثيلية الشعبية التي كان من المفروض أي يقوم بها البرلمان.
وعليه فالمؤسسة البرلمانية كما تم وضع أسسها الفكرية الأولية ضمن المنظومة الدولية التي تتبع النظام البرلماني لم تجد طريقا سلسا للتنفيذ بالمغرب ، وكانت النخب السياسية دائما في صراع مرير لمحاولة تأسيس نظام برلماني في ظل ملكية عريقة تحمل تقاليد متجذرة في كيانها ، يصعب التخلص منها بسرعة مثل السرعة التي تتم بها المطالبة بالديموقراطية باتباع نظام سياسي برلماني على الطريقة الإنجليزية ، لكن المخزن، هذه المنظومة العتيقة والتي تشكل سدا منيعا في التغيير القادم من خارجه ، ليست بالسهولة أ، تتنازل وليس من طباعها وتكوينها السوسيو-إجتماعي والسوسيو-إقتصادي أن تقبل التغيير عن طريق لي الأذرع ، وهذا ما شكل علاقات غير متجانسة بين مكونات الساحة السياسية المغربية سواء التي تتعامل مع المخزن او التي تعمل جاهدة للتحرر من تدخلاته وممارساته التقليدية والتاريخ السياسي المغربي عبارة عن سلسلة محاولات للقطع مع المخزن وممارساته ، وتأسيس مؤسسات بجانب المؤسسة الملكية وتحديد دورها في الاستشارية وإسداء النصح للملك ، وكات الإرهاصات الأولى بداية من مشروع 1908دستور الذي حاول إقامة خريطة طريق لعمل المؤسسة الملكية وحكومتها والهيئة التشريعية ،إبان حكم السلطان عبد الحفيظ ، وكان أول مشروع متناسق ينص على مفهوم فصل السلط وينظم علاقة المواطن بالدولة، منذ ذلك الوقت والفكر السياسي المغربي يعمل جاهدا من أجل بناء الديموقراطية وفق ما ترتضيه كل مكونات المجتمع المغربي ومكوناته السياسية . ولحد الأن مازال الصراع قائما بين الفرق والجهات التي تحمل مشاريع سياسية منها التي تهدف لتقليص اختصاصات الملكية لتصير ملكية تسود ولا تحكم على الطريقة الإنجليزية وأخرى تتشبث بملكية لها اختصاصات واسعة مدعمة بإمارة المؤمنين ، وبين هذين الفريقين يظل الشعب المغربي الدي مازال يعاني من الأمية ، وبالخصوص الأمية السياسية ومستوى الوعي والنقاش السياسي ، هذا كله يساهم في نعطيل سرعة التغيير السياسي نحو الديموقراطية ، وهذا ما يبقي على اعتبار البرلمان تلك البناية التي يتظاهر أمامها كل المحتجين والمظلومين والسيياسيين والنقابيين اعتقادا منهم أن من بداخل تلك البناية قادر على سماعهم وتحقيق مطالبهم.
فها هو البرلمان يختتم أشغاله وكأنه يقفل الباب في وجه العمل البرلماني ويجمع كل أوراقه للخروج في عطلة ربيعية ، لكن هذه المرة جاءت وقت الصيام ، ربما سيساهم ذلك في مراجعة كل برلماني نفسه ويعود لضميره ليراجعه أو يعمل على تقوية ايمانه من أجل أن يعمل على تغيير ما فسد في ممارسته السابقة للفعل البرلماني والتراجع أو التخلي عن مهمة “التمثيل “والتشبث فقط بالامتيازات المادية والمعنوية والمرتبة الاجتماعية التي تمنحه له تلك المرتبة البرلمانية في سلم السلطة . ولن يكون الصراع سهلا بين من له حرقة على هذا الوطن ومن يعتبر المسألة برمتها لعبة سياسية لا غير.
