يعيش قطاع الصحة في المغرب على وقع تصعيد غير مسبوق في وتيرة الاحتجاجات التي يقودها مهنيو وموظفو وتقنيو القطاع منذ دجنبر الماضي. إذ قرر التنسيق النقابي تمديد اضرابه لمدة أسبوعين إضافيين كرد فعل مباشر وحازم على التدخل الأمني العنيف في حق المحتجين الذين نظموا مسيرة وطنية الأربعاء الأخير بالرباط . وهو التدخل الذي أسفر عن العديد من الاعتقالات والاصابات في صفوف المحتجين.

إذن ما الذي يحدث بالقطاع؟ ولم تطور الأمر إلى ما هو عليه الآن؟

لنجد جوابا على تساؤلاتنا، يجب أن نعود قليلا للخلف، وبالضبط للتاسع والعشرين من دجنبر الماضي، وهو التاريخ الذي وقعت فيه وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وبعض نقابات القطاع على اتفاق كان بمقدوره أن يعيد التوازن للقطاع وأيضا كان له بشكل من الاشكال أن يحفظ كرامة كل من يشتغل داخل المستشفيات المغربية باختلاف المسمى الوظيفي. فقد نص الاتفاق على مجموعة من النقط الجوهرية أهمها:

• زيادة 1500 درهم صافية للممرضين وتقنيي الصحة، و1200 درهم صافية للموظفين الإداريين والتقنيين. (الاتفاق الموقع لم ينص على المبلغ بالضبط، لكن تصريحات النقابيين أكدت أن هذا ما تم الاتفاق حوله).
• إحداث درجة جديدة لكل فئات مهنيي الصحة سنة 2025
• تحسين شروط الترقية لكل مهنيي قطاع الصحة.
• الحفاظ على جميع المكتسبات السابقة بما فيها صفة الموظف العمومي…

هذه النقط وغيرها مما تضمنه الاتفاق تم رفعها حينها لرئيس الحكومة من أجل التأشير على تنزيلها، وهو الأمر الذي لم يحدث ليومنا هذا دون أن تكلف رئاسة الحكومة نفسها عناء تبرير هذا التأخير وهذا الصمت عير المفهوم، الذي يدفع ثمنه المواطن المغربي الفاقد لحقه في الاستشفاء.

الغربب في الأمر أن حكومتنا الكريمة لا تستفيد من الدروس، ولا درس أقرب وأعمق وأوضح مما حدث في قطاع التعليم قبيل أشهر قليلة لحظة قررت الوزارة المعنية أن تقابل مطالب رجال ونساء التعليم بنوع من التشكيك والسخرية، ما قادنا إلى شلل تام بالمدارس العمومية.  وهو السيناريو الذي يتكرر بصيغة مشابهة في قطاع الصحة الذي وصل اليوم إلى شلل شبه تام بالمستشفيات العمومية، والخوف كل الخوف أن يصل الأمر ليشمل الاضراب العاملين بالمستعجلات. حينها سنكون أمام كارثة إنسانية سيتحمل عواقبها الجميع. لذلك فالمفروض في الحكومة وبشكل مستعجل لتبرير موقفها بخصوص اتفاق 29 دجنبر، سواء تعلق الأمر بتأجيل تنزيله إلى 2025 أو 2026 أو تعلق الأمر بمساومة ما تجري في الكواليس لتمرير بعض النصوص التنظيمية التي تهدف إلى إعادة هيكلة الصيغة الوظيفية للعاملين في القطاع.

نقصد القول أن ما يحتاجه القطاع الآن هو الوضوح بدل هذه الضبابية التي تقودنا للمجهول.