وكما هو معلوم فإن اختتام دورات البرلمان في كل الأنظمة البرلمانية هي محطات لتقديم الحصيلة ووضع برامج مستقبلية على اساسها يتم ترتيب الخطوط العريضة لجدول العمل للدورة القادمة، والتأكيد على أهمية العمل التشريعي لا تحتاج لذلك لأن التشريع – الدور الأساسي للبرلمان – هو شريان حيوي لحياة كل مؤسسة الدولة وأساس ضروري للسير العادي للمرور للمواطن وتطوير البلاد وتوزيع ونشر كل ما هو حيوي لإنعاش الوطن ومن فيه من حيوات بشرية وبيئية وحيوانية، وخيرات معدنية وفلاحية وصناعية من شأنها كلها ، لما تجد الإنصاف والدعم القانوني والسياسي والاقتصادي وتوزيعها بشكل متساو وعادل، وذلك كله من أجل أن تعطي الكثير وتستزيد من جهودها وتكثر من خيراتها جراء ما توفره الإرادات السياسية لتنمية العالم القروي والحفاظ على ساكنته حتى لا يحزم كل حوائجه ويهجر للمدينة لتصير قرية كبرى وتتفاقم فيها ظروف الحياة اليومية وتتزايد البطالة والجريمة وكل الظواهر الاجتماعية والاقتصادية ،التي تترتب عن ذلك. كل هذا من خلال التركيز على القطب الأساس لتمتين أسس الدولة ومن خلال ذلك بنية المواطن الذهنية والجسدية وفق اتجاه تطوير قدراته الفكرية والمعرفية من أجل الابتكار والإبداع ليساهم في تطوير نفسه ومحيطه وكل الجوار والعمل على إيجاد مكان له في هذا العالم الذي يسير بسرعة الضوء والذي لا يترك مكانا لمن يتباطآ أو يتكاسل أو يبقى في مكانه أو يتراجع ، فعجلة التطور الى الأفضل هي الهدف ومن الأهداف الكبرى التي من خلالها نجد كل حاجياتنا الضرورية والترفيهية متوفرة ، لكن بالعمل والاجتهاد وعدم الاستبداد في التمسك بالمصلحة والاستفراد بها، بل بتوسيع وتوزيع ومشاركة المنافع ومد جسور التعاون بين كل المجتمعات دون تمييز ، طبعا في حدود الاحترام المتبادل من أجل غد أفضل للجميع. لذا كان على البرلمان المغربي خلال مسيرته العملية أن يجد سبيلا عمليا لتوسيع قدراته واختصاصاته على تمتين أسس الديموقراطية والتي يفهمها الشعب المغربي في أمور بسيطة تتجلى في الرقي به في التعامل اليومي معه من خلال معيشته الذي تدهورت بشكل ومضمون غير مسبوقين، لدرجة أن الغلاء أصبح بنية متحركة كالنار في الهشيم، وأردت القدرة الشرائية المتبقية للمواطنين ذوي الدخل الضعيف والعمال الموسميين، مثل كائنات بين منزلتين: الموت والحياة. كما كان على البرلمان، هذا الكائن السياسي ، أن يكون محطة منها تنطلق موجة التغيير وسط هذه البركة السياسية الراكدة ، من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان والتقدم بمقترحات من شأنها مراجعة أساسية للسياسة العامة للحكومة، لدفعها والضغط عليها بشكل يجعلها تنظر بجدية لما يجري في البلاد من تفاوت اجتماعي واقتصادي وفوارق صارخة بين الجهات والمدن والالتفات للمناطق النائية التي ينقصها كل شيء من بنيات تعليمية وحياتية ومراكز استشفاء ومدارس وطرق تساعد الساكنة على التواصل مع العالم الخارجي.
والبرلمان ليس مؤسسة تشريعية فقط وآلية لتأييد المشاريع الحكومية دون التعمق في جدواها ومدى تغطيتها لكل الشرائح الاجتماعية والاقتصادية، كما انه ليس الية لرفع الأيدي والتأييد، بل هو لسان حال المحرومين ومحامي المظلومين والقاضي والأمين على مصالح الشعب والساهر على تيسير أموره مهما صعبت. لذا نعتقد أن البرلمان ليس مجرد مؤسسة تصادق على مشاريع القوانين والمقترحات القانونية، بل هو أيضا فاعل سياسي أساسي له مكانته في الساحة السياسية لأنه هو مجمع المكونات الحزبية والنقابية في البلاد التي تتخزل الفكر السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ونخبها.
إن العودة للتاريخ السياسي للبرلمانات عبر العالم ، تكشف أن كثيرا من التغييرات التي حدثت في المضمار السياسي تمت من خلال هذا الاختراع السياسي الذي هو البرلمان، ولست هنا محتاجا لتأكيد على هذا لأنبه نخبه على القيام بمسؤوليتهم البرلمانية على أحسن وجه ،ومعلوم أن الحكومة ما هي إلا تناج إرادتهم بحيث أن البرلمان هو الذي من شأنه أن تكون له الكلمة الأخيرة ، طبعا دون أن يستبد بها، لأن الدستور هو الذي ينظم العلاقة بين الحكومة والبرلمان ، وهذه العلاقة كلما كانت متوازنة ومتعاونة كلما كانت هناك سلاسة وتسريع في العمل المشترك بينهما والذي يمكن اختصاره في جملة واحدة وهي البحث عما يكون صالحا للمواطنين وحياتهم اليومية وما يفيد تنمية البلاد بشكل يقضي على البطالة والعوز ويرقى بالوطن لأعلى المراتب من بين الأمم. وعلى البرلمان مسؤولية كبرى في المساهمة مع كل الفاعلين والمثقفين والخبرات الوطنية والغيورة لوضع استراتيجيات متعددة الأوجه ومخططات سياسية وقانونية واقتصادية من شأنها أن تشكل خزانا منه تنهل النخب وتطعم الأجيال وتتداول من خلالها الأفكار والتخصصات وتتفرع منها كل أنواع المناعات التي تجعل من هذا الوطن في حماية لذاته ولمؤسساته حتى تظل الدولة المغربية صامدة في وجه كل التقلبات الجهوية والدولية التي كما نرى أصبحت لها اتجاهات عدائية ومهيمنة ومتربصة من كل طرف من دول العالم لغزوه إن سياسا او اقتصاديا وعسكريا ، كل هذا وارد في أجندة فاعلين سياسيين لهم القدرة السياسية والعسكرية والإعلامية
لذا ليس من مصلحة البرلمان أن يظل ذلك الحائط القصير الذي يسهل على الحكومة تجاوزه ، بل له كل الصلاحيات الدستورية ليعامل الحكومة ندا للند ، وأن يفرض شخصيته من خلال النقاش والتحليل والدراسة ذات مرجعيات علمية ومنطقية وبرهنة وبيانات إحصائية لا يجد الشك في مصداقيتها ولا ثغرة للتسرب منها ، مما يجعل الحكومة أمام مؤسسة لها موقفها الذي لا يمكن تجاوزه دستوريا وسياسيا ،وهنا لسنا ندعوا لخلق أزمة سياسية بل فقط “إعطاء لقيصر لقيصر وما لله لله”
إلا أن برلماننا مازالت نخبه ة حبيس نظرة ضيقة وتقليدية، وكأنها تعيد خطوات غيرها من الأجيال البرلمانية السابقة وإن كانت بعض النخب في مستوى عال من النقاش أمثال على يعتة وفتح الله ولعلو في المجال المالي واليازغي في المجال السياسي ولحبيب الفرقاني في المجال الديني وكثير ممن أعطوا للبرلمان زخما ومكانة مرموقة في الهرم السياسي المغربي ، إلا ان البرلمان في 20 سنة الأخيرة لم يضف ويجتهد في قراءة الدستور وتأويل مضامينه التي تتوفر على العديد من البوابات التي من خلالها إخراج العديد من الدرر التي تجعل من المؤسسة التشريعية المغربية رائدة في العمل التمثيلي وتوسع المجال السياسي لينتفع به كل الوطن والمواطنين. وعليه فمن الممكن أن يلجأ البرلمان لخدمات مكاتب الدراسات والأساتذة المختصين في كل المجالات والانفتاح على ذوي التجارب في مجال محدد لصياغة وتحديد مواقف واستنتاجات على أسس عملية وعلمية وتطبيقية وعينات ناجحة على الأرض، عوض أن يكتفي البرلمان بالتدخلات والتعقيبات والملاحظات التي تكتب على عجل من خارج البرلمان وفي ردهاته لتتم قراءتها بتلعثم وكان على برلمان الكبار أن يتعلم عن برلمان الأطفال الذي أقحم وزير التعليم وأعطاه درسا في كيفية طرح السؤال . إلا أن البرلمان المغربي يبدو وكأنه التصق بمكانته ومرجعيته تشده لمكان ثابت من سياسات ليست لها أرادات تقدمية لأنها تخشى أن تخسر مصالحها التي من دون الغطاء السياسي لا تستطيع البقاء في الحكومة .فهذا الوضع يبقي البلاد بدعم من البرلمان في حالة إخفاء لحقائق الأزمات المتتالية للحكومات على مر الزمن السياسي ، وكان المعتقد أن البرلمان هو من يصنع السياسات، والحال انه غير ذلك تماما فهو كائن سياسي من الممكن أن يكون ضبطت الياته للتحرك وفق ميكانيزمات تكاد تشبه عمل الروبوت . لذا فهو أقرب من حصان طروادة منه الى مؤسسة سياسية وتمثيلية، فصار بذلك البرلمان ساحة لنقاشات لا ترقى للمستوى السياسي المطلوب، والبرلمان إن لم يكن له سلطة معنوية وهيبة سياسية على الحكومة، لأن من المفروض أنه هو الناطق الرسمي لكل مكونات الشعب المغربي وعليه وجب أن يكون شغله الشاغل هي القضايا الوطنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية وغيرها. وليس مسموحا له أبدا أن يكون كعجلة تسيره الحكومة انا رغبت ، بل لابد أن يتخلص من عقدة التبعية الحكومية ، فهو سلكة متكاملة الأركان وفق الدستور ، سلطة تشريعية اما الحكومة فهي كذلك سلطة لكنها فقط تنفيذية ، والمشرع الدستوري لما فصل بين التشريع والتنفيذ ليس فصلا عبثيا .اكيد أن البرلمان ليس له عصا سحرية ولكن له قدرات الاقتراح والرفض ، والمساءلة بل له إن استقر امره على إسقاط الحكومة لن يتردد في ذلك ، لأنه في الأصل هو من أوصل الفريق الحكومي لسدة الحكم بأغلبيته ، ومنحها صك الموافقة على برنامجها الذي تقدمت به أمامه.
لحد الأن مازال البرلمان مكان لكلام الليل الذي يمحوه الصباح، وليس لسان حال الشعب ومكوناته الحزبية وضميره الحي لبناء مواقف الدولة ومشاريعها السياسية والاقتصادية والثقافية والاستراتيجية في كل المجالات والملاحظ أن البرلمان قد تقلص دوره بالرغم من ثنائية غرفتيه، هذه الثنائية التي لم تضف لقوته شيئا يذكر سوى تلك المناقشات المتكررة والتي ليست ذات جدوى. إن السرعة التي يسير بها الزمن السياسي ليست هي سرعة البرلمان المغربي والحكومة معا، لذا وجب حلحلة الوضع السياسي المغربي بمحركات” ذات خيول قوية “وليس الركن لحيلة حصان طروادة للدخول لعالم الذكاء الاصطناعي دون الذكاء السياسي الذي وجب أن يسبق كل التطورات ويخضعها ل “مطحنة” الفكر المستقبلي ويخضعها لما هو أفيد لبلادنا.
فالوضع الحالي للبرلمان لن يكون مؤسسة رائدة وقوة سياسية طلائعية خاصة وأن الوضع السياسي العام أصبح منذ عهود لا يتوفر على الأسباب التي تحركه بقدر ما طغت عليه ممارسة أساليب الترقيع والاكتفاء بما وبمن حضر، دون بذل أي مجهود يذكر للبحث والتعب والانفتاح على المكونات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمزيد من المعرفة للساحة السياسية وما تتطلبه من تغييرات وتطورات وتجديدات ، فالطبقة السياسية التي جعلت من البرلمان المغربي شبيها لأسطورة حصان طروادة لن تنطلي على الشعب المغربي لزمن أطول ، فلابد من إيجاد عملية سياسية صادقة تؤسس على أكتاف أبناء الوطن ووفق رغباتهم وطموحاتهم ، وبناء مؤسسة برلمانية قائمة الذات لها كل مقومات السلطة التشريعية عبر العالم الديموقراطي ، وتحصين الدولة المغربية من كل النقاط السوداء التي تضعف قوتها ومناعتها خاصة وان الوضع السياسي الدولي يتسم بالاضطرابات والتوترات التي من شأنها أن تزعزع كل الكيانات الهشة وترديها كوحدات تابعة لهيمنتها . وهكذا ومن الأن وجب الشروع في التخلي من اعتبار مؤسسة البرلمان عبارة عن خدعة سياسية تتحلق حوله مجموعة ذوي المصالح الخاصة وطبقة من برجوازية تستعمل هذه المؤسسة لخدمة مصالحها وحمايتها والتهرب من الضرائب وراء رفع لافته الحصانة البرلمانية التي تفهم لديهم بالغلط لأنهم لا يفقهون في جلهم، في الأعمال الإعدادية للمشرع وفي روح القوانين. والبرلمان إن استطاعت النخب السياسية أن تقدمه في الساحة السياسية على أنه لعبة سياسية والية لتكريس وجه الديموقراطية باستعارة طريقة حصان طروادة ن، فإن هذه الحيلة إن انطلت لزمن ما فإن الشعب المغربي قد استفاق من غيبته.
لذا لن تنفع الحيل والتي تقوم باستعمال البرلمان كواجهة للديموقراطية، لأن حقيقة الوضع السياسي المغربي وعالم اليوم على ضوء الذكاء الاصطناعي وسرعة المعلومات وتوفرها، ومن خلال واقع متردي المرآة لوجود او عدم وجود الديموقراطية، التي تظل وسائل الإعلام الرسمية وكل الأوركسترا التابعة لها تملأ الفضاء الإعلامي بذلك ، وتزيد في كثافة الضبابية في المشهد السياسي الذي يزيد تعقيدا لفهم مخرجاته ومدخلاته.
والأكيد، كخلاصة، هو غياب الإرادة السياسية لدى جل المكونات السياسية ،أو وقوف الجهات المستفيدة من الوضع السياسي كحجرة عثرة ،وما ينتج عنه من امتيازات اقتصادية واستمراريتها .تلك الطبقة الثرية والمحظوظة والوصولية ، لذلك لا يمكن أن تكون تلك القوى ومواليها واتباعها ، أن تكون هي الفاعلة في تحريك الفعل السياسي من أجل تغييره نحو إقامة بنية برلمانية على أسسها الصحيحة حتى تساهم تلك البنية في الدفع قدما لتمثيلية فعلية عوض الاختباء وراء أشكال برلمانية جوفاء لا تنبض بنبضات الشعب وطبقاته المحرومة وتفكر بما تفكر وفيما تفكر تلك الفئات التي يضغط عليها الواقع اليومي بمشاكل ، من الممكن أن تساهم السياسة والبرلمان والحكومة وكل الفاعلين في المجال السياسي والاقتصادي على حلها.